Site icon IMLebanon

سلة “تسوية شاملة” بعد .. 25 أيار؟

محاولة مسيحية لثني الراعي عن زيارة الأراضي المحتلة

سلة “تسوية شاملة” بعد .. 25 أيار؟

قبل يومين من جلسة 7 أيار “الافتراضية” لانتخاب رئيس الجمهورية، تلتئم اليوم جلسة “مبتورة” لاستكمال الحوار في قصر بعبدا، لكنها لا تحمل أي نكهة سياسية حقيقية، في ظل مقاطعة قوى أساسية لها واستعداد الرئيس ميشال سليمان لمغادرة القصر في 25 أيار، الأمر الذي يجعل “الطابع الوداعي” يغلب عليها.

وفيما دعا سليمان أمس الى عدم ربط الاستحقاق الرئاسي بحبل التوافق الخارجي المفقود، انتقل هذا الملف الى السعودية، مع زيارة السفير الأميركي ديفيد هيل للرياض للقاء الرئيس سعد الحريري وربما مسؤولين سعوديين، في وقت التقى الوزير وائل ابو فاعور السفير السعودي علي عواض عسيري الذي نقل عنه زواره تأكيده أن عودته الى بيروت هي إشارة للخليجيين عموماً، والسعوديين خصوصاً، للعودة الى بيروت.

وفي تطور أمني، نجح الجيش اللبناني في تفكيك حلقة جديدة من حلقات سلسلة الإرهاب، عبر تمكنه في عملية استخبارية من إلقاء القبض على أحد أخطر المطلوبين في عرسال، علي.أ. بتهمة إرسال سيارات مفخخة من سوريا الى لبنان.

الى ذلك، تلتئم هيئة الحوار اليوم في قصر بعبدا، بمن حضر، وسط غياب متوقع للأطراف التي قاطعت الجلسة السابقة، لا سيما قوى “8 آذار” و”القوات اللبنانية”، الامر الذي سيجعل الجلسة “شكلية”.

وعشية الجلسة “الوداعية”، طرحت تساؤلات حول مصير “الحوار” في المرحلة المقبلة، وسط معطيات تفيد بأن الرئيس نبيه بري قد يتجه نحو استعادة “المبادرة الحوارية” في مرحلة الفراغ الرئاسي، بحيث يتولى هو توجيه الدعوات، في إحياء لسيناريو طاولة 2006.

ولا تستبعد مصادر سياسية مطلعة أن يفرض “الفراغ الحتمي” جدول أعمال معدلا على طاولة الحوار، في طبعتها المقبلة، بحيث يكون عليها البحث في سلة “تسوية شاملة”، تتضمن: رئاسة الجمهورية، رئاسة الحكومة، تركيبة الحكومة الجديدة، وقانون الانتخاب.

وأشارت المصادر الى انه اذا التأمت طاولة الحوار في المستقبل، تحت سقف هذه البنود، فهذا يعني أنها ستكون أمام تجربة هي أكثر من “الدوحة” وأقل من “الطائف”.

وأبلغت أوساط بارزة في “8 آذار” “السفير” انها ليست معنية بجلسة الحوار اليوم، معتبرة أن لا جدوى او قيمة لها “لأن عهد الرئيس ميشال سليمان انتهى بالنسبة الينا، منذ كلامه حول المعادلات الخشبية”. وأشارت الى انه كان من الأفضل لسليمان عدم المضي في هذه الجلسة أصلا.

إلا أن مصدراً مقرباً من قصر بعبدا أشار الى انه “ما دام تم تحديد يوم الخامس من ايار موعداً للجلسة، وتضمن البيان الصادر عن الجلسة الاخيرة حثّ جميع الاطراف على المشاركة، وبما أن الذين لبوا دعوة الحوار الأخيرة يمثلون شريحة واسعة، برغم غياب أفرقاء أساسيين، فلا سبب لعدم عقد الجلسة التي تهدف الى تكريس نهج الحوار”.

زيارة الراعي للأراضي المحتلة

في هذه الأثناء، بقيت الزيارة المرتقبة للبطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي للأراضي المحتلة ضمن الوفد المرافق للبابا، موضع تفاعل، وسط تنامي الاعتراضات عليها، خصوصاً من قبل بعض الدوائر المسيحية، فيما تردد ان هناك أفكاراً قد تطرح على الراعي بعد عودته من الخارج، لإيجاد “مخارج” او حلول وسطية، توفق بين إصراره على مرافقة البابا وبين محاذير زيارته الى فلسطين المحتلة.

وإذا كانت الكنيسة المارونية تؤكد أن الراعي لن يقع في فخ التطبيع مع إسرائيل، فإن المعترضين يعتبرون ان الطابع الرعوي للزيارة لا يخفف من مخاطرها التطبيعية.

وعلمت “السفير” أن شخصيات مسيحية، نيابية وسياسية، ستزور البطريرك الراعي، بعيداً عن الأضواء، بعد عودته من الخارج، في محاولة لثنيه عن المضي في زيارته المقررة الى فلسطين المحتلة، ضمن الوفد المرافق للبابا.

