Site icon IMLebanon

ختم العصر الذهبي لآل كرامي… «بشمعهم الأحمر»

يقول محبّو الرئيس الشهيد رشيد كرامي انهم تمنّوا في مناسبة الذكرى 27 على غيابه لَو عمل الوزير فيصل كرامي على إعادة رفع تمثال عبد الحميد كرامي وسط ساحة «الله» بعدما استبدل تمثاله بكلمة «الله». وكان المجتمع المدني قد طالب مراراً بإزالة الكلمة على رغم احترامهم لمعناها الجوهري بعدما استغلّت، لتصبح كحائط تحدٍّ يُعتمد عليه للتجمّع والتستر خلفه وجعله نقطة انطلاق على أثر كلّ معركة من معارك طرابلس.

وكان الأولى بفيصل كرامي ولمنظمي المهرجان أن يصرفوا الأموال على انشاء متحف خاص بالشهيد الكبير وعرض أغراضه الخاصة واقواله ومنجزاته الوطنية وأسرار مساعيه التوافقية على العلن وأمام شعب لبنان وابناء مدينته، كي يتمكن محبّوه من الترحّم عليه بدل الترحم على أمجاد آل كرامي الذهبية التي ولّت.

لم يوفّق فيصل كرامي باستحضار ذكرى استشهاد عمه أمس على رغم الحشد الاعلامي والتعبئة منذ ايام في شوارع طرابلس لإنجاح المهرجان. فقد فشل المنظمون في حشد العدد المتوقع من المواطنين للمشاركة في الذكرى وذلك لأسباب عدة، من أبرزها أن المموّلين للحشد كانوا الحلفاء من فريق الثامن من آذار لا سيما «حزب الله» الذي دعم هذا المشروع مادياً ومعنوياً. الّا انّ الحساب في «الحقل لم يطابق حساب البيدر». فلم يتحمّس سوى بعض الشباب الذين حملوا أعلاماً ويافطات على ظهور «البيكآبات» القليلة وهم يجوبون شوارع طرابلس قبل يومين، وقد تجنب المنظمون اقامة المهرجان في معرض رشيد كرامي لعلمهم بعدم قدرتهم على الحشد، فاعتمدوا قصر «كرم القلة» لحصر عدد المشاركين بالمكان.

العزم والسعادة يحشد

ويقول المراقبون إنه لو علم «الرشيد» انّ آل كرامي لن يستطيعوا بعد 27 سنة على استشهاده حشد بضع مئات في ساحة القلة في طرابلس وانه سيستعان بآل ميقاتي وشباب العزم والسعادة لملء الكراسي البيض، لكان اختار ان تستبدل تلك الخطابات بصلاة متواضعة على قبره كما كان يحصل كل عام. وخصوصاً انّ آل كرامي لم يعترفوا يوماً ولم يقرّوا بأنّ الزعامة تليق بأحد غيرهم لا سيما الرئيس ميقاتي.

ولولا الاستعانة أمس بشباب العزم والسعادة الذين لبّوا نداء الرئيس ميقاتي لملء الكراسي الخالية، لكان الحفل، الذي حشد له منذ اسابيع، قد مني بفشل ذريع وبخيبة امل كبيرة لفيصل كرامي وللموالين.

وفيما يصرّ الوزير فيصل كرامي على الايحاء انّ العاطفة الكبيرة التي يكنّها اهل طرابلس للراحل الكبير هي التي دفعت بأبناء طرابلس الى التحرك، خصوصاً بعد ترشّح الدكتور سمير جعجع الى رئاسة الجمهورية، ليعيد الى المدينة ذكريات قديمة بعدما كانت تعيش في عزّ خلال ايام رشيد كرامي وقد فقدت عزّها والكثير من دورها بعد غيابه، استنكرت أوساط شمالية بشدة هذا الكلام، معتبرةً انّ ايام العز لم يفقدها آل كرامي سوى بسببب خياراتهم السياسية وغير التوافقية التي انتهجها الوزير السابق وما زال ينتهجها اليوم، وهي برأي فعاليات طرابلسية لا تخدمه بل تسيء الى ذكرى الرئيس الراحل الذي عرف بوطنيته وأخلاقه العالية، لا سيما بعد الكلمات التي أطلقت أمس والتي لا تعبّر حقيقة عن النهج والروح والنفس السياسي الغالب اليوم في عاصمة الشمال.

أمّا بالنسبة للوزير السابق فيصل كرامي فهو يحاول التعلّق بحبال الهواء لتصدّر الواجهة السياسية مجدداً، بعد أن خَفت نجم عائلة آل كرامي لعدة اسباب، وخياراته السياسية من اهمها، إن لم نقل ابرزها.

الثلاثية القاتلة

أما ابرز اسباب غياب آل كرامي، فهي ظهور الثلاثية السنية الطرابلسية

القاتلة لهم بعد العام 2005 بظهور الصقور الجدد والمتمثلة بالحالة «الحريرية» و»الميقاتية» و»الريفية».

وفي الوقت الذي يحاول فيه ابن «الافندي» استغلال حادثة استشهاد عمه للتعبئة الشعبية السنية مجدداً، وفي محاولة اخيرة لاستنهاض أمجاد آل كرامي، يؤكد المراقبون بحتمية فشلها، ويصنفون اللغة التي اتبعها وما زال وفي هذه اللحظة السياسية بالتحديد غير ملائمة وغير مؤاتية في ظل نجاح الخطة الامنية في طرابلس فيما لم تعد حفنة من اليافطات من هنا او هناك تؤثر على القرار الكبير المتخذ بشأن «كَفّ اللعب على الساحة الشمالية»، وهي لن تعيد الى الواجهة السياسية مجدداً عصر آل كرامي الذهبي الذي ولّى بسبب الخيارات السياسية المحصورة بفريق واحد من العائلة وليس بالعائلة مجتمعة.

