Site icon IMLebanon

دروس في الرهانات!!

أطرف ما يطالعنا به غلاة حلفاء النظام السوري في هذه الأيام الوعظ الشامت لخصومهم الذين أخذهم سوء الحسابات والرهانات الى ما يتمناه الحلفاء ويصورونه انه هزيمة لكل المحور الاقليمي الذي عمل على اسقاط النظام. نقول الوعظ ولا شيء آخر لأن التقلبات الهائلة الناجمة عن هجمة داعش في العراق وسوريا من شأنها أن تضع مجمل العالم وليس لبنان وحده أمام اعادة حسابات جذرية في ظل ظهور رأس جبل الجليد لتحالف دولي وإقليمي واسع قد يرقى الى مستوى حرب شبيهة بهزيمة النازية في نهاية الحرب العالمية الثانية.

المسألة هنا تتصل بسليقة المكابرة لدى حلفاء النظام الذين ليس في قاموسهم مكان للوقوف يوماً أمام المرآة منفردين. وبصرف النظر عن التسرع المحموم في اعتبار النظام “منتصراً” وإسقاط تجارب قديمة اندثرت ظروفها تماماً على المشهد الاقليمي والدولي المقبل ترانا نتساءل عن “حكمة” الحلفاء وصلابة مبدئيتهم هم الآخرين حين تصبح معزوفة التبشير بالتنسيق الاستخباراتي الاميركي – الدمشقي غير المباشر النشيد المتحول لقوى ٨ آذار؟ وترانا نتساءل، من دون نكء ملف تورط “حزب الله” في الحرب السورية وتداعياته الباهظة على لبنان، هل هذا الفريق بالذات يحمل الصفة المرجعية الاستقلالية الخالصة لفتح موسم المحاسبة عن سوء الحسابات والرهانات وإطلاق العنان الإعلامي والسياسي للدروس والمحاضرات في حسن حماية لبنان؟

لعل أقرب ما يمثل في أذهان الحلفاء اللبنانيين وهم يظهرون رعونة التسرع في رهانهم الطارئ الجديد تجربة انضمام الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد الى التحالف الدولي الذي طرد الاحتلال العراقي للكويت في مطلع التسعينات وحظي في مقابل خطوته بغطاء اجتياحه لقصر بعبدا. ترانا نتساءل هنا أيضاً الا يرى الحلفاء الحكماء المسؤولين السوريين أنفسهم اليوم وقد بدلوا في صياغة الرهان حين يتوسلون اعترافاً دولياً للافساح للنظام بفسحة وقت إضافية على قاعدة التخيير بين النظام وداعش؟ الا يكشف ذلك بوضوح ان النظام يخشى ان يكون الحلقة الملازمة لداعش في نهاية المطاف يصيبه ما يصيب التنظيم بالتكافل والتضامن؟

لا أحد يمكنه منع حرب رهانات جديدة في لبنان لأن ما بلغه من مصير مفجع هو صنيعة طبقة بل طبقات متعاقبة امتهنت تدمير الدولة التي تنهي اخضاع اللبنانيين وأعمارهم ومستقبل اجيالهم لرهانات أبدية أزلية على الخارج. ولكن مع طلائع تحول دولي وإقليمي كذاك الذي يظهر حالياً في بداية الطريق لا نعتقد اطلاقاً ان فريقاً الصق نفسه وممارساته ومصيره وكل ادبياته بالنظام السوري، على ما آل اليه هذا النظام، ينحو في اتجاه استخلاص العبر بحدودها الدنيا المنطقية والعودة عن أنماط خشبية في عدم الاعتراف بالوقائع الصارخة وأقله تجنب افتضاح رهاناته الدفينة المناقضة تماماً لكل مساره الدعائي.