Site icon IMLebanon

شركة للامتحانات والتصحيح… وخصخصة!

بينما تجرى الامتحانات الرسمية بمشاركة الاساتذة تنفيذاً للإتفاق بين وزير التربية وهيئة التنسيق النقابية، في انتظار أن يقر مشروع سلسلة الرواتب، قبل أن ندخل في أزمة التصحيح، ها هي أصوات ترتفع من خبراء واقتصاديين تقترح الشروع في خصخصة التعليم، والإستعانة بشركات عالمية متخصصة في ضبط اسئلة الامتحانات وتصحيح المسابقات ووضع العلامات. وبرأيهم أن ذلك يسمح بالإستغناء عن 20 ألف معلم على الأقل من بين نحو 40 ألفاً من الأساتذة والمتعاقدين في التعليم الرسمي. وبالتبسيط عينه يستنتج البعض أن هذا الاقتراح يخفض الكلفة المالية على الدولة، ويطبق نظاماً جديداً لإجراء الامتحانات والتصحيح على اسس حديثة أنظمتها الكترونية. ولعل هذا الاقتراح بخلفياته حضر على هامش الجلسة النيابية التي كانت مخصصة للسلسلة، حين تحدث نواب عن عدم انتاجية المعلمين، وضرورة إعادة النظر بأعدادهم، ولماذا لا يكون التعاقد الوظيفي جزءاً من خطة مستقبلية لتخفيف الأعباء المالية، الى عدم انتاجية التعليم الرسمي، ثم حجب المنح المدرسية عن المعلمين. لذا، لا يمكن التكهن بما ستؤول اليه المناقشات في جلسة 19 الجاري في مجلس النواب عن السلسلة، وما اذا كان قطاع المعلمين سيكون ضحية الاقتراح أو الذين يفكرون فيه، بالقول أن رواتب الأساتذة جيدة، ولا حاجة لسلسلة تحسنها، وهي لن تحفزهم على الانتاجية، طالما أن التعليم الرسمي عاجز عن مواكبة الجديد والعصر، ما يؤدي الى الانقضاض على ما تبقى من نبض فيه وكسر ارادة المعلمين الذين شاركوا في الامتحانات الرسمية وراقبوها استجابة لطلب هيئاتهم النقابية، وأثبتوا أن لا بديل عنهم في هذه العملية، اذا كنا نتحدث عن خطة الوزير “التي لا سابق لها” ولم تنجح أو لم تتوافر عناصرها للسير بها.

اذا كان الحديث هنا عن اصلاح التعليم، فهي نظرة قاصرة، ليس هدفها الإصلاح انما التوفير المالي، وليذهب التعليم الرسمي الى جهنم. واذا كان الهدف تخفيف الأعباء، فهي خطة أو اقتراح غير ناجح، على ما شهدناه في قطاعات مختلفة استعانت بشركات عالمية، فكانت الكلفة مضاعفة، فكيف يكون الأمر في التعليم؟ المشكلة في أن البعض ينظر الى التعليم وكأنه استدراج عروض لشركات، بينما إصلاحه يتطلب سياسة تربوية لا تقوم على المحاصصة والتوزيع الطائفي والتوظيف. وهكذا لا يمكن الاستمرار مثلا في سياسة التعاقد المعتمدة، علماً أن تقويم المعلمين ينبغي أن يدرج في عملية مستمرة، كما نظم التعليم والمناهج. أما الذين يريدون الغاء المنح المدرسية للمعلمين، فإنهم يؤذون التعليم الخاص مباشرة. أما اذا كانوا يريدون التطوير فلينطلقوا من تحت، أي من تعميم الروضات ودعم التعليم الأساسي صعوداً حتى الثانوي. وهل يعلم هؤلاء أن الولد يدخل الى المدرسة الرسمية بعمر الأربع سنوات؟.