Site icon IMLebanon

«صيف ساخن» غزاوي ولبناني؟

 

 

تدلّ كل المعطيات الراشحة من المساعي الجارية لوقف النار في غزة وتالياً في جنوب لبنان، إلى انّه في حال لم تنجح هذه المساعي في موعد أقصاه نهاية الشهر الجاري، فأنّ الوضع على هاتين الجبهتين قد يكون على ابواب «صيف ساخن» يمكن ان تتأخّر معه مشاريع التسويات سواءً في ما يتعلق بالأزمة اللبنانية او بالحرب الإسرائيلية على غزة او بقية الأزمات المفتوحة في المنطقة.

خلافاً لكل الأجواء المتفائلة في إمكان حصول اتفاق على وقف لإطلاق النار في غزة ينعكس وقفاً للنار على الجبهة الجنوبية اللبنانية، فإنّ سياسيين مطّلعين على الموقف الاميركي، يستبعدون حصول مثل هذا الاتفاق، لأنّ بون الخلاف الدائر بين الإدارة الاميركية ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته ماضٍ الى مزيد من الاتساع

ويقول هؤلاء المطلعون، انّ نتنياهو كان ولا يزال يعمل على إطالة أمد حربه التدميرية على قطاع غزة، هادفاً منها الى الإجهاز على حركة «حماس» وأخواتها وتهجير سكان القطاع إلى خارجه عبر البرّ في اتجاه سيناء المصرية، وعبر البحر من خلال الميناء الاميركي العائم الذي تبنيه واشنطن منذ اسابيع على شاطئ غزة إلى «بلاد الله الواسعة». فنتنياهو حامل الجنسية الاميركية والعضو في الحزب الجمهوري الاميركي، يتوقع ان يفوز صديقه الرئيس السابق دونالد ترامب، ويرى انّ كل المؤشرات السياسية والانتخابية تصبّ في مصلحته على حساب الرئيس جو بايدن، فضلاً عن انّ المؤشرات تدلّ إلى انّ الجاليات اليهودية التي تقطن في شرق الولايات المتحدة الاميركية ستصوّت لمنافسه، وهو ما باتت الإدارة البايدنية تدركه منذ الآن، حيث انّ المعركة التي تخوضها حالياً ضدّ نتنياهو أفقدته الصوت اليهودي الذي سيصبّ في مصلحة ترامب.

ويرى السياسيون ايّاهم انّ كل المؤشرات تدل إلى انّ حظوظ بايدن في الفوز هي الى تراجع لمصلحة ترامب، ولكن فيما الضبابية تلفّ الموقف الاوروبي إزاء بايدن تأييداً لبقائه في البيت الابيض من عدمه، فإنّ ايران تؤيّده، وكذلك اوكرانيا، فيما كل من روسيا والسعودية ودولة الامارات العربية المتحدة ومصر واسرائيل ودول أخرى، تحبذ فوز ترامب. ولذلك بدأت كل الأنظار تتجّه الى الخامس من تشرين الثاني المقبل موعد الانتخابات الرئاسية الاميركية، فيما يتوقع ان تستمر الأزمات السائدة في المنطقة على غاربها، او ان تدخل في جمود، إلى ما بعد تبلور نتائج تلك الانتخابات والادارة الاميركية التي ستنبثق منها.

وتأسيساً على هذه المعطيات، يستبعد المطلعون على الموقف الاميركي ان تتوقف الحرب في غزة، بدليل انّ نتنياهو يرفض كل الصيغ التي تطرحها الوساطة المشتركة الاميركية ـ القطرية ـ المصرية، ويضرب عرض الحائط بالمواقف الاميركية التي تؤيّد وقف النار وفي الوقت نفسه تبدي تأييداً مبطناً لخطته الهادفة الى اجتياح رفح.

