Site icon IMLebanon

رئيس لبنان بالمرصاد.. لتمدّد إيران

لا يترك رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان مرجعية معنية في السياسة الخارجية اللبنانية إلا ويطالبها بتوضيح تصريح مستشار المرشد الأعلى الإيراني يحيى رحيم صفوي حول أن «نفوذ إيران يمتد الى جنوب لبنان حتى البحر الأبيض المتوسط». وتاريخ سليمان حافل بالمواقف السيادية التي لم يكن اللبنانيون معتادين عليها منذ ما بعد اتفاق الطائف، رفضاً لاستفزاز السياسة الخارجية للشعب اللبناني في عقر داره.

بالنسبة الى سليمان، كل تصريح يخرق حرمة الشعب اللبناني والوطن يستحق الملاحقة والمتابعة. سيادياً، لا يحق لأي طرف، داخلياً كان أو خارجياً، أن يستضعف اللبنانيين. وأن يستغل الصراع القائم في الداخل، وإمعان طرف في البلد في تعطيل الاستحقاق الدستوري الأهم وهو رئاسة الجمهورية لكي يطلق مواقف مهينة بحق الشعب.

ويتماهى التصريح الإيراني مع سلوك التعطيل الذي ينتهجه فريق 8 آذار بهدف منع انتخاب رئيس جديد للجمهورية بدل تسهيله، فأهدافه لا تتحقق إلا بحلول الشغور في موقع الرئاسة. هذا ما يفسح في المجال لفرصة إيرانية مناسبة لفرض إرادتها وفضح نياتها من دون خجل بما يتعارض مع ثقافة الاستقلال والحرية والديموقراطية التي تتمتع بها الدولة اللبنانية.

هذا ما يسمّى بالخرق السيادي الذي يرفضه قطعاً رئيس الجمهورية ولن يقبل به أي فريق سيادي في لبنان. هذا خرق للمنطق السيادي ورسالة إيرانية للبنانيين بالاستخفاف بالمواجهة التي اختارت قوى 14 آذار أن تخوضها في معركة الرئاسة وقلة تقدير لموقع الرئاسة والرئيس الحالي. فإن كانت السياسة الإيرانية تفتقر الى أدنى معايير الاحترام لرئيس الجمهورية واللبنانيين، بدعم من حلفائها في الداخل الذين لم يطلقوا أي موقف معارض لتصريح صفوي، فإنهم بالتكافل والتضامن مع إيران سيهلّلون لشغور موقع الرئاسة.

وإن كانت الحدود التي تعنيها إيران هنا لا تعني الحدود الطبيعية الجغرافية، فإن الطرف الإيراني يعني حتماً التخوم السياسية ذات المحتويات التوسعية، كأنما العالم ما زال يعيش في عصر الامبراطوريات القائمة على الصراعات العرقية والثقافية والدينية. لكن سليمان يقف بالمرصاد لأي خرق أو تخطٍّ لحدود الكلام أو تهميش لدور الدولة اللبنانية، معه لا يضيع حقّ على أن يلقى الآذان الصاغية عند من يطلب منهم ذلك.

إنها ليست المرة الأولى التي يتّبع فيها سليمان سياسة التوضيح: فأول الأسبوع حمّل الرئيس السفير الإيراني في لبنان غضنفر ركن أبادي رسالة لاستيضاح موقف المستشار وتبيان ما إذا كان رسمياً ويعبّر عن موقف الجمهورية الإيرانية. قبل ذلك، في صيف العام 2012، طالب سليمان السلطات الإيرانية بتوضيح رسمي بشأن وجود حرس ثوري إيراني في لبنان، واستدعى حينها أبادي نفسه. الكرة اليوم يرميها سليمان في ملعب وزير الخارجية جبران باسيل لاستيضاح تصريحات صفوي حول حدود إيران «عبر الطرق الديبلوماسية».

لقد طالب الرئيس مراراً إيران بعدم التدخّل في الشؤون اللبنانية، وقد أثبتت التجربة بأن الأمر ينتهي في كل مرة بأن يطلب سليمان الاستيضاح بنفسه، من دون أن يلقى طلبه مرة واحدة نفياً من النظام الإيراني، ما يعني أن التصريح رسمي ومحسوب له ألف حساب والقصد منه إضعاف مواجهة اللبنانيين في معركة الرئاسة الأولى والمستهدف الأول هو قوى 14 آذار وعلى رأسها مرشّح 14 آذار رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع.

هذه الألاعيب ما عادت تنطلي على السياديين في الدولة ولا على الشعب، وفي كل الأحوال فإن اللبنانيين لن يسكتوا على الرسالة الإيرانية الواضحة وفحواها بأن إيران ستكون اللاعب الأساسي على الساحة اللبنانية وسط غياب «قسري» للنظام السوري، وبالتالي بأنها ستفرض نفوذها على الدولة والقرار اللبنانيَّين بواسطة الحرس الثوري الإيراني وحلفائها في لبنان.. هذا ما يبرر تعطيل قوى 8 آذار لجلسات انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية. حتى 25 أيار سيكون سليمان بالمرصاد لـ«تمدد» إيران و«أمبراطوريتها» المفترضة، ولا شكّ سيسير الشعب اللبناني على خطى رئيسه.