المجزرة التي نفذها الارهابيان شريف وسعيد كواشي في باريس وأوقعت 12 قتيلاً في الهجوم على صحيفة «شارلي ايبدو» تؤكد المثل المعروف «طابخ السم آكله»، في ظل التغاضي الغربي والاميركي عن التكفيريين في بلدانهم الذين لعبوا دوراً بارزاً في رفد المجموعات التكفيرية بمئات العناصر من المقاتلين في سوريا، وربما هذه المجزرة ستشكل محطة مفصلية في سياسة الغرب حيال التنظيمات التكفيرية بعدما ارتد المسخ «فرانكشتاين» على صانعيه في اروقة المخابرات الغربية وبالتعاون مع اسرائيل، بعد اعتراف وزيرة الخارجية الاميركية السابقة هيلاري كلينتون بأن تنظيم «داعش» صنعته الاستخبارات الاميركية بمشاركة بريطانية – اسرائيلية وتهليل فرنسي، وما حصل في باريس على يد الاخوين كواشي اشبه ما يكون بـ 11 ايلول في فرنسا الدولة الاكثر حماسة لاسقاط النظام السوري، والتي ابدى رئيسها فرنسوا هولاند قبل وقوع المجزرة بأيام قليلة ندمه بعدم تدخل باريس عسكرياً في سوريا بعد تراجع الرئيس الاميركي باراك اوباما عن قراره بضرب المواقع الاستراتيجية للجيش السوري اثر التسوية الروسية التي ادت الى تفكيك الترسانة الكيماوية لدمشق واتلاف مخزونها في الخارج وفق الاوساط المتابعة للمجريات.
وتضيف الاوساط ان السياسة الخارجية الفرنسية تجاه سوريا والمنطقة المبنية على ضرورة اسقاط النظام السوري ستتغير جذرياً بعد وصول السكين الى رقبة باريس وستجد نفسها مضطرة للتعامل امنياً مع دمشق للكشف عن الخلايا الارهابية النائمة في فرنسا التي تقطنها احدى اكبر الجاليات الاسلامية في الغرب، اضافة الى الاعداد الكبيرة للمقاتلين الفرنسيين في سوريا والذين عاجلاً أم آجلاً سينقلون الداء التكفيري معهم بعدما تحط الاحداث السورية اوزارها ما يشكل خطراً حقيقياً كبيراً على الدولة ذات النظام العلماني العريق، لا سيما ان مجزرة «شارلي ايبدو» اثارت النزعة العنصرية لدى اليمين الفرنسي الذي يطالب بطرد كافة المهاجرين الاجانب وخصوصاً المسلمين منهم، خصوصا ان «الاسلامو – فوبيا» بدأ يضرب الغرب وتمثل ذلك بالاعتداءات على المساجد في السويد والمانيا وفرنسا بعد المجزرة.
وتشير الاوساط الى ان اسراع «داعش» بوصف الارهابيين كواشي بالابطال دون ان يتبنى التنظيم التكفيري العملية له مدلولات عدة يأتي في طليعتها الحفاظ على السرية وعدم كشف خلايا راقدة لـ«داعش» في فرنسا، سيتم ايقاظها في وقت لاحق، لا سيما وان المجزرة وقعت اثر اعلان باريس نيتها بارسال حاملة الطائرات شارل ديغول الى منطقة الخليج للمشاركة في ضرب التنظيم التكفيري في العراق وسوريا، وما يحيّر المحللين والمتابعين للمجريات تحييد الغرب لـ«جبهة النصرة» واسقاطها من لائحة اهدافهم لاسباب تبقى في نفس يعقوب، علماً ان التنظيمين التكفيريين يحملان نفس العقيدة ويختلفان على القيادة في الصراع الظاهر بين ابو بكر البغدادي وايمن الظواهري، ومن ابرز معالمه على الساحة المحلية ما يحصل في جرود عرسال والقلمون من مجريات حيث يحاول «داعش» فرض المبايعة على «النصرة» بعد تلقيه امدادات بالرجال والسلاح من الشمال السوري، ونجح في تصفية مجموعات «الجيش السوري الحر» التي رفضت مبايعة البغدادي ومن بقي منهم حياً التحق بصفوف «داعش» التي تحضر وفق المعلومات لحسم الامر مع «النصرة» عسكرياً بعدما بات عديدها وعتادها يسمح لها بذلك.
وتقول الاوساط ان تكليف نائب رئيس بلدية عرسال احمد الفليطي بالتفاوض مع«داعش» ان دل على شيء فعلى انحسار قوة «النصرة» في الجرود القلمونية لصالح تنظيم دولة الخلافة الذي يسعى لتوحيد البندقية التكفيرية قبل أن يخوض معركة عرسال الثانية والانتقال بعدها لتنفيذ مخططه باجتياح بلدات في منطقتي البقاع الشمالي والاوسط حيث يراهن على بيئة حاضنة في بعض البلدات السنية مع انحسار فصل الشتاء كون «الجنرال ثلج» لا يسمح له بذلك الا ان مخطط «داعش» سيبقى حلم ليلة صيف لا سيما وان الجيش اللبناني في كامل جهوزيته اضافة الى ان «حزب الله» لن يقف مكتوف الايدي وهو المستهدف في الاساس.