Site icon IMLebanon

سوريا بين انتصارات هشّة وتجربة ليــــبيا… والمرحلة المقبلة محكومة بعوامل مهمّة

من نافل القول إنّ موقع رئاسة الجمهورية اللبنانية بات شاغراً، على رغم التحذيرات التي أُطلِقت خلال الأشهر الماضية، ومن دون انتظار «العرض المسرحي» الأخير غداً.

تشي كلّ اللقاءات والاجتماعات التي عُقدت في لبنان والخارج بأنّ البحث دخل مرحلة ما بعد الفراغ، في انتظار تبلوُر معطيات إقليمية تضع ملفّ لبنان مجدّداً على طاولة المفاوضات.

هذا ما يمكن أقلّه تلمُّسه في أجواء واشنطن، بعدما أمكنَ ضمان حصول هذا الفراغ بعيداً من تداعيات أمنية وسياسية كان يمكن أن تطرح معضلات لا يرغب أيّ فريق إقليمي ودولي في حصولها هذه الفترة.

وهذا ما أفهمَه الأميركيّون إلى كلّ مَن حاوَل «جَسّ نبضهم» في الآونة الأخيرة، خصوصاً أنّ الخطاب الأميركي في هذا المجال لم يَحِد عن ثوابته الأولى، كذلك عن أولوياته الراهنة تجاه أزمات المنطقة.

تُشبِّه أوساط أميركية مُطلعة الوضع بأنّه نوع من «توازن هَشّ للقوى»، وتقول «إنّ من يعتبرون أنفسهم منتصرين في هذه المرحلة تسكنهم هواجس مصيرية خوفاً على إنجازاتهم، فيما لعبة التوازن نفسها محكومة في المرحلة المقبلة بعوامل سياسية مهمّة جداً، حين يُنظر إلى الأخطار التي يمكن أن تهدّد ما حقّقوه في اندفاعتهم على امتداد أكثر من سنة، أي منذ معركة «القصير» وصولاً إلى حمص».

وتضيف هذه الأوساط: «بما أنّ ملفّات المنطقة هي على هذه الدرجة من الترابط، فلا بدّ من انتظار نضوج الظروف الملائمة للحديث عن حلحلة فيها. ففي الملف النووي الإيراني، المفاوضات لن تتوقف على رغم تعثّر الجولة الأخيرة، خلافاً للخطب الناريّة لمسؤولين إيرانيّين، وجاء تصريح الرئيس الايراني حسن روحاني أمس الاوّل ليحسم في هذا الإتجاه.

كذلك لا ترابط زمنياً بين إنجاز اتفاق نووي مع طهران وملفّات السياسة الإيرانية في المنطقة. وقد أبلغت واشنطن الى الخليجيّين خلاصات واضحة بأنّ أمر ترتيب المنطقة لا تحسمه خيارات طهران فيها، في الوقت الذي يُعاد ترتيب شؤونها الواحدة تلو الأخرى، بدءاً من اليمن فليبيا، وصولاً إلى «ميثاق الشرف» الذي تبنّته تشكيلات إسلامية سوريّة محسوبة على دول الخليج عموماً، وقد صيغَ بلغةٍ لا تمتُّ بصِلة إلى الخطاب «الإسلاموي» المعهود.

وبعيداً من يوميات القصف الذي تمارسه قوات النظام السوري، وحديث الجبهات ومعانيها، سواءٌ في جنوب سوريا أو شمالها أو شرقها، فإنّ واشنطن وعبر اعترافها السياسي بتمثيلية «الإئتلاف الوطني السوري» المعارض ومنحه صفة «بعثة» أجنبية، واستقبالها لرئيسه أحمد الجربا، قد افتتحت مساراً سياسياً ينزع عملياً أيّ فاعلية أو حيثية سياسية من إعادة انتخاب بشّار الأسد رئيساً جديداً لسوريا. ومثلما منحت لندن «الإئتلاف» الصفة نفسها ستحذو فرنسا ودول أُخرى الحذوَ نفسَه».

وإذ تشير الأوساط الأميركية إلى ما سُرِّب أخيراً في وسائل الإعلام عن تولّي شركات أميركية خاصة في المرحلة المقبلة مهمّة تدريب فصائل مهمّة في المعارضة وتسليحها، تؤكّد «أنّ نتائج

زيارة الجربا إلى واشنطن ستمرّ في منعرجات طويلة وغير سهلة، خصوصاً إذا ما أردنا تفسير كلام رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية مارتن ديمبسي، حين حذَّر من خطر الفوضى الشاملة في سوريا إذا لم تُوفّر المناخات الملائمة التي تضمن عملياً عدم تكرار ما يجري في ليبيا».

فالوضع في ليبيا يبدو أنّه يقترب شيئاً فشيئاً من عملية سياسية جديدة بإسناد عسكري ما وتحت مُسمّيات عدّة، مع إعلان البنتاغون وضع وحدات تدخّل سريع خاصة على أهبة الإستعداد في جزيرة صقلية مقابل السواحل الليبية.

وترى هذه الأوساط «أنّ العملية طويلة، وأنّ معركة الحسم مع تنظيم «القاعدة» في اليمن نموذج سيُطبّق تباعاً، ما سيُعقّد على طهران الإستمرار في سياساتها تجاه هذا البلد ومنطقة الخليج عموماً».

وتلفت تلك الأوساط أخيراً إلى النقاش الذي يدور في أروقة الإدارة الأميركية حول معاني الكشف عن إرسال مقاتلين شيعة أفغان للقتال في سوريا، في الوقت الذي تتكشّف الصلات الوثيقة بين طهران و»القاعدة»، وأسباب تراجع الحديث عن معارك الفلّوجة ضد تنظيم «داعش» بعد إنجاز الإنتخابات العراقية، وتحوّله إلى سوريا التي تستعدّ بدورها لإنجاز انتخاباتها.