Site icon IMLebanon

سلام يدقّ ناقوس الخطر: على القيادات ضبط الإنفعالات في الشارع

سلام يدقّ ناقوس الخطر: على القيادات ضبط الإنفعالات في الشارع

درباس لـ«اللــواء»: لماذا تُترَك الحكومة وحدها؟ هروب جماعي للنازحين من بعض أحياء الضاحية

السؤال الكبير الذي فرض نفسه بعد توجيه الرئيس تمام سلام كلمة الى اللبنانيين: أين تقف القوى السياسية، ليس من مسألة احتجاز العسكريين لدى القوى المسلحة المتطرّفة، بل أين تقف على صعيد توفير ما يلزم من دعم للحكومة المتمثلة فيها، ولا سيما فريق 8 آذار، في وقت تواجه فيه مسألة من أخطر المسائل تعقيداً وصعوبة يتداخل فيها الإقليمي والمحلي وربما الدولي، وهي الأولى من نوعها منذ انتهاء الحرب الأهلية وولادة دولة الطائف.

وقال مصدر واسع الاطلاع لـ «اللواء» على أي جبهة تقاتل الحكومة، هل على جبهة استعادة العسكريين الأسرى، حيث اعتبرت أن قضيتهم أولوية وطنية لا يتقدّم عليها أي شيء آخر، أم للملمة التحركات الجارية في الشارع والتي تهدد في حال استمرارها بفتنة جديدة غير الفتنة التي تسعى لتدبيرها تنظيمات متطرّفة مثل «النصرة» و«داعش»؟ وكيف يمكن للحكومة أن تواجه تداعيات الأزمة السورية بكل فصولها وتداعياتها، فيما القوى السياسية تكتفي بإصدار بيانات لا تُغني ولا تُسمن من جوع، وكأن المشكلة مع الحكومة، ومع القرار السياسي، مع العلم أن كتل 8 آذار تشارك بفعالية في الحكومة، وأصرّت الجهات الحكومية الرسمية على إشراكها في خلية أزمة العسكريين المحتجزين؟

 ولعل هذه الأسئلة هي التي تقف وراء الكلمة الهادئة والموزونة التي وجهها الرئيس سلام الى اللبنانيين عند الثامنة و5 دقائق من مساء أمس، والتي خصصها لقضية العسكريين، سواء الذين استشهدوا منهم أو الذين ما زالوا قيد الاحتجاز، وتفاوض «داعش» و«النصرة» الحكومة اللبنانية بالدم، على حد تعبير الرئيس سلام.

قال الرئيس سلام في كلمته ما يجب قوله: مشاطرة أهالي العسكريين المخطوفين حزنهم وأساهم، وهو يحظى بكل احترام وتفهّم، لكن ما جرى في الشارع في الأيام الماضية أساء للشهداء والأسرى.

انتقد الرئيس سلام ضمناً إقفال الطرقات وتعطيل الحركة، متسائلاً: هل بمثل هذه الأعمال نستعيد عسكريينا؟، «المواجهة في مكان آخر، وهي مع العدو الإرهابي»، ملمحاً ضمناً الى أنه من الخطأ نقلها الى الداخل.

ومن دون مواربة، دعا الرئيس سلام القيادات السياسية الى «الارتفاع الى مستوى التحدي، وإدراك حراجة اللحظة الراهنة، والعمل على ضبط الانفعالات والغرائز وتصويب الرؤية»، في إشارة الى أن الأطراف السياسية الممثلة في الحكومة، لا تبذل ما فيه الكفاية لضبط الشارع.

ورد الرئيس سلام على من وصفهم بـ «الهمجيين»: «لن نجزع ولن نستسلم لمشاعر الانتقام، سنتمسك بالحكمة والصبر، ولسنا في موقف ضعف، ولدينا خيارات عديدة، وهي عناصر قوة متعددة بين أيدينا».

وفي إشارة الى استمرار الوساطة القطرية، وجّه الرئيس سلام تحية الى أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على مساعيه المستمرة لمساعدة لبنان على تجاوز هذه المحنة.

وتوقع أن تكون المعركة طويلة، «فالعدو ليس تقليدياً، لقد تسبّب لنا بألم كبير وقد يتسبّب بألم أكبر».

