Site icon IMLebanon

«حماس».. الصمود لفك الحصار عنها وعن غزّة

 

غزّة. «البحر من أمامها، والعدو من ورائها ومن فوقها». قدر غزّة والغزّاويين، أن يكونوا محاصَرين، كل شيء يصلهم بالتقسيط إلاّ الموت. لا طريق أمامهم إلاّ القتال. يكتب الغزّاويون حرّيتهم بدمائهم كما لم يكتبه شعب آخر. المساحة الصغيرة والكثافة السكانية تقيّدان الغزّاويين خصوصاً المقاتلين منهم، وتدفعان ضريبة الدماء.

دخلت حركة «حماس» المعركة، طلباً لفك الحصار عنها أساساً، وعن الغزّاويين بعد المواجهة العسكرية. فقدت «حماس» في سنة كل تحالفاتها. إيران ومصر ودمشق. خسرت المال والسلاح والدعم السياسي. لم يعد بإمكان «حماس» الصبر، فضربت «الحائط» بصدور مقاتليها. بعد المعارك البرّية، نجحت «حماس» في التعادل بالقتال. الجو للإسرائيلي والأرض لها. هذا التعادل يمنع إسرائيل من الحسم. ليس أمام «حماس» سوى الصبر والصمود، والإثبات بأنّها قادرة على إلحاق الخسائر بالجيش الإسرائيلي، ومحاصرة الإسرائيليين برعب الصواريخ. كل قتال يرفع رصيد «حماس» في المفاوضات لإقرار وقف إطلاق النار. علّت «حماس» سقف مطالبها، للحصول على أقصى ما يمكنها تحصيله. من الظلم أن يبقى الغزّاويون محاصرين. كل رغيف خبز يتحصّلون عليه ثمنه معاناة يتعب العناء من عنائه. حتى ولو كانت كلفة الصمود عالية جداً، فإنّ الحصول على بعض الحرّية في العيش بكرامة يستحق ذلك. امّا أن تنجح «حماس» في استعادة تضامن الحلفاء القدامى معها خصوصاً إيران، يدخل ضمن معادلات سياسية الثابت منها استثناء. من المهم معرفة جواب إيران والممانعين على «عرض» «حماس« في المقاومة وهل الممانعون خصوصاً إيران يرفضون عدم الفصل بين مقاومة «حماس» ومعارضتها للأسد، حتى ولو كان الثمن التضحية بـ»حماس»؟

إسرائيل، أشعلت معركة «الجرف الصامد»، وهي تعرف أنّ «حماس» محاصَرة، ولذلك تريد تضييق الحصار عليها دون خنقها. قتل «حماس» يعني حُكماً تحوّل غزّة إلى أرض مزروعة بالفوضى أو بالراديكاليين مثل «الجهاد». تريد إسرائيل فرض «الهدوء» على الحدود بينها وبين غزّة لفترة طويلة، والأهم تدمير الأنفاق التي بدأت حلاً معيشياً وتحوّلت بعد تطويرها إلى خطوط إمداد للسلاح وللمقاتلين الذين يتدرّبون في الخارج والذين يثبتون من وقائع الميدان أنّهم كسبوا خبرة واسعة وحقيقية. الأهم لإسرائيل أن تكون الكلفة البشرية التي تدفعها وستدفعها واقعية، وإلاّ فإنّ ردّة الفعل الشعبية لن ترحم أحداً من الأحزاب والقوى السياسية الإسرائيلية.

مصر السيسي محرجة جداً. في الوقت الذي تستعد فيه لانطلاق دورها العربي، تحاصرها غزّة و»حماس». لا تريد مصر تركيع غزّة وإنّما «حماس»، لأنّها محاصَرة بالإرهاب الأصولي. يهم مصر أن لا تحقّق «حماس» أي إنجاز سياسي. كل يوم تقاتل فيه «حماس» يصعّب على مصر مهمّتها. على «حماس» إثبات طلاقها الشرعي مع كل ما يلحق بمصر الأذى، لأنّه في النهاية لا منفذ لغزّة نحو الخارج سوى مصر، التي تبقى «مفتاح» استعادة موقعها في فلسطين.

إيران والممانعون، الخطاب العالي الصدى لا ينتج سوى الخيبة. القنابل الصوتية ينتهي مفعولها مع انفجارها. ليس لدى إيران والممانعين ما يقدّمونه لغزّة و»حماس» سوى الدعم الخطابي. القطاع 1701 في لبنان ساكن وهادئ ولا أحد يرغب بكسر سكونه. «حزب الله» مشغول بمعاركه في القلمون. الجنرال قاسم سليماني غارق في العراق وسوريا واليمن، ولا يبدو انه مستعد لعمل أي شيء لنصرة «حماس»، خصوصاً أنّ القيادة الإيرانية تنتظر متابعة «حماس» للحرب، لتشريع طلبها بعودة العلاقة بينهما. إيران تريد أيضاً استثمار الحرب على طاولة المفاوضات مع الأميركيين. لذلك لا تبدو طهران مستعجلة على نهاية الحرب. الكلفة لا تعنيها، السلاح يمكن تعويضه، والخسائر البشرية عماد «الخط الحسيني الاستشهادي«.

تبقى الولايات المتحدة الأميركية التي تتابع الإدارة الأوبامية استثمار كل الصراعات والمواجهات بالتدخّل السلبي. يهمّ واشنطن أن يصرخ الإسرائيليون والفلسطينيون من التعب، لتكون كلفة الحل من «كيسهم».

في مواجهة النار والدماء في غزّة، لا موقف إلاّ موقف الشراكة الكاملة مع الغزّاويين والمقاتلين مهما كانت «هويّاتهم». لكن يجب أن لا تغيب سوريا عن الواجهة حيث الأسد يقتل يومياً من الشعب السوري أضعافاً مضاعفة مما يقتل الإسرائيليون من الفلسطينيين علماّ أنّ إسرائيل عدو إلى أبد الآبدين، والأسد رئيس سوريا بالقوّة إلى حين!