Site icon IMLebanon

سعود الفيصل وإيران و«قورش الكبير»

خبران متزامنان شكّلا واجهة الحدث الإقليمي بالأمس، ففي الوقت الذي كان فيه رأس الديبلوماسية العربية عموماً والسعودية خصوصاً الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي يفتح نافذة ضوء في جدار الحائط الإقليمي المسدود، معلناً أنّ «إيران جارة ولدينا علاقات معها ونتحدث معهم ونأمل في إنهاء أي خلافات بين البلدين» ـ في كلمة له بمنتدى الاقتصاد والتعاون العربي مع دول آسيا الوسطى وأذربيجان ـ وذهب الفيصل إلى ابعد مما تتوقع المنطقة العربية ـ وهذه بادرة إيجابيّة كبرى تُقدم عليها المملكة ـ قال الفيصل: «آمل أن تسهم إيران في استقرار المنطقة ولا تكون جزءاً من مشكلة التدخل في المنطقة»…

وفي التوقيت ذاته الذي كان الفيصل يُعلن فيه أن «هناك رغبة في إعادة التواصل مع إيران وقد تم إرسال دعوة لوزير خارجية إيران لزيارة المملكة ولكن هذه الزيارة لم تتحقق ولم يزر»، كانت إيران في المقلب الآخر تؤكّد تماديها في مخططها للمنطقة العربيّة عموماً ولشاطئ البحر الأبيض المتوسط  من الجنوب اللبناني المحتل إيرانياً، ذهب السلوك الإيراني ناحية تؤكد أن العمل جارٍ على قدم وساق لتصدير «الفرسنة» إلى العالم العربي والعالم الإسلامي من بوابة مزيفة تتخذ من «أهل البيت» وادّعاء «التشيّع» لهم ذريعة وقحة، لأنّ إيران في الوقت عينه تقوم بأكبر حملة إحياء لتاريخ فارس وساسان طمعاً في استعادة إمبراطورية قورش أو كسرى الهالكة!!

للمفارقة وفي التوقيت العربي الخاطئ في مواربة الباب مع «الإيراني الطامع» تستعد إيران لإنتاج فيلم ضخم عن حياة «الفاتح الفارسي الكبير قورش» الذي وصلت قواته في القرن الخامس قبل الميلاد إلى بلادنا، وهذا الإنتاج يتزامن مع تصريح الجنرال يحيى رحيم صفوي بأنّ إيران «وصلت للمرة الثالثة في التاريخ إلى ساحل المتوسط»، إنه تاريخ يعيد نفسه منذ قورش وحتى الخميني والخامنئي استعادة إمبراطورية فارس!!

ولسنا نفهم هذا «الغباء» الفارسي وإصراره على استعادة إمبراطورية، في زمن اندثرت فيه كل الإمبراطوريات من أثينا وروما إلى الصين واليابان، الخبر الإيراني «القورشي» نقلته جريدة الوفاق الإيرانية معلنة أنّ «علي معلم» منتج مشروع الف?لم التاريخي «قورش الكبير»* الذي يراد منه تأريخ سيرة حياة الفاتح الفارسي الكبير، فيما المخرج الإيراني «مسعود جعفري جوزاني» قام بز?ارة إلى «الشيطان الأكبر» الولا?ات المتحدة الاميركية للتعاون مع شركات أميركية ف? مجال المؤثرات البصر?ة الخاصة بالف?لم، وأن الهدف من هذا المشروع هو عرض الفيلم في 5 آلاف صالة س?نمائ?ة حول العالم، ف? إطار التصدّي لحملة «التضل?ل» الت? ?قوم بها الغرب ضد إيران والحضارة الإيرانية، عبر إنتاج أفلام هدفها رسم صورة مشوهة عن إيران وشعبها وثقافتها العر?قة»، ألا يستوجب هذا الفخر «القورشي» أن نتساءل عن إيران التي لا ترى حضارة لها في ظلّ الإسلام؟!

الفن والثقافة والإعلام جزء من منظومة حرب كاملة  تشنها إيران على المنطقة وعلى العالم العربي، وتحاول أن تقدّم نفسها للغرب في عباءة التاريخ القديم منذ «الأخمينيين»، وهذه حرب لا يستهان بها، في وقت يصرف فيه العرب أموالهم الطائلة على برامج الترفيه السخيفة والغناء والمواهب ويحاولون أن يجعلوا نت صوص يغنّي رمزاً!!»

صحّ النوم ياعرب»، أين ايران وأين أنتم منها ومن وضعها كلّ قدراتها في سبيل مشروعها، يستحقّ «قورش الكبير»  أن تلمّع إيران صورتها عبره أمام العالم وتشد عزم مشروعها باستعادة التاريخ الطموح، فيما الجمهور العربي يتابع «شكلك مش غريب»!!

* «قورش» أو «كورش» أحد أعظم ملوك الفرس الأخم?ن??ن، استولى على آس?ا الصغرى وبابل وم?د?ا، وأسس إمبراطورية مترام?ة الأطراف، وأرسى مبادئ لحكمها، وقد عمد كورش الى منح المناطق المحتلة أقصى درجة من الحكم الذاتي.

ومن إنجازات «قورش الكبير» حبيب الشعب اليهودي قبل الإيراني أمر بإعادة اليهود من بابل إلى فلسطين بعدما كان سباهم الملك الأشوري «نبوخذ نصر»، كما أمر بإعادة بناء هيكل سليمان».