Site icon IMLebanon

شراكة مقنّعة في «مسرحية التمديد»!

شراكة مقنّعة في «مسرحية التمديد»!

جنبلاط يرعى حوار «المستقبل» ـ «أمل»

لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم السادس والأربعين على التوالي.

ومع الحرب الإسرائيلية ضد فلسطين، عشية الذكرى الثامنة لحرب تموز، يزداد تصاعد النار من حول لبنان، فيما دولته عبارة عن «دول». هذا ما تشي به الخطابات السياسية والحسابات المالية والتعامل مع ملفات كثيرة.

اللهب يحاصر حدود لبنان، وبعض أهل السياسة فيه، وبدل احتضان المؤسسات القضائية والعسكرية والأمنية التي تتحمل مسؤوليات استثنائية، منذ نحو عقد من الزمن، يبادرون الى تأمين بيئة حاضنة لبعض الممارسات الميليشياوية، لأسباب انتخابية وسياسية بحتة.

بهذا المعنى، جاء بيان «كتلة المستقبل» النيابية، أمس، من خارج السياق الوطني، عبر توجيه اتهامات قاسية للمؤسسات القضائية والأمنية من جهة، ومنح غطاء سياسي لتحركات الاسلاميين في طرابلس بعنوان اطلاق سراح موقوفين ومحكومين من جهة ثانية.

واللافت للانتباه هو تزامن الموقف «المستقبلي» مع إطلالتين متتاليتين لكل من أمير «النصرة» في القلمون ابي مالك الشامي الذي وعد معتقلي رومية «بأيام معدودات فقط» ثم «مركز عائشة للإعلام»، المؤيد لتنظيم «داعش» الذي حرّض في إصدار مرئي، أمس الأول، ضد اعتقال الإسلاميين في سجن رومية، مطالباً بالعمل على تحريرهم في إطار ما أسماها «ثورة لبنان المسلم»!

وبينما يستمر الاشتباك مفتوحا بين وزارة المال و«14 آذار»، بعناوين قانونية ـ مالية ـ كهربائية، لكن بمضمون يتصل أولا وأخيرا بمعركة اعادة فتح أبواب مجلس النواب، بدأت فرضية التمديد مجددا للمجلس «تتمدد» شيئا فشيئا في الوسط السياسي، وإن كانت غالبية الأطراف تحاول، حتى الآن، تجنب البوح بما تضمر به من رغبة في التمديد.

وإذا كان الحوار بين العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري قد دخل، اقله، في مرحلة الجمود، منذ مبادرة الرابية الأخيرة، فان حوارا انطلق مؤخرا بين «تيار المستقبل» و«حركة أمل»، برعاية النائب وليد جنبلاط الذي مهد له من خلال التشاور مع كل من الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري.

شبح التمديد

في هذه الاثناء، قال بري أمام زواره أمس انه ما يزال عند موقفه الداعي الى إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، ولو على أساس «قانون الستين» النافذ، في حال تعذر التوافق على قانون جديد، مؤكدا رفضه التمديد مرة أخرى للمجلس النيابي.

وأشار الى انه عندما تقرر التمديد لمدة سنتين، «كنت معه آنذاك، إذ كانت هناك حرب في طرابلس، وكان أحمد الاسير في صيدا، في حين ان الوضع الامني هو اليوم أفضل، أما التخوف من التفجيرات والاعتداءات، فلا يجب ان يكون عائقا أمام إجراء الانتخابات النيابية لان هذه التهديدات قائمة في كل وقت، سواء من اسرائيل أم من المجموعات الارهابية».

وردا على سؤال حول كيفية إنجاز الانتخابات النيابية في ظل غياب رئيس الجمهورية، سيما ان الحكومة تصبح مستقيلة حكما بعد الانتخابات، وبالتالي يُخشى من ألا يكون هناك رئيس يجري الاستشارات الملزمة، أجاب بري: انتخاب رئيس الجمهورية كان يجب ان يتم قبل 25 أيار، وأمس قبل اليوم، وأنا أفترض انه من الآن وحتى نهاية ولاية المجلس يجب ان نكون قد انتخبنا رئيسا، أما إذا لم يحصل ذلك، فعندها، بئس هذه الدولة.

وعما إذا كان موظفو القطاع العام سيقبضون رواتبهم آخر الشهر، لفت بري الانتباه الى ان الامر يتطلب تشريعا من مجلس النواب، وبالتالي يجب التوقف فورا عن تعطيل عمل المجلس الذي تحول بفعل هذا التعطيل الى ما يشبه «خيال الصحراء»، فيما تحولت الحكومة الى «صحراء». ونبه الى ان البلد هو كجسم إنسان، فإذا كان بلا رأس، علينا ان نأتي به، لا ان نبتر اليدين والقدمين، لاننا نغدو عندها برسم الدفن.

