سلام يصل السعودية.. ويحذر من «الفراغ بعد الشغور» في الرئاسة اللبنانية
الحريري «لن يتخلى» عن حلفائه.. وجلسة نيابية غدا بطلب من سليمان
حذر رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام من «الفراغ بعد الشغور»، في موقع الرئاسة اللبنانية مع اقتراب ولاية الرئيس ميشال سليمان من نهايتها، في إشارة واضحة إلى احتمال «تطيير» حكومته بعد شغور الرئاسة، التي تنتقل صلاحياتها إلى الحكومة. وأعرب عن أمله في أن يكون الاستحقاق الرئاسي «صناعة لبنانية» كما كانت الحكومة من دون أي تدخل خارجي. وبينما تثير أوساط لبنانية قضية قبول سعد الحريري، رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق، بالجنرال ميشال عون، زعيم التيار الوطني الحر، «رئيسا توافقيا»، أكد مصدر مقرب من الحريري أنه لن يتخلى عن حلفائه، في إشارة ضمنية إلى سمير جعجع، زعيم حزب القوات.
وقال المصدر المقرب من الحريري، لـ«الشرق الأوسط» إن الأخير «اتخذ خيارا استراتيجيا فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية مفاده أنه لن يفرض مرشحا على أحد، وأنه يريد لهذا الاستحقاق أن يكون مسيحيا بامتياز، وأنه لن يتخلى عن حلفائه».
كما أكد مصدر قريب من جعجع، مرشح «14 آذار» للمنصب لـ«الشرق الأوسط» أن الطرفين (الحريري وجعجع) اتفقا على كل شي فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية، وهو ما أكدته أيضا مصادر قريبة من الحريري. وأن الطرفين اتفقا على مقاربة موحدة للملف، وعلى مجموعة خطوات قررا إبقاءها سرية. وأضاف المصدر أن «التزام الحريري ترشيح جعجع لا لبس فيه، ومن لا يصدقنا فلينزل إلى البرلمان الخميس المقبل مؤمنا النصاب وليصوت لمن يشاء».
ويجتمع البرلمان اللبناني مرتين هذا الأسبوع، إذ سينظر غدا (الأربعاء) في رسالة وجهها الرئيس سليمان إلى المجلس مطالبا إياه بالانعقاد وانتخاب خلف له قبل نهاية ولايته الرئاسية فجر الأحد المقبل، ثم سيجتمع مرة جديدة الخميس في محاولة لتأمين النصاب لجلسة الانتخاب. غير أنه ليس من الواضح بعد، ما إذا كانت هذه الجلسة ستنعقد، نظرا إلى أربع تجارب سابقة فقد فيها النصاب اللازم لانعقادها نتيجة مقاطعة قوى «8 آذار»، التي تضم «حزب الله» وحلفاءه في البرلمان، وذلك للمطالبة بالتفاهم على اسم المرشح قبل الدخول إلى القاعة. وقال وزير لبناني بارز لـ«الشرق الأوسط» إن احتمال انتخاب عون رئيسا لا يتجاوز 10 في المائة، لكن احتمال شغور موقع الرئاسة يساوي 90 في المائة.
وفي غضون ذلك، أمل رئيس الحكومة سلام أن يكون الاستحقاق «صناعة لبنانية كما كانت الحكومة من دون أي تدخل خارجي». وقال في تصريح للصحافيين على الطائرة خلال توجهه إلى المملكة العربية السعودية التي وصلها مساء أمس في زيارة رسمية تستغرق يومين: «إننا نعرف أن للقوى السياسية تواصلا مع الخارج إلا أننا لم نلمس أي تدخل خارجي بالاستحقاق الرئاسي»، مشددا على أن القول «إنني ذاهب إلى السعودية لبحث الانتخابات غير صحيح».
وأعلن سلام أن العلاقات مع الحريري «مستمرة ومتواصلة»، مشيرا إلى أن «العلاقات مع السعودية وطيدة، وأنا حرصت على بدء جولتي العربية بالسعودية»، منوها بما أعطته للبنان. ومن المقرر أن يلتقي اليوم (الثلاثاء) الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع.
ونفى سلام أن يكون البطريرك بشارة الراعي فاتحه بموضوع بقاء الرئيس سليمان في قصر بعبدا، مشددا على أن «هذا أمر لا أساس له من الصحة»، معتبرا أن الراعي «بطريرك كل لبنان لا طائفة». وعن إمكان استقالة وزراء عون من الحكومة إذا لم يُنتخب الأخير رئيسا للجمهورية، قال سلام: «لم أسمع هذا الكلام وأتمنى أن لا نذهب إلى مزايدات سياسية بعد 25 مايو (أيار)»، موعد انتهاء ولاية الرئيس سليمان.
وكان سلام التقى قبيل مغادرته البطريرك الذي حض النواب على انتخاب رئيس جديد قبل حصول الفراغ. وغمز من قناة النواب، قائلا: «إن ضميرهم الوطني يجب أن يقنعهم بانتخاب رئيس ودور النائب أن ينتخب رئيسا».
أما سلام، فقال في تصريح بعد اللقاء إن «عدم انتخاب رئيس هو دستوريا شغور. وهناك إحاطة لهذا الشغور في المادة 62 التي تعطي وكالة صلاحيات الرئاسة لمجلس الوزراء، وبالتالي هناك بعد آخر قد نذهب إلى الفراغ إذا ما تمت محاولة لتسييس هذا الشغور. ونأمل ألا نصل إلى ذلك وأن يتم ملء هذا الشغور». وأضاف: «قلت للبطريرك الراعي إننا نجحنا في ملء 35 مركزا شاغرا في البلد ونحن هنا لنمنع الشغور ونأمل ألا نصل لبعد الفراغ لأنه لن يكون مريحا للبنان. هناك مكونات أساسية في هذا الوطن ونحن نشأنا وتربينا عليها. لبنان واحد لا لبنانان، ولبنان لا يحلق إلا بجناحيه ولا نريد لبنان لوحده دون كل مكوناته».
من جانبه، كرر السفير الأميركي ديفيد هيل موقف الولايات المتحدة الداعي لانتخاب رئيس الجمهورية في المهلة المحددة ووفقا للدستور. وأشار في تصريح بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى أن «هدفنا هو مساعدة اللبنانيين لحماية العملية الانتخابية دون أي تأثير لتحديد النتائج مسبقا». وقال: «أنا مؤمن بأن الغالبية العظمى من اللبنانيين يريدون أن يكون بلدهم في سلام واستقرار، والقيام بالتزاماتهم الدولية». وشدد على أن «المجتمع الدولي يريد المساعدة في هذا المجال، مع التحديات الكثيرة التي تواجه اللبنانيين»، معتبرا أن «النجاح لن يكون ممكنا من دون التزام القيادات اللبنانية بهذه الأهداف وتضافر الجهود فيما بينهم. وأن يأخذ العمل الرئاسي والبرلماني والحكومي مساره لمواجهة هذه التحديات وتفادي دفع ثمن الفراغ». ورأى أن «الإمكانية لا تزال متاحة للقيادات اللبنانية من أجل تحقيق هذه الأهداف خلال المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية».