Site icon IMLebanon

سليمان يستدعي أبادي: تخطيتم الحدود

بري يتبرّأ من «المؤتمر التأسيسي» ويتمسك بـ«الطائف»
سليمان يستدعي أبادي: تخطيتم الحدود

 

بين ألسنة مناخية إمتد لهيبها إلى محيطه وأخرى سياسية سعت إلى محاصرته في نهاية العهد، بدا يوم الحوار الأخير قبل انقضاء ولاية رئيس الجمهورية ميشال سليمان محاصراً أمس بين النيران التي اشتعلت في الأحراج المحيطة وبلغت موقف السيارات في القصر الجمهوري، والنيران السياسية التي فتحها «حزب الله» على الرئيس سليمان مقاطعاً جلسات هيئة الحوار الوطني برئاسته ومطالباً برئيس جديد «يتبنى خيار المقاومة« وفق تعبير النائب محمد رعد. إلا أنّ لا رياح نيران الأحراج ولا الإحراج جرت بما يشتهي الحزب ومن ركب ركبه في محاولة محاصرة سليمان وإفراغ الحوار الوطني من إنجازاته، بحيث أودعها سليمان العهد الجديد بعد استعراض موجز لها منذ العام 2006 بما يشمل «إعلان بعبدا» و»مباشرة بحث الاستراتيجية الوطنية للدفاع» التي أقر المجتمعون أمس ضرورة مواصلة البحث فيها «وخصوصاً بالاستناد الى التصور الذي قدمه رئيس الجمهورية». على أنّ جلسة الحوار الأخيرة برئاسة سليمان سجلت موقفاً حازماً منه تجاه تمادي طهران في استفزاز اللبنانيين بحيث أعلن رئيس الجمهورية عزمه استدعاء السفير الإيراني غضنفر ركن أبادي لاستيضاح موقف بلاده من كلام مستشار المرشد الأعلى اللواء يحيى رحيمي صفوي حول تمدّد حدود إيران لتشمل جنوب لبنان. وأوضحت مصادر المشاركين في جلسة الأمس لـ»المستقبل» أنّ سليمان أعلمهم أنه بصدد تحميل أبادي رسالة إلى القيادة الإيرانية تطلب توضيح موقفها من كلام صفوي وما إذا كان ما صرح به لجهة تخطي الحدود يعبّر عن موقف إيران الرسمي.

إلى ذلك، حملت جلسة حوار الأمس «إنجازاً كبيراً ومهماً» على المستوى الوطني تمثل في إقرار رئيس مجلس النواب نبيه بري بتمسك «المسلمين في لبنان» بنهائية مرجعية اتفاق «الطائف» والمناصفة التي كرّسها بين المسلمين والمسيحيين، حسبما رأت أوساط بعبدا لـ»المستقبل» معتبرةً أنّ «هذا الإنجاز إستطاع الرئيس سليمان تكريسه على طاولة الحوار غداة كلامه التحذيري من مخاطر الفراغ الرئاسي والمؤتمر التأسيسي».

الحوار

إذاً، إلتأمت هيئة الحوار الوطني أمس في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية وبحضور معظم أعضائها في ما عدا رئيس تكتل «التغيير والإصلاح« النائب ميشال عون ونائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، ورئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع والنواب محمد رعد وسليمان فرنجية وطلال أرسلان ومحمد الصفدي وأسعد حردان. واستهل سليمان الجلسة باستعراض التطورات الداخلية والإقليمية وأبرز ما حققه الحوار الوطني منذ العام 2006 حتى آذار من العام الجاري. وكشفت مصادر المشاركين في الجلسة لـ»المستقبل» أنّه إثر انتهاء إستهلالية رئيس الجمهورية طلب الرئيس بري الكلام وقال في ما بدا رداً على الكلام الذي أطلقه الرئيس سليمان حول «المؤتمر التأسيسي» أمس الأول في جبيل: «نحن كمسلمين في لبنان، سنةً وشيعةً ودروزاً وعلويين، نتمسك باتفاق الطائف وبصلاحيات المسيحيين، ولا عودة عن الطائف»، مضيفاً: «البعض يعتبر أنّ الطائف نصّ على مجلسين الأول نيابي يُنتخب على أساس طائفي ثم ينتخب مجلس الشيوخ على أساس طائفي، وهذا غير صحيح. نحن نريد ونؤيد التزامن بين المجلسين وأن يكونا مناصفةً بين المسلمين والمسيحيين، ونؤكد على ذلك».

وتابعت المصادر نقلاً عن بري أنه أعرب خلال مداخلته عن تأييد «انتخاب مجلس الشيوخ على أساس «القانون الأورثوذكسي» (كل طائفة تنتخب ممثليها) بينما يصار إلى انتخاب مجلس النواب على أساس النظام النسبي ضمن دوائر كبرى مع الحفاظ على المناصفة، وسط تشديده على أن تكون صلاحيات الطوائف والأحوال الشخصية من اختصاص مجلس الشيوخ بما يشكل ضمانة للجميع»، وإذ أعرب رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة في مداخلته خلال الجلسة عن رفض «الكلام التهويلي الذي يثار بشأن الدعوة إلى مجلس أو هيئة تأسيسية»، وشدد على كون «المسلمين لن يقبلوا على الإطلاق الخروج على مبدأ المناصفة والعيش المشترك»، لفتت المصادر إلى أنّ رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط أبدى كذلك تأييده كلام بري لجهة «تمسك جميع المسلمين باتفاق الطائف».