وبينما أكد النائب عاطف مجدلاني لـ«السفير» ان «تيار المستقبل» يدعو الى اجراء الانتخابات الرئاسية اولا ثم النيابية، «واذا فرضت الظروف تغيير هذا الموقف، يدرس الامر في وقته»، قال النائب نقولا فتوش لـ«السفير» ان المعطيات الامنية لا تسمح بإجراء الانتخابات النيابية في المدى المنظور، معتبرا انه يجب التعاطي مع احتمال التمديد بموضوعية وواقعية، لان حماية لبنان أهم من الانتخابات بحد ذاتها، والديموقراطية ليست مرتبطة حصرا بصناديق الاقتراع.

وقالت مصادر واسعة الاطلاع في «الحزب التقدمي الاشتراكي» لـ«السفير» ان خيار التمديد قد يكون واقعيا، لان هناك مخاطرة بإجراء الانتخابات في ظل هذه الظروف الامنية الصعبة، بفعل التفجيرات المتنقلة، وحذرت من ان عدم التمديد، وسط الخلاف بين 8 و14 آذار على هوية الرئيس المقبل، سيقود الى الفراغ الشامل على مستوى المؤسسات. وتساءلت: إذا تمت الانتخابات فرضا، تصبح الحكومة مستقيلة حكما، فمن سيتولى إجراء الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف شخصية بتشكيل حكومة جديدة، وسط الشغور في موقع رئاسة الجمهورية؟

حوار «أمل» – «المستقبل»

الى ذلك، نجح النائب جنبلاط في إطلاق حوار سياسي مباشر بين «حركة أمل» و«تيار المستقبل»، ترجمة للجهد الذي بذله في هذا السياق خلال لقائه الاخير مع الرئيس الحريري في باريس، حيث فاتحه بالموضوع، ثم استكمله مع الرئيس بري في بيروت.

وأدى التجاوب مع هذه «الوساطة» الى عقد لقاء بين كل من المعاون السياسي لبري الوزير علي حسن خليل، ومدير مكتب رئيس «تيار المستقبل» نادر الحريري، بحضور الوزير وائل أبو فاعور، وفق ما أكده جنبلاط لـ«السفير».

وقال جنبلاط انه انطلق في هذه المبادرة من قناعة باننا لا نستطيع ان نعالج أزماتنا وان ننجز الاستحقاق الرئاسي إلا بالحوار. وشدد على ان الحوار مطلوب حاليا أكثر من أي وقت مضى، لتحصين الساحة الداخلية قدر الإمكان، خصوصا في ظل هجمة «داعش» والتطورات الاقليمية الساخنة، ولا سيما الحرب الاسرائيلية التي تخاض ضد فلسطين.

أما بري، فأوضح من جهته ان حوارا سياسيا بدأ بالفعل بين «المستقبل» و«أمل» مؤخرا، وهو يتناول العديد من الملفات المطروحة. واعتبر ان التواصل والانفتاح هما عاملان ضروريان في هذه المرحلة الدقيقة التي تحمل في طياتها العديد من التحديات والاستحقاقات، لافتا الانتباه الى انه «وكما ان الحوار بيني وبين العماد ميشال عون أوصل الى نتائج إيجابية في أكثر من ملف، فان التواصل السياسي بين «أمل» و«المستقبل» يمكن ان يحقق اختراقات في الجدار المسدود على مستوى الوضع الداخلي».

حملة «المستقبل» على الجيش!

وفيما تنشغل المؤسسة العسكرية والاجهزة الامنية بملاحقة الخلايا الارهابية، مع ما يتطلبه ذلك من تضحيات، أطلقت «كتلة المستقبل» أمس موقفا غريبا، يتضمن ضغوطا على الجيش وباقي المؤسسات العسكرية والأمنية لثنيها عن مواصلة الاجراءات التي تنفذها في أكثر من منطقة، لاسيما في طرابلس.

فقد أصدرت الكتلة بيانا بعد اجتماعها أمس أشارت فيه الى انها توقفت عند تطبيق الخطة الأمنية في طرابلس «وما رافقها من تجاوزات، حيث أن الكثير من الاعتقالات مبنية على وثائق اتصال لا تجد لها سنداً من قانون، كما أن الكثير من التوقيفات التي حصلت مبنية على تحقيقات جرت تحت التعذيب او تحت الضغط الجسدي والنفسي».

وطالبت الكتلة باعتماد القانون والاجراءات القانونية كمعيار وحيد للتوقيفات، وحصر التوقيفات في سجن الريحانية بالعسكريين المتهمين وبالتالي المسارعة إلى نقل المسجونين المدنيين الى سجون أخرى .