كما عُلم ان هناك اتجاهاً لزيارة السفير البابوي في لبنان، لشرح حساسية الوضع اللبناني، والتنبيه الى التداعيات التي يمكن ان تتركها رحلة الراعي الى الأراضي المحتلة، على الداخل اللبناني.

وفي المعلومات، ان هناك اعتراضاً على الزيارة في صفوف عدد من المطارنة الموارنة، لا سيما ان زيارة الراعي تقررت بشكل مفاجئ ولم يحصل نقاش حقيقي، داخل بكركي، حولها.

وقالت مصادر مسيحية لـ”السفير” إن المطارنة المعترضين يملكون هامشاً أوسع من الآخرين لمحاولة التأثير على الراعي، لأن السياسيين الرافضين او المتحمسين للزيارة، لديهم حساباتهم ومصالحهم التي قد تجعل البطريرك لا يأخذ بآرائهم، في حين ان الضغط من داخل الكنيسة هو أفعل، وإن يكن من الصعب توقع إقناع البطريرك بالعدول عن رأيه، معتبرة ان خطوته، اذا تمت، ستجعله يخسر الكثير من الرصيد الوطني الذي صنعه.

ورأت المصادر ان زيارة الراعي لإسرائيل هي خطأ، ولو كانت رعوية، لأنه لا يستطيع أن يضمن مسارها، أو ان يتحكم بسلوك إسرائيل التي قد تستغل وجوده، سياسياً وإعلامياً، لخدمة مصالحها وتلميع صورتها، متسائلة عن المكاسب التي سيجنيها البطريرك او المسيحيون من هذه الزيارة.

ولفتت المصادر المسيحية الانتباه الى انه لم يسبق لبطريرك ماروني أن رافق أي بابا في رحلته الى فلسطين المحتلة، علماً أن هذه الرحلات تعددت في الماضي، والبطريرك السابق نصرالله صفير كان قد رفض المشاركة في إحداها، مشيرة الى انه بإمكان الراعي الانطلاق من هذه الحقيقة لتجنب مرافقة البابا في رحلته.

ونبهت المصادر الى أن خطوة الراعي ترتب مخاطر على الوجود المسيحي في الشرق، في لحظة يتعاظم فيها الاستهداف لهذا الوجود على مستوى المنطقة ككل، محذرة من أن زيارة فلسطين المحتلة قد تستخدمها بعض الاتجاهات التكفيرية كذريعة او تبرير لمزيد من الاستهداف للمسيحيين.

وفيما أكد البطريرك الماروني انه يعرف حدوده وأن لبنان يعتبر اسرائيل دولة عدوة، معتبراً أن جزءاً من اللبنانيين يطلقون انتقادات من دون معنى، أكدت اوساط بكركي لـ”السفير” أن الراعي “لن يقع في الفخ”.

واستغربت هذه الأوساط كل هذا “الغبار” المرافق للزيارة، مؤكدة انه “ليس كل من يذهب الى الأراضي المقدسة يقول لإسرائيل مبروك احتلالك لفلسطين”. ولفتت الانتباه الى انه عندما يدعى البابا الى المنطقة، يصبح استقباله واجباً وليس اقتراحاً، علماً أن البطريرك كاردينال ايضاً، ما يضاعف واجباته تجاه رأس الفاتيكان، فلا يرسل له من يمثله وإنما يذهب شخصياً لاستقباله في قلب الشرق.

وشددت الأوساط على “ان البطريرك ليس دولة، ولا يتمتع بأي هوية سياسية، ويتوجه الى القدس كرجل دين مسيحي”. وأكدت ان “البطريرك لن يتعاطى، لا من قريب ولا من بعيد، مع الطاقم الاسرائيلي”، مؤكدة انه “جرى تنسيق كل الامور مع الكنيسة اللاتينية هناك ومع مطران الموارنة في حيفا والاراضي المقدسة موسى الحاج”.

وتفاعلات الزيارة المرتقبة للراعي للأراضي المحتلة، بلغت الساحة الفلسطينية كذلك، حيث قال وزير الاوقاف والشؤون الدينية الفلسطيني محمود الهباش لـ”السفير” إن “موقفنا مرحّب بهذه بالزيارة، ونحن نضعها في سياق دعم الحق الفلسطيني، وكسر الحصار الاسرائيلي”. واعتبر ان هذا الاحتلال لا يجب أن يكون مبرراً لفرض مزيد من العزلة علينا، “بل إن عدم المجيء الى فلسطين المحتلة والتواصل مع شعبها هو تطبيع مع الاحتلال وليس العكس”.

في المقابل، قال القيادي في حركة “حماس” حسن يوسف لـ”السفير” إن هذه زيارة غير مرحب بها، مشيراً إلى أنه “شئنا أم أبينا هي تطبيع مباشر مع الاحتلال ورضوخ له وقبول بسيطرته على فلسطين”. واشار إلى أن زيارة الراعي تتنافى مع ما قرره علماء الأمة المسيحيون والمسلمون بأن زيارة القدس في زمن الاحتلال محرمة، داعياً إلى “التراجع عنها فورا لأنها تجسد سيطرة الاحتلال على مقدساتنا”.