وعن إستخدام تعبير «مصادر إيرانية» بدل تحديد إسم اللواء صفوي في فقرة البيان الختامي الخاصة باستدعاء السفير الإيراني لاستيضاحه عن «التصريحات المتكررة والتي تتنافى مع منطق السيادة اللبنانية»، أوضحت المصادر أنّه عند إعداد البيان طالب سليمان بتوجيه إنتقاد واضح لكلام صفوي حول «تخطي الحدود» فتمنى بري عليه عدم ذكر الإسم متوجهاً إلى رئيس الجمهورية بالقول: «فلنبتعد عن التسمية طالما تقول إنك بصدد إستيضاح هذا الموقف»، فتم اعتماد التعبير الذي ورد في الفقرة ذات الصلة.

مقررات

وأوضح البيان الذي صدر في ختام جلسة الحوار أمس أنه بنتيجة التداول توافق المجتمعون على 7 بنود أكد أولها «أهمية استمرار عمل هيئة الحوار الوطني»، ثم جرى التشديد على «استمرار السعي إلى توفير الظروف الكفيلة تنفيذ مقررات مؤتمر وهيئة الحوار الوطني لتحقيق المزيد من الأمن والاستقرار في لبنان وتجنبيه التداعيات السلبية للأزمات الاقليمية، ومواصلة البحث للتوافق على استراتيجية وطنية للدفاع عن لبنان، وخصوصا بالاستناد الى التصور الذي قدمه رئيس الجمهورية والذي اعتبرته الهيئة منطلقا للنقاش».

كما جرى التأكيد على «أهمية تطبيق اتفاق الطائف والحرص على المحافظة على المناصفة والعيش المشترك، والتشجيع على متابعة العمل لضمان تطبيق خلاصات المجموعة الدولية لدعم لبنان في مجال تعزيز الاستقرار ودعم المؤسسات وقدرات القوات المسلحة اللبنانية وركائز الاقتصاد الوطني والجهد اللازم لجبه مشكلة اللاجئين السوريين في لبنان، والتشجيع على احترام الاستحقاقات الدستورية الرئاسية والنيابية وتجنب الفراغ في موقع الرئاسة الأولى من طريق توفير النصاب القانوني اللازم لانتخاب رئيس جديد للجمهورية ضمن المهل الدستورية المحددة واجراء الانتخابات النيابية في موعدها»، بالإضافة إلى تسجيل المجتمعين «التنويه بما اضطلع به فخامة الرئيس من دور وما بذله من جهود لإدارة عمل هيئة الحوار ورفدها بالأفكار والمبادرات التي طبعت أعمال الهيئة».

مواقف

وكان الرئيس السنيورة قد أشاد في مداخلته في مستهل جلسة الحوار بدور ومواقف الرئيس سليمان خلال فترة ولايته الدستورية، معرباً عن ثقته بأنّ الشعب اللبناني سيذكر له «دوره الوفاقي الإيجابي فكان رأس الدولة المؤتمن على الدستور بشكل حقيقي وقد حفر موقعه ودوره في هذا السجل الوطني وهذا ما لا يمكن لأحد أن يتجاوزه ابداً»، منوّهاً في السياق عينه «بانجازه إعلان بعبدا وتمسكه بالحوار وتقدمه بتصور للاستراتيجية الدفاعية».

وإذ نبّه إلى أنّ «مسألة الشغور في سدة الرئاسة ليست مسألة بسيطة يمكن المرور عليها مرور الكرام ويجب السعي واستنفاد كل الفرص لتجنبها»، قال السنيورة: «يبدو أن سلاح «حزب الله» الذي نجتمع من أجل نقاش مصيره باتت له أدوار جديدة لا نقرّ بها ويتحدث عنها بعض المسؤولين في إيران حيث أعلن احدهم بالأمس أن خط دفاع إيران أصبح في جنوب لبنان وشواطئ المتوسط»، مبدياً «الإستغراب الشديد» لهذا الكلام.

بدوره، أثنى النائب جنبلاط بعد انتهاء جلسة الحوار على قيادة الرئيس سليمان للبلاد «في أصعب الظروف»، وأكد أنه «نجح في أن بقي رئيساً لجميع اللبنانيين دون تحيّز لأي فريق من الفرقاء، وفي إدارة هيئة الحوار»، مشدداً على أنّ «التاريخ سينصف هذا الرجل لإنجازاته»، وأضاف: «أقرينا معه إعلان بعبدا، ونعلم أنّ الظروف الإقليمية والدولية لا تساعد اليوم على تحقيق هذا الإعلان لكنه سيبقى مسجلاً نقطة بيضاء في تاريخ عهده الى جانب نقاط مفصلية أخرى»، وختم: «فقط أردت أن أقول هذه الكلمات من أجل إنصاف هذا الرجل الذي أيضاً رفض أي مشروع تمديد، وهذا يلتقي مع رئيس كبير من رؤساء لبنان الراحل فؤاد شهاب««.