يحاول كُثر من السياسيين والصحافيين أن يرسموا ما ينشدون في رئيس الجمهورية المقبل العتيد. وفي تصوّر أو رسم هؤلاء هناك سماتٌ في هذا الرئيس أو ذاك، وفقَ ما تشتهي هذه الفرقة أو تلك. لكنّ القاعدة العامة عند الجميع، أو عند الغالبية، أنّها تعرف أو تستشعر أنّ المطلوب، أو أنّ غير المقدور عليه: رئيسٌ قادرٌ على التوفيق بين ممارسة ديموقراطية تحفَظ هيبة الدولة أو شكلَها، وبين مكافحة التطرّف من أيّ جهة أتى، وذلك من غير إضعاف السياسة.
في هذا المعنى يصبح الرئيسُ الراديكالي على شاكلة بشّار الأسد وراوول كاسترو، مروراً بمن سبقوا من الذين يمتطون الأهواء الجماهيرية مثل عمر البشير، غيرَ مرغوب فيه، ذلك أنّ البلد وتركيباته الأهلية لا تتحمَّل مثل هذا النوع من القادة والرؤساء.
كما أنّ أيّ رئيسٍ يفهم السياسة مقايضةً بين المال وبين التبادل الاقتصادي لنموّ الدول، ومشدودٍ إلى الغرب عموماً والولايات المتحدة الأميركية خصوصاً، مصيرُه الفشل، وما حصل في أفغانستان وباكستان أصدقُ إنباء.
واستطراداً، يمكن قراءة التجارب في بعض دول أميركا اللاتينية وإيران أيضاً. فالقمع وسيطرة الطبقة الحاكمة ومصادرة حقّ التعبير من جانب الرؤساء لا يؤسِّس إلّا لتحرّكات داخلية قد تفضي إلى نزاعات أهلية وداخلية.
وعليه، يصبح السؤال المُلِحّ: مَن هو الرئيس المطلوب؟ أو بالتعبير الأصحّ: من هو الرئيس الذي يمكنه إدارة البلاد بأقلّ الخسائر. والمَرجوّ في هذا السياق بعيدٌ كلّ البعد عن وَهم حلم التدخّل الخارجي.
في هذا السياق، يمكن القول إنّ المأمول هو وصول رئيس من طراز فؤاد شهاب من دون المكتب الثاني، أو فلاديمير بوتين من دون حروبه الشيشانية وعقله الإستخباري، بمعنى ما، رئيسٌ على درجة من القوّة والتحديث ومباشرة السياسة بوصفِها علمَ بناءِ الدول، وليست استعراضاً للقوّة.
وإذا كان المطلوب، أو أنّ أمر الواقع يفرض محاورة «حزب الله» حول سلاحه، فالأهلية السياسية تفترض إنجاز الأمر من دون إراقة دماء وإشعار فئة بعينها أنّها مغبونة في تركيبات النظام والواقع الأهلي.
إذاً، المعادلة تقع عند حدّين: الأوّل، رذلُ زفرات الإعجاب الجماهيري التي تُطلقها الجماهير مع كلّ حديث لزعيمها، فيما يقع الحَدّ الثاني عند الشروع بشيء من القمع الممسوك بالسياسة.