وطالب سلام بإيلاء الحكومة الثقة بإدارة هذا الملف بعيداً عن المزايدات. وتوجّه الى ذوي العسكريين المخطوفين، بعد أن وجّه التحية لأرواح الشهيدين، ومشيداً بوالديّ الشهيد الرقيب علي السيد والجندي عباس مدلج، مؤكداً أن الجيش لن يتخلى عن جنوده، معيداً الى الذاكرة المشهد التضامني الوطني بوجه الإرهاب الذي أعقب الهجوم المسلّح على عرسال.

وأكد أن «لا خيار أمامنا سوى التماسك الوطني مهما كان الألم كبيراً، فلبنان لن ينكسر، وهؤلاء الارهابيون سيهزمون بالتأكيد».

أما بالنسبة للتعرض للنازحين السوريين فدعا لترك الأمر للسلطات المختصة، بعد أن قبل لبنان باستجارة هؤلاء النازحين الذين خرج بعضهم عن حرمة الضيافة واعتدوا على عسكريينا ومدنيينا.

درباس

 ولاحظ وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس في حديث لـ «اللواء» أن الحكومة باتت متروكة لوحدها في الشارع، فيما أهالي العسكريين المخطوفين يقطعون الطرقات ويتهمون الحكومة بالتقصير وبالتواطؤ، ولا أحد من القادة السياسيين يدافع عنها، أو حتى يرفدها بموقف متضامن أو داعم.

ووصف درباس الحكومة بأنها عبارة عن «بيت مركب من ورق اللعب» (كوتشينة)، يمكن أن يسقط في أية لحظة، لكنه شدّد، من ناحية ثانية، على انها أيضاً خشبة الخلاص، وانها خط الدفاع الأوّل عن الدولة وعن المؤسسات، وهي آخر خط متصدع في هذه الدولة.

وقال، مبدياً اسفه لعدم تضامن السياسيين مع الحكومة «نحن حكومة بدل عن ضائع (المقصود هنا رئيس الجمهورية) مهمتنا أن نحافظ على المؤسسات، بانتظار أن يتفق هؤلاء السياسيين، معتبراً أن الدولة معطلة بسبب عدم اتفاقهم».

خلية الأزمة

 وسبق توجيه الرئيس سلام كلمته إلى اللبنانيين، اجتماع طارئ لخلية الأزمة الوزارية، في دارة رئيس الحكومة في المصيطبة، غاب عنها الوزيران جبران باسيل وعلي حسن خليل بداعي السفر.

وأشارت المعلومات إلى أن النقاش تركز على التطورات المتعلقة بقضية العسكريين الأسرى والمفاوضات والاتصالات الجارية على الأرض وخصوصاً في ما يتعلق بمطالب الخاطفين واستشهاد الجندي عباس مدلج.

وأكدت المعلومات أن الحكومة على موقفها برفض المقايضة، وهي ستجتمع الثلاثاء المقبل مع أهالي العسكريين المخطوفين لوضعهم في أجواء المفاوضات والاتصالات الجارية لاطلاق سراح ابنائهم، على أن يلي ذلك اجتماع أمني عسكري موسع.

وكشفت المعلومات أن لبنان تسلم من الموفد، من قبل القطريين، مطالب جبهة «النصرة» و«داعش» التي تتركز على مسألة الإفراج عن سجناء اسلاميين.

وبعد الاجتماع الذي دام قرابة الساعتين صدر بيان عن المجتمعين أكدوا فيه التداول باخر التطورات على اثر استشهاد الجندي في الجيش عباس مدلج، وتوجه المجتمعون بالتعازي إلى والديه والجيش وجميع اللبنانيين.

وثمّن المجتمعون الموقف الوطني الذي صدر عن والديه وعائلته، وقرروا متابعة التواصل مع القيادات السياسية والأمنية بهدف معالجة ملف العسكريين المخطوفين. واعتبرت خلية الأزمة نفسها في حال انعقاد دائم.

