Site icon IMLebanon

ضد مافيات الدواء والمستشفيات

يحكى كثيراً عن اميل بيطار وزير الصحة الذي لم يخضع لمافيا الدواء والمستشفيات، فأخرج من الوزارة كما دخل، خاسراً معركته، رغم ان رأسه ظلّ مرفوعاً، وسجل التاريخ اسمه ناصعاً، ولا يعني الكلام ان الوزراء الآخرين، الذين تعاقبوا على وزارة الصحة جميعهم تواطأوا، لكن معظمهم تجنب الملف الشائك، والذي يقوم على سياسيين تجار، وأطباء تجار، وأصحاب مستشفيات تجار، والمستوردين وهم تجار، والأهم هي الأحزاب، اذ إن نصف موازنة الأدوية المزمنة في وزارة الصحة العامة تذهب الى جيوب مسؤولين في الأحزاب، يتوزعون حصصاً شهرية من الأدوية الغالية الثمن، ويوزعونها، مبدئياً، على مستوصفات حزبية ومرضى حزبيين، بعضهم موجود، وآخرون هاجروا أو توفوا منذ زمن بعيد، فتباع حصصهم من الدواء في السوق السوداء.

تحدث صاحب أحد المستشفيات فقال انه لو وضع المال الذي استثمره في مستشفاه، في أحد المصارف، لنال فائدة تفوق أرباحه الزهيدة من علاج المرضى، والتي باتت تقارب الخسائر في معظم الأحيان.

حاولت أن أصدقه ولم أوفق، اذ انه، اما غبيّ ليخسر ويستمر في المشروع الخاسر، أو يحاول استغباءنا بأن يوحي لنا بأنه يخسر، خدمة للمرضى والمعوزين.

بالأمس، هبت نقابة أصحاب المستشفيات الخاصة “تدافع” عن نفسها، في مواجهة اجراءات وزير الصحة وائل أبو فاعور، لكأنها تقول إن اجراءات الضبط لا توافقها، وان تشديد المراقبة يعترض مصالحها.

وأيضا، اعتراض على خفض أسعار الأدوية، وعدم اعتماد الأدوية الجنريك في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، كأنه تواطؤ ما بين التجار والصيدليات وصندوق الضمان و الاطباء. رشاوى متبادلة، ومصالح محمية من الجميع.

معاينة الطبيب الغالية الثمن، والمعاملة السيئة في كثير من المستشفيات، والأدوية المرتفعة الثمن، وصندوق الضمان المتناحر في سداد أثمانها، كلها عوامل تعمل ضد مصلحة المواطن العادي، ومصلحته.

حالياً، يقوم الوزير أبو فاعور بعمل جبار، لكن المعركة صعبة، والرأي العام اللبناني منحاز لمصلحة الزعماء والأحزاب، أكثر مما هو ناشط لمصلحته وللمصلحة العامة، أبو فاعور صار في قلب المعركة، وهو أمام خيارات: إما يدخل في اللعبة ويحقق مالاً وفيراً ليدخل نادي الاثرياء، أو ينكسر، فينسحب مرغماً ويخرج مثل سلفه اميل بيطار، وتظل الكلمة الأقوى للمافيا، (وهذا أمر غير مستبعد في لبنان)، أو يبلغ الخيار الأخير فيسجل انجازاً، أو انتصاراً تاريخياً في وزارة الصحة العامة، وفي المصلحة الوطنية العليا، وقد يكون الأمر غير مستبعد أيضاً.