Site icon IMLebanon

سيطرة “النصرة” على معبر القنيطرة في الجولان هل يدخل أمن إسرائيل معادلة الحرب السورية؟

دقت الازمة السورية ابواب الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي بقوة مجدداً لكن من باب آخر غير ما عهدته حتى الآن. ولا تحتاج الامم المتحدة بالذات الى احتجاز او اختطاف جبهة النصرة اكثر من اربعين جنديا من جنود قوة حفظ السلام الدولية في الجولان من اجل ان تدرك خطورة الاوضاع في سوريا وسرعة تدهورها بعدما كانت غزة والعراق واوكرانيا سرقت بعض الاهتمام منها. فالتقارير الدولية المتعددة حول الوضع في سوريا تشهد على ذلك وآخرها كان الاعلان من جانبها ان عدد القتلى في سوريا تجاوز 190 ألف قتيل وتوجيهها اتهامات موازية الى كل من الحكومة السورية وتنظيم الدولة الاسلامية بارتكاب جرائم حرب توجب احالتهما بموجبها الى المحكمة الجنائية الدولية. وهو موقف معبر كونه اعقب مؤتمرا صحافيا عقده وزير الخارجية السوري وليد المعلم مطالبا المجتمع الدولي بالتعاون والتنسيق معه من اجل مواجهة تنظيم داعش على سبيل محاولة رد الاعتبار للنظام واتاحة الفرصة لاعادة شرعنته اقليميا ودوليا. ويواجه مجلس الامن هذا التحدي المباشر له بتعرض الجنود الدوليين للمخاطر غير المرتقبة فيما يتعثر في جهوده واجتماعاته المتواصلة متنقلا بين ازمة العراق والحرب بين روسيا واوكرانيا والحرب في سوريا والتي يعقد في شأنها جميعها اجتماعات مغلقة مستمرة من دون نتائج تذكر نتيجة التوتر المتصاعد مع روسيا على خلفية الاتهامات الغربية لهذه الاخيرة بتسعير الحرب في اوكرانيا والمشاركة فيها.

تتسارع التطورات وتتفاعل على نحو خطير في المنطقة. فهل هي فصل اخر من فصول الحرب الجارية منذ ما يزيد على ثلاث سنوات ام هي مقدمة لامر آخر؟

يعتبر بعض المراقبين ان الوضع يكتسب بعدا اخر جديدا في ضوء التطورات اللافتة التي طالت احتجاز جنود الاوندوف من جهة وتسلم عناصر جبهة النصرة للمرة الاولى الوضع في معبر القنيطرة الحدودي في منطقة هضبة الجولان بدلا من قوات النظام من جهة اخرى، في خطوة غير مسبوقة على رغم استيلاء المعارضة على المعبر في وقت سابق لكن لوقت قصير حيث استعاد النظام السيطرة على المعبر. وهما عنصران جديدان في مسار الحرب الجارية في سوريا وتثير تساؤلات عما اذا كان اقتراب عناصر من النصرة الى الحدود مع اسرئيل يمكن ان يثير رد فعل اسرائيليا في ضوء الاعتقاد الواسع ان اسرائيل لعبت دورا بارزا في الدفاع عن بقاء الاسد لحمايته مع نظام البعث السوري الذي حافظ خلال اربعة عقود من السلطة في سوريا على جبهة الجولان وعدم تعريضها للخطر او ان يحفز تحركاً دولياً اسرع في اتجاه عمل عسكري ضد تنظيم الدولة الاسلامية ومواقعها في سوريا أيضاً بعد العراق. اذ ان امن اسرائيل الذي يعتبر خطاً أحمر حقيقيا بالنسبة الى الولايات المتحدة يمكن ان يشكل حافزا من الحوافز او الاعتبارات التي تساعد في اتخاذ القرار الاميركي حول توجيه ضربات لتنظيم الدولة الاسلامية في سوريا في حال اعتبرت اسرائيل ان الامر يشكل تهديدا لاستقرارها وتالياً المزيد من تهديد استقرار المنطقة ولو ان عناصر جبهة النصرة التزموا حتى الان في السيطرة على المواقع في القنيطرة جانب الصراع مع جيش النظام وليس فتح جبهة مع اسرائيل. ومن المؤكد ان اسرائيل ستراقب بدقة ما الذي يجري في الجولان على ضوء التطورات الاخيرة. ولكن ليس واضحاً ما اذا كانت ستتصرف على أساس شعورها بخطر يتهددها على الحدود معها من التنظيمات الاصولية الاسلامية ام انها ستعتبر انها لا تزال غير معنية بالحرب الداخلية الجارية في سوريا والتي تشكل السيطرة على معبر القنيطرة جزءاً من هذه الحرب التي تشهد مداً وجزراً متواصلين.

وهناك أسئلة كثيرة أخرى قفزت الى الواجهة باستيلاء جبهة النصرة على معبر القنيطرة بعد أيام معدودة من انسحاب قوات النظام كلياً من محافظة الرقة. وهذه الاسئلة تتصل بما اذا كان ذلك يعبر عن وهن النظام وقواته العسكرية بعد ايام على الانسحاب من مطار الطبقة وتركه لعناصر تنظيم داعش على نحو أكبر بكثير مما هو معروف عن وهنه والذي ادى الى استعانته بتنظيمات من لبنان والعراق لدعمه او انه يدخل من ضمن سيناريو لتظهير المخاطر المتزايدة لسيطرة الاسلاميين من المعارضة الاسلامية المتطرفة على مناطق استراتيجية اوسع في سوريا بما فيها في شكل اساسي الحدود مع اسرائيل وذلك في سياق استدعاء تدخل غربي لضرب ما يعزز قوة النظام واوراقه. وهذه النظرية غير مستبعدة بعد اشاعة النظام في الاونة الاخيرة ارتياحه للتقدم المهم الذي يحرزه على الارض ضد معارضيه بالاجمال وتعبيره عن ثقة بممارسته السيادة المفترضة على بلاده عبر مواقف تشترط التنسيق معه من اجل ضرب ارهاب تنظيم داعش في سوريا. كما يعززها اعادة الاعلان عن حكومة جديدة هي الاولى من حيث المبدأ بعد تنظيم اعادة انتخابه ولاية ثالثة اعاد فيها تثبيت المراكز الاساسية كما في الحكومة السابقة. يضاف الى ذلك ان مراقبين لا يسقطون هذه النظرية في معرض الاعتقاد بسعي النظام الى استدراج التعاون الغربي والاقليمي معه من اجل حفظ امن اسرائيل وتفضيله هو على التنظيمات الاصولية خصوصا بعد ردود فعل رافضة كلياً لأي تعاون في هذا الاطار.