Site icon IMLebanon

داعش» يهدّد: وقت التفاوض ليس مفتوحاً

لا تزال قضية التمديد للمجلس النيابي تشكل الملهاة الرئيسية للقوى السياسية، في ظل تأكيد الرئيس نبيه بري إلزامية المرور في المجلس النيابي لقوننة مرسوم دعوة الهيئات الناخبة

يراوح ملف التفاوض بشأن العسكريين المخطوفين لدى «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش» مكانه. لم يحصل تقدّم يُذكر، باستثناء ترقّب لما سيُسفر عنه دخول أطراف إقليمية على خط التفاوض، ولا سيما أن تجربة الوساطة القطرية سابقاً كانت مشجّعة. وفي هذا الإطار، نفى وزير الداخلية نهاد المشنوق علمه بوجود وساطة خارجية، مؤكداً لـ«الأخبار» أن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، لا يقود أي مفاوضات أو أي اتصالات مع دول إقليمية أو عربية في إطار البحث بقضية العسكريين المخطوفين. وأضاف المشنوق أن دوراً كهذا للواء إبراهيم بحاجة لقرار من الحكومة. ورفض كشف أي معلومات متصلة بمفاوضات تحرير المخطوفين، مشدداً على ضرورة كتمان أي معلومات لضمان نجاح المفاوضات.

وفي السياق نفسه، يُنبئ مسار المفاوضات بأن العسكريين المخطوفين لدى «جبهة النصرة» سيُحرّرون عاجلاً أو آجلاً، فيما يبدو مصير العسكريين الـ11 الموجودين في قبضة تنظيم «داعش» قاتماً لحد الآن. فبحسب مصادر متابعة للمفاوضات الجارية، لا يزال مقاتلو «داعش» مصرين على مطالبهم بالحصول على 10 موقوفين إسلاميين من السجون اللبنانية مقابل كل مخطوف لبناني موجود في حوزتهم. وبحسب المصادر، فإن التنظيم المذكور منح المفاوضين مهلة محددة، مهدداً بالتصعيد إذا لم تتجاوب الحكومة اللبنانية مع مطالبه خلال هذه المهلة. وأكّد مندوبو «داعش» للمفاوضين أن وقت التفاوض ليس مفتوحاً، وأن على الجانب اللبناني الإسراع لحسم موقفه. في موازاة ذلك، سُرّب مساء أمس، نقلاً عن مصادر هيئة علماء المسلمين، خبر يُفيد بأن الخاطفين على استعداد لإطلاق جميع العسكريين إذا انسحب حزب الله من سوريا.

وفي هذا السياق، علّق عضو هىئة علماء المسلمين الشيخ عدنان أمامة على الخبر، نافياً أن يكون أيّ من أعضاء الهيئة قد سرّب الخبر. وإذ أشار أمامة إلى أن المسلّحين طرحوا هذا الأمر خلال المفاوضات، إلا أنه لفت إلى أنه شرط غير واقعي حتى في نظر المسلحين أنفسهم.

سياسياً، لا يزال التمديد للمجلس النيابي محور الكباش بين مختلف القوى، في ظلّ التزام الرئيس نبيه برّي حتى الآن معارضة التمديد، وتمسك تيار المستقبل به. وعلى الرغم من صدور مرسوم دعوة الهيئات الناخبة عن الحكومة أول من أمس، بعد يوم واحد من انتهاء المهلة القانونية لصدوره، أعاد برّي أمس الكرة إلى ملعب المجلس النيابي، مؤكّداً أن «الحكومة قامت بواجبها في هذا الشأن (إصدار المرسوم)، مع الإشارة إلى ضرورة صدور قانون (عن المجلس النيابي) في هذا المجال، لمطابقة المهل». وبذلك يكون بري قد أبلغ من يعنيهم الأمر، بأنه سواء كان خيار القوى السياسية التمديد أو إجراء الانتخابات في موعدها، فإن الأمر لا يمكن أن يتم من دون العبور إلزامياً بالمجلس النيابي. وكرر بري موقفه السابق ورفضه للتمديد خلال لقاء الأربعاء النيابي في عين التينة.

وفي السياق نفسه، تناقش قيادة حزب القوات اللبنانية حالياً إمكان مقاطعة الجلسة النيابية التي سيُبحث فيها اقتراح قانون التمديد للمجلس النيابي، أو أن يحضر نواب القوات ويصوتوا ضد التمديد أو يمتنعوا عن التصويت «حماية لميثاقية الجلسة»، إذ إن مقاطعة القوات واحتمال مقاطعة تكتل التغيير والإصلاح قد يفقدان الجلسة ميثاقيتها.

وأكدت مصادر قوى ١٤ آذار أن جميع مكونات هذه القوى الممثلة في الحكومة ستصوت للتمديد «بما فيها حزب الكتائب الذي يبدو أنه وعد الرئيس الحريري بذلك»، علماً بأن هذا الخيار الكتائبي لا يزال يلقى معارضة داخل الحزب.

