أكدّ المحور الإيراني نفوذه في كلّ من العراق، وسوريا، ولبنان. حصد رئيس الوزراء نوري المالكي 92 نائباً في الإنتخابات الأخيرة. أمَّن الرئيس بشّار الأسد إستمراريته لولاية ثالثة. نجح «حزب الله» في الإمساك بزمام الإستحقاق الرئاسي.
باع الأميركي المحور الآخر من كيسه، جاء وزير الخارجيّة جون كيري الى بيروت، ليؤكد أنّ ليس لدى إدارته لغاية الآن، رئيس غبّ الطلب، والإستحقاق متروك على همّة اللبنانيّين، وأعطى الإنتخابات السوريّة علامة الصفر، فيما أثنى على الإنتخابات العراقيّة.
لم يكن حلفاؤه الإقليميّون ممتنّين. حكومة المصلحة الوطنيّة لم تتمكن لغاية الآن من تطبيق «إعلان بعبدا»، وسحب مقاتلي «حزب الله» من سوريا. والمهزلة، كما وصفت الإنتخابات السورية، لم تمنع دولاً كثيرة من التعاطي مع النظام. والمالكي يعود الى المجلس النيابي على رأس أكبر كتلة برلمانيّة. قرَّر المحور المناوئ لإيران تغيير المعادلة ومواجهة الإنتصارات السياسيّة بأخرى ميدانيّة، إنفجر الوضع الأمني في الموصل تحت شعار «ثورة السنّة». عادت جبهة القلمون الى الواجهة. وعاد الإرهاب يضرب في الساحة اللبنانية. المطلوب تحقيق إنجازات أمنية على الأرض، لحمل النظامين السوري والعراقي على الدخول في تسوية يفرضها هذا المحور.
الرئيس باراك أوباما حسَمها على عجل: «لا يوجد معارضة معتدلة قادرة على هزيمة الأسد». أربَك هذا الموقف الحلفاء الخليجيّين، عاد الأمير سعود الفيصل يتحدّث مع الروس حول بيان جنيف – 1 أساساً للتسوية، وعن حكومة وحدة وطنية في العراق من دون المالكي، لكنّ مثل هذه المعادلة تحتاج الى تغيير موازين القوى على الأرض، وما يحصل لا يصبّ في هذا الإتجاه. الإدارة الأميركيّة منزعجة من الإنفتاح السعودي على روسيا والصين، ومفاوضاتها السريّة مع طهران في جنيف، واعدة.
الإتفاق النهائي على البرنامج النووي بدأ صوغه، وتبدأ معه صفحة جديدة من العلاقات مع مجموعة (5 + 1). زيارة كيري المفاجئة الى القاهرة بُعَيد القمة المصريّة – السعوديّة على متن الطائرة الملكيّة، وفي حضور الأمير بندر، كانت تحذيريّة، وحملت نصيحة بعدم تورّط مصر في الرمال اللبنانية – السوريّة – العراقيّة المتحرّكة. لينتقل بعدها كيري الى العراق ليرسم معالم الدور الأميركي وحدود التدخل المخابراتي والعسكري.
الدعوة الأميركيّة الى قيام حكومة وحدة وطنيّة عراقيّة، لم تكن صادقة، بل بمثابة ذرّ الرماد في عيون الحلفاء الخليجيّين، وسرعان ما ردّت طهران بلسان المالكي رافضة هذه الدعوة: «المكاسب الإيرانيّة التي تحقَّقت في العراق وسوريا ولبنان لا يمكن التفريط بها. ومدّ جسور الحوار مع السعوديّة يكون من خارج هذه الحسابات. ومَن يراهن على الإنجازات التي حقّقتها «الداعشيّة» في الموصل عليه أن يتوقع حرباً سنّية – سنّية داخل هذا الإقليم ما بين العشائر والداعشيّين، وما بين السنّة العراقيّة، والأخرى الدخيلة والمستورَدة، وما بين سنّة الإعتدال والتطرف؟!».
في لبنان تبدو الحسابات إمتدادات… محاولات إستهداف اللواء عبّاس إبراهيم، تعكس وجهاً من النزاع السعودي – القطري، إنّه الشخصيّة المحوريّة، خصوصاً بعد الإفراج عن رهائن أعزاز وراهبات معلولا. كما تهدف الى إشعال الفتنة الشيعيّة – السنّية على الساحة بهدف تأجيجها في كلّ من العراق وسوريا، والى تعطيل بنك المعلومات الذي يملكه جهاز الأمن العام، وبالتالي تعطيل الأهداف. ما حصل في فندق «دي روي» عرّى كثيرين من ورقة التوت، وكشف المستور عن العديد من أصحاب الأدوار، وتبيَّن أنّ هناك إصراراً، إذا إقتضت الضرورة، على التضحيّة بالحكومة والبلد لترجيح الكفّة في كلّ من سوريا والعراق، لكنّ كلمة السر الأميركيّة – الغربيّة قد أبلغت الى الرؤوس الحامية في الخليج: «حكومة المصلحة الوطنيّة خطّ أحمر؟!».