وزير التربية: هل تقرّر إقفال الجامعة اللبنانية؟
سوق سوداء للمياه.. ومافيا الكهرباء «تزدهر»
لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الحادي والأربعين على التوالي.
الفراغ يتمدّد في كل الاتجاهات إلا في الأمن. منسوب التحديات كبير جداً، وثمة يقظة أمنية عالية جداً، في ضوء ما يتجمّع من معلومات استخبارية، وما يُدلي به موقوفون من معطيات، وما يرصد من تهديدات وكان آخرها تهديد «جبهة النصرة» باقتحام سجن روميه.
ووفق المعلومات الاستخبارية، فإن عدداً من «الخلايا النائمة» أعطيت تعليمات واضحة برصد عدد من الشخصيات والمراكز الأمنية الرسمية، في بيروت وضواحيها، من دون إغفال خطر الانتحاريين والسيارات المفخخة في الضاحية الجنوبية.
هذا الفائض الأمني، يقابله انحسار في السياسة، وجفاف في متابعة ملفات اجتماعية وحياتية ضاغطة على كاهل جميع اللبنانيين، وأبرزها تفاقم التقنين الكهربائي والشحّ المائي.
وبينما ظلت سلسلة الرتب والرواتب رهينة «المافيات» التي لم تعط الضوء الأخضر للطبقة السياسية، فإن قضية تفريغ أساتذة الجامعة اللبنانية وتعيين العمداء، دخلت في بازار المساومات والشكليات السياسية، وكان لافتاً للانتباه تحذير وزير التربية الياس بو صعب، أمس، من قرار خفي بإقفال الجامعة اللبنانية.
يقود ذلك إلى الاستنتاج بأن لا مخارج في الأفق لقضية تصحيح مسابقات الامتحانات الرسمية، ولا الامتحانات الجامعية، وهما قضيتان تخصّان عشرات آلاف العائلات اللبنانية.
تقنين الكهرباء.. يزداد
حياتياً، علمت «السفير» أن وزارة المال رصدت حتى نهاية شهر تموز، كل الاعتمادات المالية التي طلبتها وزارة الطاقة، بقرار من مجلس الوزراء، لمصلحة مؤسسة كهرباء لبنان، علماً أن الوزير علي حسن خليل أبدى تحفظه على كل الاعتمادات المفتوحة.
وفيما أشارت مصادر «مؤسسة كهرباء لبنان» إلى أن البحث يجري حول كيفية المواءمة بين الاعتمادات المخصصة لدعم الكهرباء من قبل وزارة المال والمقدرة بحوالي 3057 مليار ليرة في موازنة العام 2014، وبين معدل التغذية بالتيار الكهربائي، قالت مصادر وزير المال لـ«السفير» إن الوزارة لم تتأخر يوماً في فتح الاعتمادات ولا علاقة لبرامج التقنين بالموضوع المالي، بل ثمة مشاكل تقنية وزيادة استهلاك، بدليل أن «مؤسسة كهرباء لبنان» أبلغت وزارة الطاقة أنها أوقفت معملي صور وبعلبك (طاقتهما حوالي 120 ميغاوات)، كما أوقفت استجرار الطاقة من سوريا (حوالي 120 ميغاوات أيضاً)، فضلاً عن وجود أعطال في معامل الذوق والجية وعدم قدرة البواخر التركية على العمل بالطاقة المقدرة أصلاً.
وسجل تراجع في إنتاج المعامل الكهربائية ـ المائية، نتيجة الشح والظروف الطبيعية والمناخية، إلى حوالي 14 ميغاوات فقط، بعدما كان حوالي 85 ميغاوات مع بداية العام 2014، وهو يصل إلى حوالي 135 ميغاوات في أوقات الذروة.
وفيما كان يفترض أن تساعد الباخرتان التركيتان في زيادة إنتاج معملي الجية والذوق، فإن إنتاجهما المقدر بحوالي 287 ميغاوات، يشكل نحو 25 في المئة من الطاقة المنتجة حالياً في كل المعامل، والبالغة حوالي 1400 ميغاوات، بينما تبلغ الحاجة اليوم، حسب «كهرباء لبنان»، حوالي 2900 ميغاوات، ما يعني أن التغذية توازي 50 في المئة من الحاجة.