من جهته، أشار الوزير وائل أبو فاعور بعد زيارته رئيس الحكومة تمام سلام إلى أن «وجهة تأجيل الانتخابات النيابية بسبب الأوضاع الأمنية تصطدم بعدم نضج التوافق السياسي حول التمديد، وما يمكن أن يلي التمديد على صعيد عمل المجلس النيابي أو مهلة التمديد. لذلك قامت الحكومة (أول من) أمس بدعوة الهيئات الناخبة إلى الانتخابات، على رغم معرفة الأطراف الموجودة على الطاولة، بأن هذه الدعوة قد لا تصل إلى مداها المطلوب لإجراء الانتخابات النيابية».

نداء «التغيير والإصلاح »

وفي سياق آخر، قرأ الوزير جبران باسيل بعد اجتماع «تكتل التغيير والإصلاح» بياناً باسم التكتل، تناول فيه مسألة تهجير المسيحيين من المشرق، ودعا المسيحيين إلى التمسك بأرضهم وحمل السلاح للدفاع عنها، والكنيسة إلى غير الصلاة، والدول الغربية والعربية مساعدة المسيحيين. وأشار باسيل إلى أنه «تتم تصفية الحضور المسيحي من فلسطين وحولها على يد إسرائيل مباشرة، وفي سوريا تتم التصفية على يد جماعات التكفير وبمعاينة وتشجيع من المجتمع الدولي، وفي العراق تتم على يد داعش في ظل ضياع وإشاحة وجهٍ بين المركز في بغداد والإقليم في كردستان».

ونبّه باسيل «العالم المسيحي» إلى أن «ما يحصل لا يهدد المسيحيين في منطقتنا، بل في العالم، وننبه العالم الإسلامي إلى أن ما يتهددهم أكثر بكثير مما يتهددنا، ولو لاحقاً. في لبنان، يتغلغل الإرهاب ملثماً بالدين في مجتمعنا، ومتخفياً بزي النازحين في بعض أماكن إيوائهم… وتهاجم داعش والنصرة بلداتنا وجيشنا، وتحتل وتخطف، وتأخذ من سجننا المركزي في رومية مركزاً لعملياتهم». وربط باسيل بين ما يحصل للمسيحيين في المنطقة، وبين لبنان، مشيراً إلى أنه «في قانون الانتخاب، نُحَجّم فتطير المناصفة، وفي رئاسة الجمهورية تنزع الصلاحيات… نتعرض لمعركة تصفية تمرّ في الموصل وكسب وقصر بعبدا، والتصفية السياسية لنا في لبنان هي تصفية معنوية لكل من نمثل».

وطالب وزير الخارجية «المجتمع الدولي» بـ« وقف جريمة الصمت وبوقف أي عمل يشجع على هجرة المجموعات المكونة للمنطقة والأقليات، وخاصة المسيحية منها وخطيئة تهجير ملايين المسيحيين لا يمكن مسحها أو غفرانها باستقبال بضعة آلاف منهم». وتوجّه باسيل للغرب قائلاً إن «تفريغ الموصل وكسب وقصر بعبدا من ناسها الأصيلين، سيؤدي إلى ملء شوارعكم بمفرغيها».

وسأل الفاتيكان (والكنائس الشرقية): «أكثر من الصلاة… نسألهم باستعمال نفوذهم وتأثيرهم الدبلوماسي في العالم، ليس لتأمين الحماية فقط، بل لتأمين العقاب والملاحقة للإرهابيين عبر القانون الدولي والمحكمة الجنائية الدولية».

وطالب المسيحيين والأقليات في المنطقة بـ«البقاء في أرضهم وبالدفاع عنها بكل الوسائل المتاحة لهم ونطالب لهم بوسائل الدفاع عن أنفسهم».

من جهتها، ذكرت مصادر «التغيير والإصلاح» لـ«الأخبار» أن «النداء الذي وجهه التكتل جاء بعد زيارة باسيل للعراق، وما لمسه هناك من فقدان للأمل لدى المسيحيين، والمخاوف التي سادت من احتمال سقوط أربيل لولا تدخل الأميركيين». وأشارت إلى أن «الزيارة أضاءت على جوانب من حياة مسيحيي الشرق، معطوفة على الأوضاع التي يعيشها لبنان، وجعلت من الضروري على التكتل أن يوجه نداءً ليقول فيه: الأمر لنا». وقالت المصادر إن «النداء موجه لأهل السنة والاعتدال، وهو جاء ليلاقي كلام السيد حسن نصرالله على قاعدة أنه موجه للشركاء في الوطن، بأننا معكم ولكن انتبهوا، فإن البقاء معاً يجب أن يكون على قاعدة احترام المناصفة وموقع رئاسة الجمهورية والإدارة». ولفتت إلى أن التكتل «كان حريصاً على ترداد كلمة مقاومة، لأن المسيحيين لن يقبلوا أن يكونوا مستهدفين لا بالنار ولا بالسياسة». وقالت إن «ما حصل في عرسال هو نصف انتصار عسكري، ونصف استسلام في السياسة وتفاوض وانكفاء عن الإدارة». لكن المسيحيين، بحسب المصادر، «لن يقبلوا بعد الآن باستبعادهم، بدءاً من موقع رئاسة الجمهورية». ولفتت إلى تزامن هذا النداء مع زيارة الوفد الكنسي للعراق، ومؤتمر «لابورا»، مشيرة إلى أن «التكتل شكل عدة لجان لمتابعة الانتخابات الرئاسية والنيابية، والمالية والاتصالات والطاقة والكهرباء».