ساعة ينتصر السياسيون، يتصرّفون كأسياد وقادة… وجلاوزة أشدّاء.
… ولا أحد يأخذ منهم مرونة بالمواقف، أو يستدرجهم الى مواقع تتّسم بالليونة.
كان ظهور وزير الخارجية السوري وليد المعلم، في مؤتمره الصحافي يتّصف للمرة الأولى، بالحوار لا بالإنغلاق.
ليس، لأنه يطلّ على الشاشة الصغيرة، بعد شفائه من وعكة صحية ألمّت به.
بل، لأن الوضع السوري كان حرجاً، بعد أيام من القتال مع داعش.
هل كان النظام السوري في موقع ضعيف عسكرياً؟
أم لأنه اختار الخروج من معركة، كان يجد في متابعة القتال ضد العناصر المتطرّفة، أقرب الى الانحناء منه الى الانكسار.
لبنانياً، كان موقف نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، من بعلبك، داعية حوار هادئ، رجل المواجهة الصارم.
ربما كان الرأي قوياً، عند النائب جوزيف المعلوف، أقوى، من آراء نواب التغيير والاصلاح، في مسألة الاستحقاق الدستوري.
لماذا؟
لأن نائب زحلة كان يعبّر عن آراء القوات، أما الآخرون، فيريدون، نواب ١٤ آذار، الى الحوار لا الى الافتراق، في قضيتهم الأساسية، والجديدة، اجراء تعديل في الدستور، ليصار الى الانتخاب الرئاسي من الشعب، لا عبر النواب.
ربما، كانت الداعشية السياسية كما يقول النائب الدكتور عاطف مجدلاني تطرح مذهباً سياسياً من خارج ما هو متعارف عليه دستورياً وسياسياً.
إلاّ أن عنوان المرحلة: الاعتدال في مواجهة التطرّف.
كان نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيف أبي اللمع، يدعو في بدايات القرن العشرين، الى تكبير حجم المواقف والى تصغير حجم الأحجار، لأن التضارب في الآراء أخفّ وطأة من المواجهة بالأحجار الكبيرة.
وبين الأحجار والمواقف فرق شاسع هو نفسه بين التطرّف والاعتدال.
في تاريخ البلاد علامات فارقة.
وفي النصف الثاني من حقبة الخمسينات، أرسى الرئيس كميل شمعون علاقات جيدة مع ملك الأردن الحسين بن طلال.
وأقام علاقات وطيدة مع عاهل العراق فيصل الثاني ورئيس حكومته نوري السعيد.
على نحو ما فعل سلفه بشارة الخوري مع الملك فاروق ورئيس وزراء مصر مصطفى النحاس باشا في مصر، ومع شكري القوتلي وحسني الزعيم وأديب الشيشكلي في سوريا.
الا ان الرئيس فؤاد شهاب حدد معالم العلاقات مع جمال عبد الناصر.
وعرف، بعد لقاء الخيمة عند الحدود اللبنانية – السورية، التماسك في العلاقات الداخلية.
تفاهم فؤاد شهاب مع الرائد العربي، على دور لبنان العربي، وبرسم خريطة للعلاقات في الداخل اللبناني.
وكانت هذه هي العلاقة الفارقة أو المفارقة بين ما يوحد ويفرّق.
ولعل الانقلاب العسكري الفاشل، الذي قاده الحزب القومي، هو المفارقة التي تكررت العام ١٩٧٦، عندما أذاع العميد الاحدب البلاغ رقم واحد.
يومئذ كان انقلاب ١٩٦١ انقلاباً على الورق.
وكأن انقلاب العام ١٩٧٦، انقلاب بيد المنظمات.
بعد نصف قرن، يتضح للجميع، ان لبنان هو بلد الحوار.
… وانه وطن التفاهم.
وميدان للحكم الديمقراطي.
ربما، برزت الحرية والديمقراطية والوفاق دستوراً موازياً للدستور اللبناني.
وكان الرئيس حبيب باشا السعد يراه مصباح ديوجين في رابعة النهار.
لماذا لا يريد الحاكمون، أن يعترفوا بهذا الواقع، مع انه دستور غير مكتوب.