قبل اجتماع التحالف في جدة لترتيب الحملة على “داعش”، كان واضحاً ان السعودية ستضطلع بدور قيادي في إسناد ودعم المقاتلين الذين سيتقدمون على الأرض في العراق كما في سوريا، بالتنسيق مع اميركا التي تتولى عمليات القصف الجوي وتدير التحالف الدولي للحملة على الارهاب.
اتصال باراك اوباما بخادم الحرمين الشريفين قبل اجتماعه مع زعماء الكونغرس وقبل ان يعلن انه سيشن حملة لا هوادة فيها لمهاجمة “داعش” في العراق وسوريا وأينما وجدت، أكّد ما أعلنه جون كيري بعد انتهاء اجتماع جدة، ان للسعودية دوراً قيادياً وأساسياً في الحرب، وما نقلته “النيويورك تايمس” عن محللين بارزين من ان السعودية هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي تملك القوة والشرعية لهزم “داعش”.
دنيس روس يقول ان تولّي السعودية مركز القيادة يدعم شرعية الحملة على “داعش”، وهذا يذكّر بأنها اجتثّت تنظيم “القاعدة” داخل اراضيها، وهي الوحيدة التي لها الصدقية الدينية والشرعية لقيادة حملة على اولئك القتلة والمجرمين الذين اختطفوا الاسلام وشوّهوا صورته في العالم. ثم إن خادم الحرمين الشريفين كان قد دعا الى إنشاء المركز الدولي لمحاربة الارهاب عام ٢٠٠٥ وتبرّع له بمبلغ ١٠٠ مليون دولار تسلمها بان كي – مون.
اعلان البيت الابيض ان اوباما اتفق مع الملك عبدالله على دعم المعارضة السورية المعتدلة وان الاسد فقد شرعيته، ثم اعلان كيري من بغداد ان اميركا لم ولن تتعاون مع ايران والاسد في محاربة الإرهاب، شكّلا دليلاً على ان اميركا. أدركت اخيراً انها لا تستطيع ان تضع السوريين امام خيارين بغيضين “إما الاسد وإما داعش” كما قال كيري، وهو ما يضع المعركة ضد الارهاب في مسارها الصحيح.
سقطت اوهام الاسد حيال الإلتحاق بالحرب على “داعش” التي ساهم في خلقها، كما سقطت اوهام الايرانيين حيال هذا الموضوع، وإن كانوا يقاتلون الارهابيين في العراق حيث سارعوا الى تقديم الاسلحة الى البيشمركة، اما الروس الذين يدوسون القانون الدولي بالأقدام في القرم واوكرانيا فقد استيقظوا على كوابيس أثارها قرار شن الحرب على “داعش” التي ساهم دعمهم لمذابح الاسد في خلقها.
لقد نسي الاسد ونسي بوتين كل ما قالاه عن محاربة الارهابيين في سوريا، والآن يعلن النظام ان أي عمل ضد “داعش” من دون تنسيق معه يشكّل اعتداءً على سوريا ولكأن البراميل أبقت حجراً على حجر فيها، وتعلن موسكو بكل صفاقة ان ضرب “داعش” من دون موافقة الامم المتحدة يشكّل انتهاكاً للقانون الدولي.
ومن الطبيعي ان يسخر كيري من الموقف الروسي الذي يثير الاشمئزاز، في حين يبرز دهاء الايرانيين الذين اكتفوا بالقول ان التحالف لضرب “داعش” شديد الغموض!