Site icon IMLebanon

«داعش» صناعة بشّار أو أوباما ؟!

كنّا قد أكّدنا الأسبوع الماضي أنّ الأيام المقبلة كفيلة بكشف هوية «داعش» الحقيقيّة، وأميركا التي سارعت بعد سقوط الموصل إلى التأكيد مع سقوط الموصل العراقية إلى الإعلان بأنّ «داعش» أصبح «أغنى تنظيم إرهابي في العالم»، في غضون سنوات قليلة، بعد تمكنه من السيطرة على عدة مناطق في العراق ونهب بنوكها وسيطرته على سلسلة من الموانئ النفطية في سوريا»، عادت أميركا واتهمت عبر نائب مستشارة الأمن القومي الأميركي بين رودز خرج بالأمس ليصرّح بأن «مصدر التهديد الإرهابي ليس «داعش» بل النظام السوري، الذي خلق أزمة إنسانية خلقت فجوة لـ»داعش»، وساعدت على تمدده»، وهذا الاتهام الأميركي ليس دقيقاً، ليس لأن النظام السوري ليس نظام الإرهاب في المنطقة منذ أربعة عقود، بل لأن الرئيس الأميركي باراك أوباما هو السبب الرئيس في تفشّي ظاهرة «داعش»، وفي «تفرعن» نظام بشار الأسد الإرهابي، فعلى طريقة المثل المعروف «يا فرعون مين فرعنك»؟ هكذا تصرف النظام السوري بسبب مواقف باراك أوباما السيئة منذ قدومه إلى الرئاسة!!

وإذا ما كان استطلاع للرأي نظمته إحدى الجامعات في الولايات المتحدة الأميركية كشف أنّ باراك أوباما هو أسوأ رئيس في تاريخ أميركا منذ سبعين عاماً حتى اليوم، فإنّ العرب والمسلمون الذين غالوْا في حماستهم قبيل وصول أوباما إلى الرئاسة أدركوا اليوم كم كانوا مخطئين فأوباما ترك المنطقة فريسة للإرهاب الإيراني الداعم للإرهاب الأصولي من القاعدة وصولاً إلى «داعش»، وهو دعمٌ ليس ببعيد عن تدهور الأوضاع في الداخل الفلسطيني بشكل يؤكد بعد مقتل المراهقين الإسرائيليين الثلاثة والردّ عليه بالأمس باختطاف مراهق فلسطيني من القدس الشرقية وقتله وإحراقه، في مؤشر خطير إلى اقتراب موعد إعلان «الدولة اليهودية» وطرد فلسطينيي الـ48 في نكبّة جديدة بعد نكبة العام 1948.

إعلان «داعش» دولة الخلافة ومبايعة أبو بكر البغداي جزء من هذا المشهد المتسارع، فعلى الرغم من كلّ «هزليّة» موضوع الخلافة اليوم في ظلّ قناعة تامّة عند معظم أبناء الشعوب الإسلامية بخيار الدولة المدنية، خصوصاً بعد تجربة مصر مع حكم الإخوان المسلمين لعام واحد فقط خسروا فيه كل ما عملوا على مدى ثمانين عاماً وبكافة الوسائل للوصول إلى السلطة، وإذا كان الموقف العربي «الصامت» على جري عادته بسبب فشله الذريع في إيجاد حلّ لكلّ القضايا العربية التي أنشئت الجامعة العربية من أجلها، وبسبب صمته المتواطئ على المذبحة التي يتعرض لها الشعب السوري منذ أكثر من ثلاث سنوات، وعلى مأساة الشعب الفلسطيني منذ أكثر من ستة عقود، هذه كلّها صنعت «داعش» اليوم مثلما صنعت «تنظيم القاعدة» بالأمس، ولأسباب اجتماعية ودينيّة وعوامل أخرى متداخلة اجتمعت فأنجبت غول الإرهاب في المنطقة التي تناوب عليها الإرهاب بعناوين متعددة إسلامية ويسارية وشيوعيّة وهلمّ جراً!!

وإذا كان الكاتب البريطاني أنثوني لويد اعتبر في مقالة له في صحيفة تايمز اللندنية «أن عدم التدخل في سوريا جلب جملة من المشاكل، منها أن مئات البريطانيين التحقوا بتنظيم «داعش»، الذي عزز موقعه في العراق، وحول الوضع إلى كارثة هناك»، فإنّ عدم التدخل هذا يتحمّل مسؤوليته بالتكافل والتضامن باراك أوباما والحكام العرب، أكثر بكثير من إرهاب بشار الأسد الذي يعرف هؤلاء مجتمعين أنّ هذا النظام لا يكون حكمه مستقراً إلا في زعزعة أمن المنطقة، ومع هذا تركوا الأرض السورية على الغارب لتكون مسرحاً لإيران وأذرعتها الأخطبوطيّة من فيلق القدس إلى حزب الله، فقد تركت هؤلاء «يجوسون خلال الديار»، إلى أن بلغت المنطقة حافة الاشتعال الكبير، وما تبقّى على هذا الاشتعال إلا أقلّ من القليل.