الخلاف العائلي

والجدير ذكره انّ الخلافات الكرامية داخل العائلة الواحدة والبيت الواحد، وان كان يعلمها جميع أبناء طرابلس بدأت تتظهّر للعلن وابرزها صراع العائلة مع الوزير السابق والنائب الحالي احمد كرامي وخلاف الرئيس عمر وابنه فيصل كرامي مع اخيه معن، وليس آخرها على سبيل الحصر محاولة الوزير فيصل كرامي الاستيلاء على ادارة جامعة المنار التابعة للعائلة بعد محاولته إقصاء عمّه معن وعائلته عن مجلس ادارتها. معن كرامي الذي يذكره اللبنانيون جيداً بعد رفضه في وقت من الاوقات السياسة الذي انتهجها الرئيس عمر كرامي وابن اخيه فيصل، حين رفض دخوله في حكومة نجيب ميقاتي واحتسابه على فريق «حزب الله» الذي قدّم له المقعد الشيعي.

وعلى رغم استغراب البعض عدم مشاركة الرئيس ميقاتي وحليفه احمد كرامي في حضور المهرجان شخصيّاً، فقد فهم البعض الآخر انّ مساهمة الاوّل قدمت «ليس محّبة بعلي انما نكاية بعمر»، امّا الثاني ويقصد به النائب احمد كرامي فهو ما يزال حتى الساعة ينتظر المصالحة الموعودة لتجمعه مع العائلة منذ اختياره الانضمام الى ميقاتي، فقاطعته عائلته، لا سيما عائلة الرئيس عمر كرامي. وبعد محاولات يائسة لميقاتي والصفدي لإتمام المصالحة وخصوصاً بعد الانتكاسة الصحية للرئيس عمر كرامي، الّا انهما لم يفلحا حتى الساعة في تحقيقها.

أجواء طرابلسية

وتساءلت اوساط شمالية رفيعة عن الانجازات التي حققها الوزير كرامي في عهده وعمّا فعله لطرابلس على الصعيد الخدماتي والسياسي في الوقت الذي لعب الحريري وميقاتي والصفدي والريفي الدور الاهم والأبرز على جميع الأصعدة في عاصمة الشمال، والمشاريع الانمائية والاجتماعية والرياضية الناشطة على قدم وساق في مدينة طرابلس خير دليل على هذه الانجازات

كرامي يستعين بالألوان!

واعتبرت الأوساط إنّ الطلّة الشبابية الحديثة التي تميزت بها اطلالة الوزير السابق فيصل كرامي أمس لم تترجم معناها. ولم تتوفق استعانته بالالوان لتجميلها بل زادت من حدتها ورجعيتها لتعطي انطباعاً صفراوياً شبيهاً بألوان الشكل الخارجي والداخلي لمضمون الخطاب وحدّته، فيما لم تتوقف المساعدات والنفقات الصفراوية بحشد الآلاف من ابناء طرابلس الجريحة التي بدأت تقرأ في كتاب مختلف عن كتاب فيصل، بعدما حزمت أمرها واختارت لقاءات المصالحة، كتلك التي حصلت عفوياً حين صعد ابناء التبانة ليلاقوا أبناء جبل محسن، كذلك بعد نجاح الخطة الامنية التي أسّست للانشطة والخطابات الوطنية التي وُفّق بها الراحل رشيد كرامي فيما لم يوفّق ابن اخيه من الاستعانة بها، وخصوصاً حين اختار محاربة الفساتين الحمراء بدل محاورة العقول البيضاء.

غياب الصف الاول

بالإضافة الى غياب الزعيمين الطرابلسيين الصفدي وميقاتي شخصيّاً عن حضور الحفل، فقد سجّل المراقبون ايضاً غياب الرئيس عمر كرامي عن حضور الحفل وغياب اخيه معن والوزير السابق احمد كرامي وابن طرابلس ايضاً وزير العدل اشرف ريفي.

وقال النائب احمد فتفت لـ»الجمهورية» انّ «الكلام الذي قيل في ذكرى الراحل الكبير هو كلام سيْئ ومؤسف جداً، وهو يسيء الى ذكرى رشيد كرامي ولا يخدمها، وهو كلام غير مسؤول على المستوى الوطني».

في المشهد العام يقرّ المراقبون بفشل ذريع لآل كرامي في حشد الانصار السابقين مجدداً ولم يضف احتفال الامس سوى اخفاق إضافي في سجل انجازاتهم السياسية منذ ربع قرن، أي منذ رحيل «الرشيد». ويقول العارفون من اهل البلد انه ربما غاب من غاب من العائلة عن حضور الاحتفال لعلمهم انّ المنظّم والمموّل هو نفسه ولا علاقة للعائلة به، فيما الانصار الذين شاركوا لم يكونوا سوى من شباب العزم والسعادة وليس من أتباع آل كرامي.

امّا ماذا فعل فيصل كرامي لطرابلس وللبنان فتقول اوساط طرابلسية عتيقة انّ فيصل كرامي يدأب على استذكار أمجاد آل كرامي الزائلة التي برأيهم لن تعود كما كانت في الامس البعيد، ولَو استعان باللون الاحمر لتهييج المواطنين! والاصفر لتمويل عودته الى الواجهة السياسية… التي وإن استعمل لأجلها الالوان كلّها فهي لن تعود…