Site icon IMLebanon

«داعش» باطلاقها العسكريين سعت لامتصاص غضب السنيّة

مسلسل «النصرة» و«داعش» يشغل اللبنانيين بأحداثه وتسارع خطواته والتطورات الحاصلة في ملف الأسرى العسكريين من التهديدات بتنفيذ الإعدام بالعسكريين الى إطلاق سراح العسكريين الخمسة مما يدلّ على إرباك المجموعات الارهابية المسلحة، التي يبدو انها لا تدرك كيفية التعاطي مع الملف اللبناني المتشابك، فواقع الحال في لبنان، كما تقول اوساط مطلعة، يختلف عن سوريا او العراق، فداعش في العراق نفذت إعدامات جماعية في العراق بدون تردد او تراجع في حين انها في الملف اللبناني تبدو عاجزة الى حد ما عن تكرار المشهد العراقي او السوري او مترددة ولها حسابات خاصة. صحيح ان داعش تريد مبادلة الأسرى العسكريين بالسجناء الإسلاميين في رومية، إلا انها باتت على يقين ان كل ضغوطها لن تجعل المؤسسة العسكرية تقدم التنازلات وتفاوض مع إرهابيين لإطلاق الجنود المختطفين لديها.

في قناعة المحللين السياسيين، فإن داعش على إجرامها ووحشيتها ارتكبت اخطاء كثيرة ودعسات ناقصة في الملف اللبناني، فذبح العسكري علي السيد إذا صحت المعلومات لم يكن ضربة موفقة للمنظمة الإرهابية لأنها ساهمت في تأليب الرأي العام السني الذي كان مؤيداً للثورة السورية ومعارضاً للرئيس بشار الأسد ضدها، فدماء علي السيد جعلت الأصوات ترتفع في البلدات العكارية ضد النازحين السوريين الذين احتضنتهم المناطق العكارية مع تهديدات بخطف عائلات واشخاص محسوبين على النصرة وداعش كما التهديد بتصعيد التحرك، تماماً مثل غزوة عرسال التي احتسبت من اخطاء النصرة وداعش لأنها لم تتمكن من تحقيق حلم إمارتها الإسلامية الممتدة من عرسال الى البقاع وعكار والبحر، كما ادت الى ضغط واستنفار في الشارع العرسالي الذي استفاق على اخطاء احتضان الثورة السورية بعدما جرى تهديد العرساليين بالطرد من المنازل والقتل، ومن جهة ثانية فان غزوة عرسال دقت ناقوس الخطر للمرحلة الآتية وللخطر الداعشي الآتي الى لبنان وفتحت العيون على اهوال المجموعات الإرهابية وارتكاباتها.

هذه الارتدادات كان لها وقعها لدى المسلحين الإرهابيين الذين عمدوا بعد تحرك الشارع السني ضدهم الى اللعب على الوتر الحساس ومحاولة اختراق الشارع اللبناني، فكانت عملية الإفراج عن العسكريين السنة لامتصاص غضب الشارع السني ضد مخيمات النازحين والمؤيدين للجماعات الإرهابية فيها، كما جرى تحويل البوصلة المرعبة نحو الشارعين المسيحي والشيعي، فجاءت بيانات النصرة باتجاه الأول بالتلويح بمصير الاسرى المسيحيين على خلفية احراق علم «داعش» في الاشرفية وتجاه الشارع الشيعي للضغط على انسحاب حزب الله من معركة القلمون.

وواقع الحال الراهن الذي يعرفه الإرهابيون ان خططهم لن توصل الى الغاية الداعشية المطلوبة باطلاق سراح سجناء رومية الاسلاميين، كما لم تثمر خططهم وترويعهم للبنانيين إرباكاً في الداخل اللبناني الذي بقي متماسكاً وموحداً لا بل انقلبت الأمور تضامناً لبنانياً واجماعاً عاماً على تحديد خطورة داعش على المجتمع اللبناني بكل اطيافه، وليس سراً كما تقول اوساط مطلعة ان ثمة قناعة جديدة بدأت تولد لدى بعض الفئات اللبنانية بدور حزب الله في المستقبل بضرب داعش لبنانياً وضرورة دخول حزب الله في المرحلة اللاحقة على خط المواجهة مع المسلحين خصوصاً ان المعلومات تتحدث عن اعداد إضافية منهم استقدمت الى جرود عرسال والى استعداد هؤلاء للانتقال الى عرسال لقضاء فصل الشتاء ولحاجتهم للطبابة ولمدينة تتوافر فيها مقومات الحياة إذ بات من الصعب عليهم العودة الى بلدة القلمون، وليس سراً ايضاً ان بعض البلدات المسيحية تقوم بالتنسيق مع حزب الله لأمنها الذاتي خشية هجوم إرهابي عليها لارتكاب مجازر او عمليات خطف.

وعليه فان المسلحين وان كانوا يحتفظون بالورقة الأصعب اي ورقة الأسرى العسكريين، إلا انهم يدورون في حلقة مفرغة، فالضغوط على قيادة الجيش لم تسهم في دفع المؤسسة العسكرية الى التفاوض معهم، وعملية تصفية العسكري علي السيد ادت الى ترويع اللبنانيين وتنبيههم والى توليد شبه اجماع لبناني على ان الارهاب سيطال كل الفئات ولن يوفر احداً وان لا شيء يمنع داعش في مرحلة لاحقة من ارتكابات اكثر دموية وخطورة.