Site icon IMLebanon

رئاسة «المحاكم الشرعية»: عساف والنقّري أبرز المرشحين

من يخلف دريان؟ (2/2)

رئاسة «المحاكم الشرعية»: عساف والنقّري أبرز المرشحين

في أروقة المحكمة السنيّة الشرعيّة في الطريق الجديدة لا همس يعلو فوق همس «معركة الرئاسة الصامتة». الجميع يمني النفس بأن يكون هو رئيساً للمحاكم خلفاً للمفتي الجديد عبد اللطيف دريان، وإن لم يقم أي واحد منهم بإعلان ذلك على الملأ. تماماً كدريان الذي لم يُفصح بعد عن ورقته الرابحة، فهو يؤكّد أن الأمر غير مطروح في الوقت الحالي، بما أنّه سابق لأوانه.

يعتقد المعنيون أن «المستقبل» سيسعى إلى إيصال شمالي أو بيروتي (في الدرجة الثانية) في منصب رئاسة المحاكم، بغضّ النظر عن الاعتراضات التي يطلقها علماء الدين في المناطق الباقية.

وبالرغم من ذلك، تبقى «المعركة الصامتة» تدور بين 8 مرشّحين مفترضين في المحكمة في بيروت، وهم بحسب الأقدميّة والدرجات:

– مستشار المحكمة القاضي الشيخ عبد المجيد سالم، هو القاضي الأكبر سناً والأكفأ بين زملائه لحيازته على أعلى نسبة درجات خلال تنقلّه في السلك القضائي الشرعي. إلا أنّ سالم لن يكون موجوداً في المحكمة بعد 15 أيلول، لأنه سيبلغ السن القانونية (68 عاماً) نهاية الشهر الحالي، ليحال على التقاعد.

– رئيس محكمة الاستئناف في محكمة بيروت الشرعية القاضي الشيخ أحمد شميطلي، سيسيّر أعمال المحكمة الشرعيّة بالإنابة إلى حين تعيين رئيس جديد لأنه الأكبر سناً بعد تقاعد سالم، غير أن الكثيرين يشككون في إمكانيّة قبوله تولّي الرئاسة بشكلٍ دائم، بعد أن رفض منذ أشهر قليلة العرض الذي قدّم إليه من معنيين بأن يكون مفتياً للجمهوريّة.

الرجل الزاهد بالمناصب يعيش حياة أقرب إلى التصوّف. عارفو شميطلي داخل المحكمة وخارجها لا يكفّون عن التنويه بكفاءته ودماثة خلقه ونظافة كفّه، ولكنّهم يعلمون أنه لن يرضى بالدخول إلى «بورصة المرشحين».

– القاضي الشيخ عبد الرحمن مغربي، هو من القضاة الذين صدر مرسوم تثبيتهم في العام 2000، وحائز على درجات تؤهّله لخلافة دريان. العالمون بأحوال المحكمة الشرعيّة يستبعدون قيام جهة محدّدة بتبنيّه وتسويق اسمه للرئاسة، وذلك لأنّ القاضي البيروتي «صعب المراس وغير مرن» ومقلّ في علاقاته السياسيّة وحضور المناسبات الاجتماعية الخاصة بالسياسيين.

ويعتبرون أنّ خروج السياسيين من دائرة التسمية وترك الأمر لدريان لن يقلبا الموازين لصالح مغربي، مؤكّدين أن المفتي الجديد قد يكون على علم بالصورة المعيبة بحقّه التي وزّعها مغربي على المجموعة الخاصة بالقضاة الشرعيين على الـ«واتس اب» قبيل أيام من الانتخاب والتي تختصر «خصومتهما».

– القاضي الشيخ حسن الحاج شحادة، هو من دورة مغربي وحائز على الدرجات نفسها، وإن كان الرجل بعكس زميله، إذ عرف كيف يوطّد علاقاته بالأطراف الداخليّة (لا سيما تيار «المستقبل») والإقليمية.

إلا أن هذه العلاقات قد لا تحقّق على الأغلب الوصول إلى رئاسة المحاكم، إذ أن حظوظ الحاج شحادة في اقتناص الفرصة قليلة، نظراً للعلاقة التي تجمعه بدريان. المعنيون بالملف يذكّرون بالخصومة التي عاشها الرجلان مؤخراً، مشيرين إلى أن علاقتهما لم تتطوّر سوى تحوّلها إلى علاقة رسميّة (علاقة عمل) في الوقت الحالي. بالإضافة إلى أنّ مسقط رأس الحاج شحادة هو شحيم ـ إقليم الخروب، ما يوحي بإمكانيّة استبعاده باكراً من بين الأسماء المرشّحة، إذا ما تمّ الاتفاق على أن يكون الرئيس الجديد من الشمال أو بيروت.

– القاضي الشيخ محمّد عسّاف هو من القضاة المعيّنين من قبل المفتي قبّاني وإن انقلبت الأمور في ما بعد، ليكون اليوم أقرب إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. يؤكّد معنيون داخل المحكمة أنّ وصول اسم عسّاف ليكون أحد المرشّحين لخلافة قباني مردّه إلى العلاقة الوطيدة التي تجمع عمّه علي عسّاف (بحكم العمل المشترك) بميقاتي. علي عسّاف استطاع أن يقنع رئيس الحكومة السابق بتبني ترشيح ابن أخيه إلى الإفتاء سابقاً أو رئاسة المحاكم.

