أَيْن «داعش» من الإسلام؟ وأين الإسلام من «داعش»؟
والجواب صارم: ليس «داعش» في الإسلام، والإسلام براء من «داعش»!
هذا الكلام الجازم أصوله وحقيقته في القرآن الكريم وفي السنّة النبوية لأشرف المرسلين صلّى الله عليه وسلّم.
خاطب الله تعالى نبيّه العربي محمّداً في الآيات المنزلة، فقال: }لو شاء ربّك لآمن مَن في الأرض كلهم جميعاً، أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين{؟..
ربّ العالمين لم يأذن للنبي (صلّى الله عليه وسلّم) أنْ يُكره غير المسلمين على الدخول في الإسلام، فهل يسمح لـ»داعش» وأمثاله أن يفعلوا ذلك؟ وبأي أسلوب من الفظائع والإرتكابات والإعتداء على الحياة والأرزاق والأعراض؟!. فهل تناهت تلك الآيات البيّنات الى «داعش» و»خليفتها» المزعوم؟ وهل قرأ قادة «داعش» في القرآن الكريم كيف أنّ الله اصطفى السيّدة مريم العذراء على سائر نساء العالمين؟ وكيف آمن بعذريّتها؟ وكيف آمن بأنّ السيّد المسيح هو روح الله؟
وهل قرأ «داعش» أنّ اسم المرأة الوحيدة الذي ذكر في القرآن الكريم هو اسم العذراء مريم؟
وهل قرأ «داعش» في القرآن الكريم أنّ }الذين قالوا إنّا نصارى{ هم }الأقرب الى الذين آمنوا{؟
وهل قرأ «داعش» سيرة ولادة السيّد المسيح في القرآن؟ وكيف تكلّم في المهد صبياً؟ وبأي تقدير واحترام يذكر عيسى بن مريم؟ فمَن هو هذا «داعش» الدخيل على الإسلام، دين السماح، ودين الإعتدال؟ ومِن أين أتت هذه الجحافل مَن كان منها ضالاً ومَن كان مضلّلاً، ليتعامل مع المسيحيين بهذا الاضطهاد الكريه؟ حتى في أيام صدّام حسين في العراق وحافظ الأسد في سوريا لم يتعرّض النظامان الى المسيحيين العرب، المتجذّرين في هذه الأرض، الذين حلّ الإسلام ضيفاً عليهم (من حيث الأسبقية الزمنية) على ما كان يقول مثلث الرحمة البطريرك اغناطيوس هزيم؟
هؤلاء المسيحيون هم الذين حفظوا لغة القرآن الكريم الذي أُنزل قرآناً عربياً… حفظوها في أديارهم وفي كنائسهم وفي تراتيلهم وفي صلواتهم وفي مؤلفاتهم التي أغنت لغة الضاد بالآفاق الواسعة.
هؤلاء المسيحيون قال كبيرٌ فيهم، هو المرحوم الرئيس سليمان فرنجية لوزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية هنري كيسنجر عندما التقاه في رياق العام 1974، رداً على سؤال كيسنجر عمّن يجب أن تكون له الوصاية على القدس الشريف بين الأديان السماوية الثلاثة، قال فرنجية: القدس يجب أن تكون تحت الوصاية الإسلامية.. ولـمّا بدا التعجّب على ملامح وجه كيسنجر أوضع له فرنجية الآتي: اليهود لا يعترفون بالمسيحية وبالإسلام، والمسيحيون يعترفون باليهودية ولا يعترفون بالإسلام، أمّا الإسلام فيعترف بالديانتين اللتين سبقتاه ويسمّي أتباعهما «أهل الكتاب»… فللإسلام الحق في الرعاية على القدس.
إنّ «داعش» وأمثاله لا يسيئون إلاّ الى الإسلام… ومن أسف أنّ هذه الطفرات المؤذية أخذت تتفاقم منذ أن قام في إيران نظام آيات الله الحاقدين على العرب بمذاهبهم كافة، فكانت ردود فعل أمثال «داعش» وأخواته… ونحن لا نبرّر إنّـما نحدّد الوقائع لنخلص الى أنّ الحقد الإيراني على العروبة هو وراء تفاقم هذه الظاهرة المسيئة الى الدين الحنيف وقد بلغ عدد أهل السنّة فيه ملياراً و350 مليوناً!
ولا يمكن مواجهة هذا الواقع المر إلاّ بالإعتدال… فالعودة الى الإعتدال والوسطية هي الحلّ، والتأمّل بقوله تعالى إنّه هو، سبحانه، لم يشأ أن يؤمن }مَن في الأرض جميعاً{… فمَن أنتَ يا «داعش»… ألَم يأتك أن تقرأ: }لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي{؟
ولكن، هذا من ناحية عدم معرفة «داعش» لا بالإسلام ولا بآيات القرآن الكريم ولا بالحديث الشريف، ما يطرح سؤالاً على جانب كبير من الأهمية، وهو: مِن أين لـ»داعش» هذه القوة، وكيف تشكلت الجحافل التي اجتاحت مدناً عراقية وسورية، وفي هذه الفترة الوجيزة؟!
ثم، ألَم يكن قادة «داعش» من نزلاء السجون السورية، وقد أفرج عنهم بمراسيم عفو متتالية، هذه المراسيم التي استثنت السياسيين والمثقفين والناشطين الذين يمثلون نخبة الشعب السوري؟
والأمر الثاني الملح، وهو: ألَم يكن لاضطهاد أهل السُنّة في سوريا والعراق أثر في تشكل هذا الـ»داعش» المرفوض من قبلنا جملة وتفصيلاً؟ ما شكل رد فعل من قِبَل السُنّة في البلدين على النظامين القائمين؟
وكذلك، ألَم يسكت النظام السوري، ولفترة طويلة، عن احتلال «داعش» لمحافظة الرقة، حيث لم توجّه إليه رصاصة واحدة من قِبَل النظام، مع أنّ خبراء عسكريين كثراً قالوا إنّه من السهل القضاء على تجمعات هذا التنظيم وبسهولة وسرعة؟
ألا يدعو هذا الأمر الى التعجب فالاستفهام، ومن ثم الاستخلاص بأنّ هذا الـ»داعش» المثير للريبة هو صنيعة النظام، مثله مثل «النصرة» وغيرها من التنظيمات التكفيرية التي كان قادتها من نزلاء سجون النظام؟ وما الغاية لتسهيل انتشار هذا التنظيم؟ ألَيْس هدف النظام التأكيد للعالم أجمع بأنّه، منذ البداية، يقاتل إرهابيين، كما يزعم، وهم من صناعته من الألف الى الياء؟!!