Site icon IMLebanon

صناديق للاقتراع… وللموتى !

كان على بشار الاسد ان يكتفي بتقديم طلب ترشّحه للانتخابات الرئاسية التي ستجرى في ٣ حزيران المقبل والتي تجمع عواصم العالم على انها “مهزلة ومسخرة المساخر”، ولم يكن في حاجة الى الإدلاء بتصريحات مستغربة تؤكد إما انه يعيش خارج واقع سوريا الكارثي وإما انه يختار إقامة العرس الانتخابي وسط المأتم الوطني!

“الأسد قدم ترشيحه وأهاب بالمواطنين السوريين عدم إطلاق النار تعبيراً عن الفرح بأي مناسبة كانت، وخصوصاً ونحن نعيش في اجواء الانتخابات التي تخوضها سوريا للمرة الأولى في تاريخها”. ولكن ما حاجة “الفرحين” الى اطلاق النار والمفرقعات، اذا كان جيشه يطلق الصواريخ ومدافع الميدان على المدن ويقصف الاحياء بالمقاتلات ويسقط البراميل المتفجرة على البيوت؟
غريب قوله انه يعيش أجواء الانتخابات بينما تتخبط سوريا في مستنقع الحديد والنار، وغريب ان يعترف بأنها اول انتخابات في تاريخ سوريا الحديث، ولكأن استفتاءات الماضي وارقام الـ ٩٩,٩٩ كانت كلها من الأكاذيب، وغريب ايضاً قوله ان الوعي الوطني يتجلى بالتوجه الى صناديق الاقتراع، بينما الواضح ان الوعي الوطني الحقيقي هو الذي أدى بمعارضيه الى صناديق الموت!
كانوا ستة مرشحين يمثلون الكومبارس الانتخابي والديكور الفاقع للحديث عن الديموقراطية، والسابع هو الاسد بعد تسريبات مضحكة عن عدم دستورية ترشّحه لأن زوجته تحمل الجنسية البريطانية، وكل هذا لإثارة المزيد من التعمية الديموقراطية، ولكن ليس من الواضح ما اذا كان هؤلاء الستة سيعودون في النهاية الى بيوتهم، إن بقيت لهم بيوت في سوريا المنكوبة، او الى “بيت خالتهم”!
اذا كان النظام لا يسيطر على اكثر من ثلث البلاد فكيف يمكن الحديث عن انتخابات، واذا كان الذين خرجوا من سوريا بطريقة غير شرعية، اي الهاربين من الجحيم، ممنوعين من الترشّح والانتخاب فمن أين تتوافر الأجواء الانتخابية؟
انها مهزلة تصطبغ بالدماء ومسخرة المساخر كما تصفها معظم التعليقات، لكنها بالنسبة الى الاسد ضرورة ملحّة لدفن بيان “جنيف -١”، الذي دعا الى عملية انتقال سياسي يرفضها النظام وحلفاؤه الروس والايرانيون، فمن الاسد والى الاسد وإلا نحرق ما تبقى من البلد، لكن الحريق سيستمر قياساً بالواقع الميداني الكارثي، الذي يغرق سوريا في حرب جهنمية استقطبت شرور الدنيا، برعاية وحشية من شركة القتل الاميركية – الروسية، التي عطّلت كل المخارج لتفتح المقابر على مداها!
المسرحية الانتخابية ضرورية لإبقاء التغطية القانونية والسياسية للتدخل الروسي والايراني الى جانب النظام، وهي ضرورية ايضاً لتوفير الهيكلية السياسية والتنظيمية للدولة العلوية اذا اقتضى الأمر، وهي التي إن اطلقت النار ابتهاجاً كما أشار الاسد فمن اجلها!