مشروع متجدّد لرفع سنّ التقاعد للسفراء
شغور السفارات يتمدّد من باريس وروما الى واشنطن والصين!
يتمدّد الشغور في المواقع الديبلوماسية من فئة السفراء في أكثر من عاصمة رئيسية، ويصل عدد السفراء الذين تقاعدوا والمرشحين للتقاعد (بين 2013 و2015) الى حوالي الـ15 سفيرا.
هذا الشغور طبيعي بسبب بلوغ عدد من السفراء سنّ التقاعد. وبعد محاولات عدّة لرفع سنّ التقاعد عبر مشاريع قوانين أو اقتراحات قوانين لم تبصر النور، فإنه يجري الحديث حاليا في أروقة «قصر بسترس» عن تكرار هذه المحاولات لرفع سنّ التقاعد للسفراء (فئة أولى) الى 68 عاما على غرار سلك القضاء. علما أنّ نظام الموظفين (القانون الصادر بالمرسوم الرقم 112 في حزيران عام 1959) حدّد سنّ التقاعد بـ64 عاما، في حين أنّ دولا عدّة تعتمد سنّ التقاعد للسفراء كالآتي: إسبانيا 68 عاما، البرازيل 70 عاما، أستراليا 68 عاما وماليزيا 70 عاما.. الى بلدان أخرى.
مواقع الشغور
تقف وزارة الخارجية والمغتربين إذاً عند استحقاق داهم يتمثّل بتقاعد حوالي 15 سفيرا تجاوزت خدمات بعضهم الـ40 عاما.
ويتبدّى الشغور الديبلوماسي على مستوى السفراء ملموساً في عواصم رئيسيّة.
أما السفراء المحالون على التقاعد عام 2013 والمرشحون للتقاعد في عامي 2014 و2015 فهم الآتية أسماؤهم: بطرس عساكر ( باريس – ماروني)، ميشال الخوري (دمشق – ماروني)، جان دانيال ( كانبيرا – أرثوذكسي)، ميشال كترا (وارسو – كاثوليك)، شربل عون (مدريد – ماروني)، جبران صوفان (أثينا – أرثوذكس)، فارس عيد (صوفيا – ماروني)، شربل إسطفان (روما ماروني)، فريد عبود (بيجينغ – أرثوذكسي)، أنطوان شديد (واشنطن – أرثوذكسي)، وجيب عبد الصمد في 11/9/2014 (نيودلهي – درزي)، غسان عبد الساتر عام 2015 (مدير الرموز – شيعي)، ميشلين أبي سمرا عام 2015 (أوتاوا – روم كاثوليك)، ميشال حداد عام 2015 (المدير الإداري والمالي في وزارة الخارجية – أرثوذكس)، قزحيا الخوري 2015 (فيينا – ماروني). بالإضافة الى شغور مركز كوريا الجنوبية نتيجة وفاة السفير جاد الحسن (سنّي).
أسباب تاريخيّة
لم تتمكن وزارة الخارجيّة والمغتربين من ملء الشواغر منذ أكثر من 4 عقود. ووفقا للملاك الحالي للوزارة ثمّة 60 مركزا شاغرا بسبب نسبة النجاح المحدودة في مباريات الدخول الى السّلك الديبلوماسي، وعدم تمكّن مجلس الخدمة المدنيّة من تنظيم أكثر من مباراة واحدة سنويا بسبب المتطلبات اللوجستية والتنظيمية للمباريات التي تختلف آلياتها عن مباريات السلك الإداري والتي لا تكتفي بالامتحانات المكتوبة بل بالشفهية أيضا، وخصوصا أنّه يسبقها دوما امتحان الشخصية (المقابلة).
يذكر أن عدم حصول مباريات دورية هو بسبب الاوضاع في لبنان، إذ أجريت 5 مباريات فحسب بين عامي 1972 و1992 (في الأعوام: 1972-1977-1981-1982-1992). هذا الواقع أوجد نقصا في إمداد السلك الديبلوماسي بعناصر جديدة لوظيفتي ملحق وسكرتير (فئة ثالثة) بحيث يمكن ترقية هؤلاء بعد اكتسابهم الخبرة والأقدمية الى رتبة مستشار (فئة ثانية) ثمّ الى رتبة سفير (فئة أولى) بفعل الأقدمية. في حال عدم تمديد سنّ التقاعد ستضطر الوزارة الى ترقية ديبلوماسيين لم يستكملوا مراحل الأقدمية مثل غيرهم من السفراء.
التداعيات
أبرز تداعيات الشغور في السفارات يكمن في أنه عند غياب بعض السفراء بإجازات إداريّة أو لأيّ سبب آخر، تضطرّ الإدارة المركزيّة الى إيفاد موظفين ديبلوماسيين وأحيانا إداريين من وزارة الخارجية في بيروت لتأمين المهام الضرورية للبعثات، ما يرتّب نفقات إضافيّة وعدم انتظام في توزيع المهام في الوزارة.
في هذا الإطار تشير أوساط ديبلوماسية الى أنّ فقدان الديبلوماسية اللبنانية في غضون ثلاثة أعوام: 2013 و2014 و2015 كما في الأعوام العشرة الأخيرة، لخبرات سفراء بسبب تقاعدهم في سنّ الـ64 وهم ذوو ثقافة وخبرة، لن يكون بالأمر السهل. صحيح أنّ إفساح المجال أمام دينامية الشباب أمر مطلوب، لكنّ ذلك لا يغني عن خبرات ديبلوماسية مختمرة وعميقة، وقادرة على مساعدة لبنان في مجالات شتّى.
وتلفت هذه الأوساط الى أنّ القانون المزمع تقديمه مجددا «لن يبلغ هدفه إلا إذا شمل السفراء الذين تقاعدوا في الأعوام الثلاثة المذكورة، لأن هذا القانون ينبغي أن يفيد منه العدد الأكبر من السفراء المخضرمين». مشيرة الى أنّ متوسّط الأعمار قد ارتفع في لبنان من الـ61 عاما في عام 1959 (أي عند وضع نظام الموظفين الذي حدّد سنّ التقاعد بـ64) الى 78 عام 2012، بحسب إحصاءات منظمة الأمم المتّحدة ومنظمة الصحة العالمية.
تجدر الإشارة الى أنّ عددا من السفراء المتقاعدين عيّنوا وزراء للخارجية بعد إحالتهم على التقاعد يذكر منهم محمود حمّود وفوزي صلّوخ وعدنان منصور. بالإضافة الى مستشارين وسفراء للجامعة العربية ومنظمات الأمم المتحدة منهم بطرس عساكر، ويحيى محمصاني وعبد الرحمن الصلح… الى اضطلاع عدد آخر من السفراء المتقاعدين بمهامّ استشارية الى جانب رؤساء جمهورية وحكومات.