Site icon IMLebanon

ليس بالصلاة وحدَها…

 

صادقٌ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في دعوة النواب المسيحيين إلى خلوة روحية. لقد اكتشف مَن «مجدُ لبنان أُعطي له» أنّ أبناء الرعية لم يعد ينفع معهم إلا الصلاة، مع ثقته أنّه ليس بالصلاة وحدَها يحقِّق ما لم يستطِع تحقيقه بالوعظ والنَهْر ورفع السقف والصوت.

 

البطريرك الراعي يريد تحقيق شيء، أو فلنقُل: يريد تسجيل «بصمة»، كما فعل الأسلاف: من البطريرك الحويك الذي ترك بصمة في تحقيق «لبنان الكبير»، إلى البطريرك صفير الذي ترك بصمةً في تحقيق «الاستقلال الثاني». طرَح»الحياد»، وعينُه أن يقف على منبر الأمم المتحدة ليطالب به ويعود إلى لبنان وقد وضع اللُبنة الأولى لهذا «البناء»، لكنه وصل إلى قناعة أنّ هذا المشروع مستحيل التحقيق.

 

«قصة اللائحة»، ليست بدعة، سبق أن طُلِبَت من البطريرك صفير، بعد طول تردد، وَضع لائحة، لكن طالبيها كان لديهم اسمٌ واحد من خارج اللائحة، النائب مخايل الضاهر.

 

أحس البطريرك صفير بالخديعة، وأدرك أنّ مَن طلبوا اللائحة، كانوا يحاولون «تغليف» الديكتاتورية بغطاء من الديموقراطية. كأن التاريخ يعيد نفسه، مع بعض التعديلات «الطفيفة»، هناك لائحة لكنّها أوسع من لائحة صفير، ومطاطة، بكركي تنفي وجودها، لكن المطران انطوان بو نجم يحملها في جيبِ «جبّتِه»، وكلُّ مهتم يقرأ فيها ما يناسبه، على طريقة «قريلي هالمكتوب» في غنائية «قصيدة حب» للأخوين رحباني، والتي تتضمن ثلاث رسائل، فكل يقرأ الرسالة على ذوقه، ويلفظ الاسم الذي يناسبه، وهنا تقع الإشكالية الكبرى: لماذا هذا الاسم وليس غيره؟ مَن وضع معايير الأسماء؟ أي اسم حقيقي؟ وأي اسم للمناورة؟ النواب الموارنة الأربعة والثلاثون يسأل كلٌّ منهم: لماذا لا أكون أنا؟ والنواب المتبقون من المسيحيين والذين عددهم ثلاثون، يسأل كلٌّ منهم: ما دورنا بين الموارنة؟

 

ستفتقد الخلوة الأربعة الأقوياء الذين سبق أن جمعهم البطريرك الراعي قبل انتخابات 2016، الرئيسان ميشال عون وأمين الجميِّل، ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع ورئيس «تيار المردة» سليمان فرنجيه، لكن حضورهم سيبقى طاغياً، و»ملائكتهم حاضرة».

 

للأسف، لن تحقق الخلوة الروحية هدفها في تقريب القلوب والنفوس والعقول، فملف رئاسة الجمهورية أكثر تعقيداً من أن تحله خلوة وصلاة. هناك عقدة مفادها أنّ ثنائي «حزب الله» وحركة «أمل» متمسك بدعم ترشيح سليمان فرنجية. في المقابل تتمسك المعارضة بترشيح النائب ميشال معوض، فأين مكان اللائحة البطريركية؟ وهل ستكون الصلاة «عن روح اللائحة»؟

 

عملياً، ما يقوم به البطريرك الراعي، محاولةٌ لملء الوقت الضائع، لأنّ ملف انتخابات رئاسة الجمهورية أمام معضلةٍ حقيقية، فما لم يحققه اللقاء الخماسي في باريس بين فرنسا والولايات المتحدة الاميركية والسعودية وقطر ومصر، وبعده الاجتماع الثنائي بين السعودية وفرنسا، والذي أدى إلى افتراق وليس إلى اتفاق، كيف ستحققه خلوة روحية نصف المشاركين فيها مرشح للرئاسة ونصفهم الآخر يطمح إلى أن يحمل صفة «مرشح»، ومعظمهم، لا يملك قراره؟!

 

المطلوب إعلان اللائحة رسمياً، ما لم يحصل ذلك، فإنّ كل ماروني مكتوب على إخراج قيده الفردي «لبناني منذ أكثر من عشر سنوات»، بإمكانه القول: «إسمي في اللائحة».