ويزيد الطين بلة أنه مع تراجع التغذية، يزداد الاستهلاك كما في كل صيف، فضلاً عما يشكله وجود مليون ونصف المليون لاجئ سوري على الأراضي اللبنانية من عنصر ضغط إضافي على الشبكة الكهربائية.
سوق المياه
وفي موازاة هذه المعضلة الكهربائية، يزدهر القطاع الخاص، سواء المتمثل في تجارة المولدات أو ظاهرة اعتماد قرى وبلدات لبنانية كثيرة على اكتفاء كهربائي ذاتي.. إلى حد الاستغناء عن شبكة الدولة كلها!
هذا «الازدهار» يشهد له أيضاً تناغم مافيا الفيول وشركات الخدمات، بحيث تكون الدولة اللبنانية هي الخاسر.. بينما يحصد القطاع الخاص أرباحاً خيالية..
ويشهد لبنان منذ شهور عمليات بيع مياه في سوق سوداء لا مثيل لها منذ الاستقلال حتى الآن، لا بل إن مرحلة الحرب الأهلية لم تشهد واقعاً كالذي نشهده اليوم.
ولا تملك جهة رسمية جواباً حول من يتولى ادارة هذه السوق ومن يتولى رقابتها ووضع ضوابط أو معايير لها، خصوصاً أن مصادر المياه المبيعة في العاصمة والمناطق وبأسعار تقارب أسعار المحروقات، مجهولة في أغلب الأحيان، لا بل يشتبه في أن بعضها يتم خلطه بمياه البحر بسبب درجة الملوحة العالية!
وبدا واضحاً أنه في ظل شحّ الأمطار نشطت سوق المياه في جميع المناطق، حتى باتت أشبه ما تكون ببورصة يومية متحركة، ناهيك عن الابتزاز الذي يتعرّض له المواطنون مع كل محاولة للحصول على نقلة مياه.. ودائماً تكون الأولوية لمن يدفع أكثر.
وهكذا صار اللبنانيون يدفعون ثلاث فواتير؛ واحدة لماء الشرب، وثانية لماء الطبخ، وثالثة لماء الاستعمال المنزلي.. وأحياناً رابعة للري، بينما يدفع اللبنانيون فاتورتي كهرباء، الأولى لكهرباء الدولة المرشحة للزيادة في ضوء اقتراحات ايرادات سلسلة الرتب والرواتب، والثانية للقطاع الخاص، وهذا يقود للاستنتاج أيضاً أن كلفة الكهرباء مع كلفة تأمين المياه، باتت تفوق الحد الأدنى للأجور البالغ حوالي 675 ألف ليرة.
بوصعب: أخشى على الجامعة
من جهتها، خذلت الحكومة مرة جديدة الاساتذة الجامعيين، فمن عقبة «المستقبل» في الأسبوع الماضي، الى عقبة «الكتائب»، هذا الأسبوع، تعذر إقرار مشروع التفريغ، وتم ترحيله الى جلسة الخميس المقبل، حيث يفترض أن يعد وزير التربية الياس بوصعب تقريراً شاملاً.
وتزامنت جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت في السرايا، امس، مع اعتصام للأساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية في ساحة رياض الصلح مطالبين بتثبيتهم. وقال وزير التربية لـ«السفير» إن الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء حاسمة على صعيد ملف الاساتذة الجامعيين، وتمنى ألا تظهر مشكلات أو مفاجآت سلبية «في آخر لحظة».
واشار بوصعب الى انه سعى الى شرح الملف في جلسة مجلس الوزراء امس، الا ان الوزراء طالبوا بتقرير شامل سيعرض في الجلسة المقبلة، «وفي أي حال لا أستطيع أن أتكهن بما سيؤول اليه الحال، فقط يمكنني القول إن هذا الملف إن لم ينجز في الجلسة المقبلة، فلا أعتقد أنه سيبصر النور بعد ذلك، لا بل أكثر من ذلك، انا لا أخشى على العام الجامعي فقط، ان لم يُبتّ، بل أخشى قراراً تم اتخاذه في الخفاء لإقفال الجامعة اللبنانية».
ورداً على سؤال قال بو صعب لـ«السفير» إن «الجامعة تحتمل ما بين 1400 الى 1500 استاذ متفرغ، والملف الذي نحن بصدده يرمي الى تفريغ حوالى 1100 استاذ، أي أقل من المطلوب» .