Site icon IMLebanon

«صمتُ» بكركي حتى «ساعة الصفر»

تسعى جهات سياسية وحزبية وديبلوماسية إلى البحث في أسباب صمتِ الدوائر البطريركية إزاء نتائج زيارة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي إلى الأراضي المقدّسة في مواجهة الانتقادات التي تعرَّض لها. فالقرار نهائيٌّ بعدم الردّ إلّا بما هو محدود من المواقف، حتّى تحين ساعة الحديث عن النتائج.

يحرص الراعي في اللقاءات التي يعقدها منذ السبت الماضي على وضع زوّاره في عناوين الجولة الرعوية التي لم يسبقه إليها أحد إلى الأراضي المقدّسة من أسلافه البطاركة. ومرَدُّ هذا التقطير في الكشف عن وقائع الزيارة ونتائجها، هو انتظار التوقيت الملائم أو «ساعة الصفر» للكشف عن ما رافقها من مناقشات عبَّرت عمّا في قلوب المسيحيين الفلسطينيين وعقولِهم من عتبٍ على قادةٍ كُثر في العالمَين العربي والغربي، من خلال مقاربتهم القضية الفلسطينية التي أودِعت منذ الإحتلال الإسرائيلي في أيادٍ أقلّ ما يقال فيها إنّها «لم تكن أمينة على القليل، فكيف يمكن أن تؤتمَن على الكثير؟».

ففي فم المسيحيّين الفلسطينيين كلام كثير عن ضياع الأراضي الفلسطينية وسقوطِها لقمةً سائغة في يد الإسرائيليين نتيجة السياسات العربية التي اعتمدَت على المزايدات في مواجهة أخطر الأزمات منذ ان زُرعت إسرائيل في قلبها.

والتي جعلت منها أمراً واقعاً قبل وعد «بلفور» وبعده، ونالت خلالها وبسببِها ضماناتٍ وتعهّدات كثيرة نتيجة المساومات التي جعلت القضية الفلسطينية مادة نزاعٍ بين العرب أنفسِهم في سباقهم الى الزعامة العربية، وسلعةً في مفاوضاتهم مع الغرب في السعي الدائم الى حماية أنظمتهم. وأخطر ما عبَّر عنه الفلسطينيون المسيحيون كشفُهم وقائعَ تُدلّل إلى حجم التنازلات التي أودعها العرب العالمَ الغربي مقرونةً بما يشبه «الخيانة المتبادلة»، قبل أن تنسحب مصر من المواجهة مع إسرائيل إلى رحاب السلام معها، فجعلت الدول الأخرى في موقع العاجز لمَلءِ الفراغ، إلى أن تقدّمَتهم ايران في السباق إلى تبنّي القضية الفلسطينية. وتحديداً بعد العام 2000 عندما انسحبَت اسرائيل من جنوب لبنان بقرار أحاديّ الجانب مقابل ضمان أمنها برعاية دوليّة ترجمَتها القرارات الدولية، ولا سيّما القرار 1701، هذا القرار جعل شمال إسرائيل منطقة غابت عنها كلّ مظاهر الخوف والقلق، سوى الذي تحييه إسرائيل بين فترة وأخرى عندما تحتاج إلى إعادة تأهيل جَيشها في مناورات بقيَت تحت سقف ما تحتاجه من زيادةٍ في حجم الضمانات والمساعدات الدولية.

على هذه القاعدة يُسهب القادة الفلسطينيون العرب في مهاجمة الأنظمة العربية ويسألون عن نتائج العجز العربي في نصرتِهم، هذا العجز الذي أضاع ما تبقّى من حقوقٍ للفلسطينيين، مسيحيّين ومسلمين، وجعل القدسَ مدينةً محاصَرة بالمستوطنات الى مرحلةٍ لم يعُد من الصعب استكمال تهويدها.

هذا غيضٌ من فيض عمّا يعبّر عنه فلسطينيو الداخل الذين رحّبوا بالبطريرك الماروني زائراً فوق العادة. وما سمعه الراعي في زيارته عن معاناة الفلسطينيين المسيحيين، الذين ناشدوه تبنّي مطالبهم يتجاوز أهمية ما سمعه من انتقادات وليس من الحكمة الرد عليها امام حجم الإستحقاقات التي تُواجههم في انتظار ساعة الصفر.