يدرك عارفوه أنه المرشّح الأوفر حظاً، لأن «المستقبل» لن يضع «فيتو» على اسم القاضي الهادئ بالرغم من قربه من ميقاتي في مكان معيّن. بالإضافة إلى ذلك، فقد أكّد بعض أعضاء «هيئة علماء المسلمين» مؤخراً أنهم يؤيدون وصوله أكثر من مرشحهم إلى منصب المفتي أحمد درويش الكردي. كيف انقلبت الأمور؟

يعود المعنيون إلى يوم انتخاب دريان، حينها لم تكن «الهيئة» وخلفها «الجماعة الإسلاميّة» تملكان إلا عضوين داخل «المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى»، الأوّل هو سامر منيمنة رشّح الكردي، والثاني هو النائب عماد الحوت الذي زكى الترشيح، فيما كان ينقصها عضو ثالث لاكتمال هذه العملية. بحث «الهيئة» لم يطل إذ كان منذر ضناوي العضو الثاني الذي أثنى على ترشيح الكردي.

الجميع يعرف أن ضناوي قريب إلى ميقاتي، ما يعني أن ترشيح الكردي لم ينجح إلا برضى، أو أقلّه بـ«غض نظر» من الرئيس الطرابلسي الذي دخل إلى جلسة انتخاب مفتٍ بترحيب لافت من الحوت.

ويعتقد البعض أن هذا الأمر قد يعني أن هناك اتفاقاً بين ميقاتي و«الجماعة» قد يكون عنوانه: دعم ترشيح عسّاف للمحاكم مقابل دعم ترشيح الكردي للإفتاء.

وبالرغم من الدعم المتبادل والواضح بين عسّاف وبعض أعضاء «الهيئة»، إلا أنّ ذلك لم يمنع من أن يكون الأخير مقرّباً من دريان. دارة المفتي في عائشة بكّار والوفود التي يستقبلها، شاهدة على العلاقة الأكثر من جيّدة بين «سماحته» والقاضي الذي لم يبلغ الـ40 عاماً. وهذا ما يعترض عليه زملاؤه، لأن إمكان تعيينه يعني بقاءه في المنصب إلى حين تقاعده، أي لحوالي 29 عاماً، إضافةً إلى أن هناك من هم أقدم منه في السلك.

– القاضي الشيخ أحمد درويش الكردي، يصفه زملاؤه بأنه «كفوء وطيّب القلب وخلوق ومحبوب ونظيف الكفّ»، مذكرين بأنه ما إن خسر معركة الإفتاء حتى قام من مكانه ليصافح دريان مهنئاً. وبالرغم من ذلك، يظنّ البعض أن مسألة ترشّحه في وجه دريان والتوافق حوله أحرقت مراكبه المؤدية إلى المحكمة الشرعيّة وحمّلته «فيتو» من «المستقبل» على اسمه.

– القاضي الشيخ عبد الرحمن الحلو هو القاضي البيروتي الذي كان مديراً لـ«كلية الشريعة» قبل أن يستقيل بعد خلافات إداريّة مع المفتي قباني، بعد أن عاد الأخير وعيّنه قاضيا في العام 2008. كثيرون داخل المحكمة يعترضون على ترشيحه على اعتبار أنّ هناك قضاة عيّنوا قبله ويستحقّون المنصب أكثر منه.

ولكن ليس موضوع الاقدمية والكفاءة هو السبب الوحيد على اعتراض زملائه على ترشيحه، إذ أن هؤلاء يرون أن اعتكافه بعد استقالته من «الشريعة» حينما قرّر أن يعزل نفسه عن غالبية معارفه، جعلت منه شخصاً حاد الطباع ويصعب التعامل معه، بالرغم من أنه تعمّق خلالها بمجال اللغات والعلوم الدينية ليصبح واحداً من أهمّ العلماء في لبنان.

– القاضي الشيخ بهيج غزاوي: هو أيضاً من المعيّنين حديثاً (2008) في «المحكمة الشرعيّة». وقد يصحّ القول إنه الأقلّ حظاً بين زملائه لخلافة دريان، لاعتبارات عمليّة بالإضافة إلى معيار الأقدميّة.

– محمد النقري عين كقاضٍ في المحكمة الشرعية في الـ2009 من دون امتحانات قضائية وإنما بمرسوم، على اعتبار أنه انتقل من الملاك بعد أن كان يشغل منصب مدير دار الفتوى وأمين السرّ الخاص لمفتي الجمهوريّة، ولكن تعيينه في العام 2009 لا يلغي أن النقري هو ممن يتمتعون بالأقدميّة على اعتبار أنّه عين في الفئة الأولى في العام 2008، أي ما يوازي رتبة قاضٍ.

ويعتبر البعض أن «المستقبل» سيدخل من هذه «القطبة» لتعيين النقري رئيساً للمحاكم على اعتباره من دورة الحلو والحاج شحادة، مشيرين إلى العلاقة الجيّدة التي تربطه بالرئيس فؤاد السنيورة. فالنقري لم ينتقل من دار الفتوى إلى المحكمة الشرعية إلا بعد خلافات مع المفتي قباني أفضت، بحسب ما يقال، إلى نقل عدد من المستندات الخاصة بقباني في الدار إلى جعبة «دولة الرئيس». وهذا ما ينطلق منه المعنيون بقولهم إن «المستقبل» سيمنح النقري «جائزة الترضية» بتعيينه خلفاً لدريان أو أمين سرّه.