Site icon IMLebanon

«داعشونا» هم الاغبى؟!

 

بعد فشل تأمين الافراج عن العسكريين المحتجزين في جرود عرسال، كان سؤال عن جدية المساعي للافراج عن هؤلاء، لاسيما ان سمعة الجيش مطروحة في هذا المجال، ومثلها سمعة كبار المسؤولين في الدولة الذين يرون ان مثل هكذا حادث لا يؤثر عليهم مباشرة ام غير مباشرة، من غير حاجة الى سؤال من سمح بخروج المسلحين من عرسال قبل تخلية العسكريين الاسرى، ربما لان من انساق وراء مسعى رجال الدين لم يكن يعرف ان الامور ستصل الى حد المطالبة بمقايضة الاسرى بعدد من المساجين في رومية بحق او من دون حق، وهذا ما على المسؤولين معرفته قبل فوات الاوان، لاسيما ان استمرار الموضوع على شيء من التجاهل ليس لمصلحة الدولة اللبنانية، هذا في حال لا نزال في رعاية دولة تحترم نفسها ودستورها وقوانينها ورجالاتها؟!

الموضوع اكبر من ان يستمر من دون حل عاجل، حفاظا على شعور العسكريين المحتجزين كما على سمعة المؤسسات التي ينتمون اليها، ليس لان مقايضة  هؤلاء بنزلاء سجن رومية، بل لان لا حل آخر عن طريق هذا الشيخ او ذاك، بما في ذلك ما يبذل من جهود مع هذه الدولة الشقيقة او الصديقة، حيث الاستعطاف اغلى من ان يؤدي الى الافراج عن المحتجزين، خصوصا ان الذين خطفوهم فعلوا فعلتهم عن سابق تصور وتصميم ولا يعقل ان يفرجوا عنهم من دون سعر مناسب!

لذا، بقدر ما تنشط المساعي لفهم سعر المقايضة بقدر ما تستعيد الدولة سمعة تكاد تكون ضائعة منذ وقت طويل، خشية ان تتطور الامور باتجاه «عنترية من هنا او عنترية من هناك» وهذا معروف في زمن تحولت السلطة في سوريا الى مجموعة سلطات وانظمة باتت تتحكم بقراراتها ليس الا، وهذا من ضمن ما هو معروف الى الان، والشيء بالشيء يذكر في مجال المقايضة الذي لا يضر على اساس استعادة المخطوفين الذين كانوا يعتقدون انهم يفعلون ما تقوله لهم دولتهم في مجال ترجمة اوامر رؤسائهم المباشرين وغير المباشرين من عسكريين وامنيين لم تتحدد مسؤولياتهم ومن  هم الى الان؟!

ان المسعى الذي يقوم به المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم حتى الان، محصور بجهتين رسميتين هما تركيا وقطر، والذي لا يعرف الجهتين المشار اليهما لا يعرف ان لديهما مطالب بدت للوهلة الاولى محصورة بمقايضة المخطوفين بعدد من سجناء رومية الذين يقال عنهم ايضا انهم  محتجزون بوجه غير حق، طالما انهم لم  يحاكموا بالتهم الموجهة اليهم منذ سنين طويلة، مع العلم ان مجالات التعاطي في هذا الملف القضائي لا يسجل لما فيه مصلحة الدولة اللبنانية القضائية والقانونية حيث لا سابقة في هذا الصدد تقول بحجز العشرات لسنوات من دون احكام ولا من يحاكم؟!

الى هنا تبدو الامور طبيعية «خطف متبادل» ليس بوسع احد القول انه تصرف محق، ان في مجالات اعتقال هؤلاء، او في مجالات مطالبة خاطفي العسكريين والامنيين بتخليتهم. وفي الحالين ثمة من يجزم بأن من الافضل والاسلم عاقبة ان تخلي  الدولة من تسجنهم قبل ان تتطور الامور باتجاه تخلية جثة مقابل جثة، وهذا الشيء وارد طالما ان ليس بوسع الدولة اللبنانية ان تفعل غير ذلك لعدة اعتبارات في مقدمها ان المسلحين من «داعش» و «النصرة» قادرون على ان يتصرفوا بحرية اكثر من معظم مسؤولينا من الذين لم يبادروا الى الان الى اعتبار ملف السجناء حقا قضائيا مشروعا امام كل من يطاوله السجن واللا اتهام؟!

الكلام في هذا المجال لا ينتهي وهكذا بالنسبة الى الذين تعرضوا للخطف على ايدي من ليس بوسع احد التفاهم معهم باستثناء الذين «يصرفون» عليهم مباشرة او غير مباشرة من الدول المعنية بالازمة السورية، طبعا من غير الاميركيين والاوروبيين الذين زرعوا «داعش» وغير داعش في المنطقة كما سبق لهم ان فعلوا يوم زرعوا طالبان في افغانستان وباكستان الى الحد الذي انقلب هؤلاء على متعهديهم من الاجانب والعرب في وقت واحد!

يخطئ من يتصور او يعتقد ان مشكلة المحتجزين العسكريين والامنيين يمكن ان تحل بتبويس اللحى فيما هناك من يجزم بان الحل يقع في صلب لوائح المبادلة التي وصلت الى الدولة التي تعتقد الى الان ان توسيط هذه الجهة او تلك يمكن ان يؤمن تخلية هؤلاء خصوصا ان اصحاب المطالب الانفة لن يخسروا شيئا في حال تقاعست الدولة عن تلبية ما يصرون عليه بمثابة فدية سياسية – قضائية لا مجال للتهرب منها، الا في حال تخلت دولتنا عن عناصرها المحتجزين بعدما تخلت عنهم بتصرف غبي لا مجال للقول عنه انه تصرف مسؤول بحجم ما عانت منه عرسال لشهور طويلة سمحت بانتشار المسلحين ابعد من عرسال من دون سؤال او معرفة كيف حصل ذلك؟!