وكشفت مصادر وزارية لقناة «المنار» عن خيارات مطروحة لمواجهة الإرهاب في جرود عرسال، مشيرة الى أن الدولة يجب الا تفاوض من موقع ضعف، اذ أن بيد الحكومة اوراقاً كثيرة، وأن أي تفاوض مقبل يجب أن ينطلق من مسلمة أن أي تعرض لأي من العسكريين بسوء خلال التفاوض يعني ان ثمناً يجب ان يدفع من قبل الارهابيين، اذ أن عدداً كبيراً من الموقوفين في سجن رومية محكومون بالاعدام، والدولة تستطيع تنفيذ هذه الاحكام.

ولاحظت أن النقطة الأكثر أهمية التي اثيرت في اجتماع خلية الأزمة، هي محاصرة المسلحين القادمين على عرسال وجرودها وضرورة ممارسة الدولة ما يلزم لمنع ما يتمتع به الارهابيون من مأكل ومشرب والدعم والاستشفاء، وهذا كلّه يجب ان يستخدم في التفاوض، وهذا القرار يعني بسط الجيش سيطرته على عرسال، ولو اقتضى الأمر مواجهة لتحريرهم.

وقالت أن قناة التفاوض يجب أن تكون واضحة كما برنامجها، والقناة المفتوحة حالياً هي قطرية ويتابعها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.

اما وزير الشباب والرياضة عبد المطلب حناوي فأوضح، من جهته، لـ «اللواء» أن مطالب الجماعات الخاطفة للعسكريين تختلف عن مطالب أي جماعات أخرى تعاطت معها الدولة اللبنانية سابقاً، متوقعاً ان يستغرق هذا الملف وقتاً، وأن تعترض الحكومة بعض المشاكل، نظراً إلى صعوبة تحقيق هذه المطالب.

وذكر الوزير حناوي بموقف الحكومة الرافض للمقايضة، لافتاً إلى انه في الإمكان أن نتوقع أي شيء من الجهات الخاطفة، التي قد تقدّم على تنفيذ ما تريد، وهي جهزت، على ما يبدو، خططها، متمنياً على الأهالي الذين يملكون مطلباً محقاً ومشرفاً عدم تنفيذ ما تسعى إليه الجماعات المسلحة.

اعدام مدلج

 تجدر الإشارة إلى أن اعدام تنظيم «داعش» الجندي المخطوف عباس مدلج، وهو من بلدة مقنة البقاعية، أثار استياء عارماً في لبنان، شهدت على أثره مختلف المناطق توترات خطيرة، وعمت حال من الفوضى والغضب العديد من القرى البقاعية والجنوبية، ولا سيما في ضاحية بيروت الجنوبية، حيث قطعت الطرقات بالاطارات المشتعلة احتجاجاً، واشتغلت شبكات التواصل الاجتماعي باخبار وشائعات زادت الطين بلة، وخصوصاً انها طاولت وضع النازحين السوريين، مما اضطر عدد من هؤلاء إلى مغادرة أماكن اقامتهم باتجاه مناطق أكثر أمناً لهم.

ومن بين هذه الممارسات تداول رسائل نصية عبر أجهزة الهاتف الخليوي تضمنت بياناً منسوبا الى قيادة الجيش حول أوضاع النازحين، فسارعت القيادة إلى نفي هذا البيان جملة وتفضيلاً.

وكانت معلومات قد تحدثت عن حركة نزوح سوريين من قرى الجنوب والضاحية، ولا سيما في الغبيري والشياح، بعد توزيع منشورات في حي السلم تطالب بالانتقام للشهيد مدلج، داعية السوريين في الضاحية الىالخروج منها من دون استثناء، لكن عائلة الشهيد مدلج أصدرت بياناً دعت فيه إلى درء الفتنة وعدم السماح للتكفيريين للتغلغل إلى النسيج الوطني، معلنة ان الشهيد هو شهيد كل لبنان ولنا ملء الثقة بالجيش، وهو ما أكد عليه ايضاً عضو مجلس شورى «حزب الله» الشيخ محمد يزبك بعد تقديم العزاء للعائلة في بلدة أنصار، مشيراً إلى انه اذا كان الدواعش ومن معهم يخططون لفتنة في هذا البلد، نحن سنطفئ نار الفتنة بموقف عزيز، معتبراً ان الاعتداء على أي شخص من النازحين السوريين هو سبيل لجلب الفتنة إلى هذا الوطن.