ويبدو انّ نتنياهو، حسب هؤلاء، سيمضي في هذه الخطة في قابل الايام والاسابيع، لاعتقاده بأنّها ستمكنه من «الإطباق» على كل قطاع غزة، وبالتالي الانطلاق في حرب واسعة ضدّ لبنان، وهو الامر الذي تقول اوساط المقاومة انّه «قد يؤدي إلى اندلاع حرب شاملة في المنطقة، شكّل الردّ الإيراني على قصف القنصلية الايرانية في دمشق صورة مصغّرة عمّا يمكن ان يُقدم عليه محور المقاومة من ردود إن حاولت إسرائيل اجتياح الاراضي اللبنانية انطلاقاً من الجبهة الجنوبية». وتشير هذه الاوساط، الى انّ نتنياهو لم يتمكن من السيطرة على بقية مناطق قطاع غزة التي اقتحمها، سواءً في الشمال او الوسط وصولاً الى خان يونس، حيث لا تزال المقاومة الفلسطينية بكل فصائلها هناك مستمرة في مواجهة الجيش الاسرائيلي وتُلحق به خسائر كبيرة في العتاد والعديد.

على انّه وللدلالة إلى وصول العلاقة بين ادارة بايدن ونتنياهو الى مزيد من التعقيد، وتالياً إلى احتمال ان تكون لبنان وغزة على ابواب صيف ساخن، يقول المطلعون على الموقف الاميركي انّ الخلاف المتصاعد بين تل ابيب وواشنطن أنهى احتمالات حصول اتفاق لبناني ـ اسرائيلي على تنفيذ القرار 1701 في الجنوب، يعمل عليه الموفد الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين ويعاونه الجانب الفرنسي الذي يطرح اوراقاً لم يقبل بها الجانب اللبناني نظراً لانحيازها الى اسرائيل، حسب اوساط «الثنائي الشيعي». وفي ضوء هذا الخلاف بين بايدن ونتنياهو فإنّ «مونة» هوكشتاين في وساطته على إسرائيل قد تكون انتفت، إذ قد لا يستقبله المسؤولون الاسرائيليون بعد الآن إن حاول ان يزورهم مجدداً بعد زيارته الاخيرة لتل ابيب، علماً انّه كلما اقترب موعد الانتخابات الاميركية كلما تراجع الاهتمام الاميركي بالوضع في جنوب لبنان وغزة، في وقت يبدو انّ الاسرائيلي يقف امام خيار توسيع الحرب على جبهتيهما وليس امام خيار إبرام اتفاقات على وقفها، «فالحرب ستكبر ولا خيار غير ذلك» يقول هؤلاء، مؤكّدين «أنّ نتنياهو أدرك مكامن ضعف بايدن، وبات على يقين في انّ منافسه ترامب سيعود مجدداً الى البيت الابيض، إلى درجة انّ بايدن بدأ يواجه متاعب من حزبه، حيث انبرت «الديموقراطية» هيلاري كلينتون تنتقده وتقول «انّ الذين احتلوا الجامعات الاميركية لا يعرفون التاريخ، حيث انّ ما عرضه الرئيس بيل كلينتون على الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات كان 96% من مساحة الضفة و4% من مساحة اسرائيل، ولكن عرفات رفض هذه الصيغة، وبالتالي رفض السلام»، حسب كلينتون.

ويضيف المطلعون على الموقف الاميركي ان «ليس صحيحاً انّ كل الرأي العام الاميركي يؤيّد ما ذهب اليه الطلاب من احتلال للجامعات الاميركية، وانما هناك شريحة كبيرة منه تعارض هذا الامر بشدّة». ويقولون «انّ بايدن انصاع الى ضغوط اليسار المتطرّف في الحزب الديموقراطي الذي لم يرض قسماً كبيراً منه الديموقراطيين الوسطيين وعلى رأسهم هيلاري كلينتون، وكذلك رئيس بلدية نيويورك آريك آدم، ومعروف الحجم الكبير للجالية اليهودية في هذه المدينة، والتي يرفض قسم منها حرب نتنياهو على غزة».