Site icon IMLebanon

دريان يَخلف قبّاني ويفتح صفحة جديدة في «الإفتاء»

«غداً لناظره قريب». هذه أطول جملة قالها رئيس المحكمة الشرعية السنّية العليا الشيخ عبد اللطيف دريان منذ تردّد اسمه خلفاً للمفتي محمد رشيد قباني. فعلى رغم «الدردشات» التي كان يجريها مع الزوّار الذين توافدوا إلى منزله في الآونة الأخيرة، فإنّ دريان يعدّ كلماته ويُحصي حركاته… وما تمَنّعُه عن الظهور إلى جانب أعضاء المجلس الشرعي الأعلى في أحد اجتماعاتهم، إلّا دليلٌ على دقّة ميزانه.

غداً تستعدّ الهيئة الانتخابية لتلبية دعوة رئيس الحكومة تمّام سلام إلى انتخاب مُفتٍ جديد للجمهورية اللبنانية في الحادية عشرة قبل الظهر في بهو دار الإفتاء. غداً تضع المعركة بين المفتي قباني والمجلس الشرعي الأعلى أوزارَها في الشكل والمضمون.

في وقتٍ يحظى إسم الشيخ دريان بشبه إجماع كلّي، يتمسّك الشيخ أحمد الكردي بترشّحه مدعوماً من هيئة العلماء المسلمين لمنصِب مفتي الجمهورية.

في هذا الإطار يؤكّد الأمين العام للمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى خلدون عريمط، أهمّية هذا الاستحقاق، قائلاً: «سيشكّل يوم الأحد بداية صفحة جديدة في تاريخ دار الفتوى وفي موقع مفتي الجمهورية، حيث تتَّجه الهيئة الناخبة بأكثرية مطلقة نحو اختيار رئيس المحكمة الشرعية العليا القاضي الشيخ عبداللطيف دريان ليكون مفتياً للجمهورية».

التزكية ولكن

ويُعرب عريمط في حديث لـ«الجمهورية»، عن حرصه للذهاب نحو التزكية، قائلاً: «نحرص على أن يكون هناك إجماع وتزكية من الهيئة الناخبة، ولكن حتى الآن تدلّ المؤشّرات إلى وجود مرشّح آخر، وهو القاضي الشيخ أحمد الكردي. لكن لا يكفي أن يعلن الكردي ترشيحه في الإعلام حتى يكون قانونياً، لأنّ القاعدة الشرعية تقول إنّ «طالب الولاية لا يوَلّى»…

ويضيف: «إلّا أنّ القانون لا يمنع من أن يرشّحه أحد أعضاء المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى صبيحة يوم الانتخاب، شرط أن يؤيّد هذا الترشيح عضوان آخران في المجلس، وحتى الآن لم يطرح أحد تبنّي إسم الشيخ الكردي».

وماذا لو طُرح الكردي في اللحظات الأخيرة؟ يجيب عريمط: «عندها نتّجه نحو الانتخابات، وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنّ معظم أعضاء المجلس الشرعي دعموا الشيخ دريان، وكذلك الهيئة الناخبة، لكن يبقى أن ننتظر حتى صبيحة الأحد لنتأكّد ما إذا كنّا أمام معركة انتخابية أو تزكية حقيقية».

ويتوقف عريمط عند مهمّات المفتي الجديد قائلاً: «سيتّجه إلى توحيد الصف وإعادة تأهيل وترشيد العمل الإسلامي والوطني، ليكون جزءاً لا يتجزّأ من مشروع نهوض الدولة ومؤسّساتها.

والهدف الأساسي سيكون وحدة الصف الإسلامي في إطار الوحدة الوطنية، والتعاون والتلاقي مع جميع المرجعيات الدينية». وفي الوقت عينه، يؤكّد عريمط «أنّ المجلس الأعلى سيتعاون مع المفتي دريان، لكي يحقّق الغاية التي من أجلها مدَّد المجلس لنفسه حتى شهر 6 من العام 2015».

دار الفتوى

من جهته، يُطمئن المدير العام للأوقاف الإسلامية الشيخ هشام خليفة، «أنّ اللمسات الأخيرة لاستحقاق الأحد شارفَت على الانتهاء، والإجراءات تسير على أتمّ وجهٍ لتدارُك أيّ نقص أو خَلل».

ويتوقف خليفة في حديث لـ«الجمهورية» عند أهمّية تجنيب الدار والطائفة السنّية مزيداً من المصاعب والمشكلات، قائلاً: «في الوضع الطبيعي، الترشّح حقّ لأيّ إنسان، ولكن بعد الأزمة التي اختبرناها والتي نحن على وشك تخطّيها نتيجة مفاوضات واتفاقات، يُفضّل تجنيب الدار المعركة والميل إلى تبنّي التزكية وإنجاز الاستحقاق من دون عقبات».

ويضيف: «لا يسعنا سوى الانتظار حتى اللحظات الأخيرة لمعرفة ما إذا كنّا أمام معركة انتخابية أو تزكية الشيخ دريان. لا أنكر أنّني حاولتُ التواصل مع الشيخ الكردي لتوفير الإجماع، ولكن كان له رأيٌ مغاير، علماً أنّ كلّ الأمور تشير إلى أنّ الآراء ستصبّ لصالح الشيخ دريان».

عودة الحريري

في سياق متصل، لفتت مصادر مواكبة لهذا الاستحقاق إلى «أنّ الشيخ الكردي، وفي حال استمرّ في ترشّحه، لن ينال أكثر من 5 في المئة من أصوات الهيئة الناخبة، لأنّ النسبة الأكبر ستكون للشيخ دريان الذي سيتجاوز عددُ مؤيّديه 95 في المئة»، مرجّحةً «وجود دعم قطريّ خلف الشيخ

الكردي».

في وقتٍ يترقّب المعنيون ما قد تحمله المرحلة المقبلة، يُجمع المراقبون على أنّ عودة رئيس الحكومة سعد الحريري وعدم رغبتِه في «تغييب صوته عن المشاركة في الانتخابات، تضفي زخماً وقوّة على الاستحقاق وتعطي دعماً لمستقبل المفتي الجديد».