Site icon IMLebanon

سفراء يستغربون ويسألون النواب: نصاب لغزة والموصل وتعطيله لانتخاب الرئيس؟

أن يلتئم مجلس النواب بنصاب مكتمل يوم السبت الماضي في تضامن مع أهل غزة، فهذا عمل يكرسّ الثبات في التعامل الرسمي مع الفلسطينيين في قضيتهم منذ ان استضافهم منذ نهاية الأربعينيات . برهن النواب على اختلاف مشاربهم تعاطفهم مع أهالي غزة متناسين القتال الشرس لفصائل مسلحة بتجاوزات من عناصرها ضد أحزاب لبنانية في مطلع السبعينات، مما أدى الى سقوط ضحايا وتدمير هائل أصاب معظم المناطق وصولا الى بيروت والى احتلال اسرائيلي لأجزاء من الجنوب بسبب عمليات سمح اتفاق القاهرة للفدائيين بشنها ضد اسرائيل.

نسي اللبنانيون الممارسات التي أنتجت آلاف القتلى والجرحى والأضرار المادية الضخمة التي انتهت باخراج منظمة التحرير الفلسطينية، وأبدى مجلس النواب السبت في جلسة استثنائية له تعاطفه مع ما يعانيه سكان غزة. ولم يتردد النواب في التنديد بالممارسات العسكرية التي سبق ان نال لبنان مثلها الكثير في حرب تموز 2006.

وقد أصدر المجلس توصيات يدعو فيها مجلس الامن الى الوقف الفوري لإطلاق النار وفك الحصار الاسرائيلي عن غزة الذي كان وراء دخول “كتائب القسام” الجناح العسكري لحركة “حماس” في المعركة.

ليت النواب بقوا في مقر البرلمان واتفقوا على انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد مرور اكثر من شهرين على الشغور الرئاسي. ألا يعتقد رؤساء الكتل النيابية الذين اتفقوا لدعم الفلسطيني في غزة، انهم مسؤولون عن كل يوم تأخير في ملء هذا الشغور الذي احدث خللا في تركيبة المكونات الدستورية للبلاد وأدى الى الشلل في العمل التشريعي.

أما بالنسبة الى موقف المجلس من الدعوة الى الوقوف بجانب مسيحيي الموصل فهذا يندرج في سياق  تكريس صيغة التعايش النموذجي للبنان، الوحيد من نوعه في العالم وليس فقط في منطقة الشرق الاوسط. ولعل هذا الموقف هو تأكيد جديد لأهمية التعايش الطوائفي للبنان الذي يشكل حصنا منيعا في وجه الحركات التغييرية التي أصابت سوريا والعراق بشكل خاص وأغرقتهما في اقتتال مذهبي يتجدد ويتمدد الى أنحاء البلاد.

اذاً، اجتمع مجلس النواب يوم السبت الماضي من أجل مسألتين خارجيتين، الاولى سياسية تندرج في إطار النزاع العربي ضد اسرائيل، والثانية متصلة باضطهاد أقلية دينية مسيحية في العراق متجذرة في أراضيه منذ قرون، ولا سيما ان تنظيم “داعش” الذي هو وراء أبعاد نحو 15 الف مسيحي ينتمون الى الطوائف السريانية والآشورية والكلدانية. انه وقفة حضارية وتجاوب مع طلب بطريرك الأرثوذكس مار افرام الثاني.

ولكن يسأل اللبناني بعد الجلسة ايحق للنائب الذي ننتخبه ان يشعر مع المسيحي في الموصل ويتجاوب مع بطريرك السريان الأرثوذكس الذي يرعاه، ولا يتجاوب مع نداءات بطريرك أنطاكية وسائر المشرق بشاره الراعي الذي يجدد كل يوم الدعوة الى انتخاب رئيس للجمهورية وعدم ابقاء قصر بعبدا مغلقا حتى أشعار آخر.

لم يخف سفراء في بيروت استغرابهم لاتفاق النواب على موقف موحد من معضلتين خارجيتين في العراق وغزة، وترك بلادهم من دون رأس للجمهورية، وفق تعبير احدهم الذي يمثل دولة اوروبية بارزة، وقد حضّ النواب على الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت من اجل تحصين الاستقرار السياسي للبلاد، لأنه الداعم للاستقرار الامني الذي تحاول تنظيمات ارهابية خلخلته عبر انتحاريين يُرسلون للقيام بعمليات تفجيرية ضد أماكن ذات طابع مذهبي. الا ان السفير يؤكد ان المنعة التي تتمتع بها الاجهزة من تربية ضباطها وافرادها على الإخلاص للوطن هي الضمان في تعطيل تلك المحاولات، وان تكامل الاستقرارين السياسي والامني هو بداية عودة البلاد الى وضعها الطبيعي . ويرى ان مفتاح الحل للتشنج السياسي المتمادي المتمثل في تأخير انتخاب رئيس للجمهورية، هو في يد مجلس النواب وان أي تأخير إضافي منه يشكل مسؤولية لا يمكن ان يتنصل منها بحجة اللعبة الديموقراطية التنافسية بين المرشحين. وحذر من المضي في المماطلة داعياً الى تجاوز التحجج بالتفاهم السعودي الايراني وختم موجها الكلام للنواب ولرئيسهم: “ليبرهن النواب مرة واحدة انهم لبنانيون لطالما نادى زعماء أحزابهم وتياراتهم بأنهم أحرار!”.