Site icon IMLebanon

ضرب سوريا لإنقاذ أوكرانيا؟

لا يبدي الرئيس فلاديمير بوتين اي تراجع أمام الضغوط الاميركية والاوروبية التي تمارس عليه للجم أحلامه التوسعية. العقوبات يقابلها بعقوبات مضادة والتهديدات بمثلها. والعرض الاميركي للقوة في دول البلطيق رد عليه بمناورات على حدود بلاده مع أوكرانيا. ولن يكون هروب الاموال من بلاده وخفض تصنيفها الائتماني الا حافزا اضافيا له على شد العصبية القومية الروسية وتشتيت الانتباه عن الضيق الداخلي.

منذ غزو القرم، اختلفت التحليلات لدوافع قيامه بهذه المغامرة. عزاها البعض الى أسباب داخلية ومحاولة موسكو لاستعادة هيبتها بعد اطاحة حكومة موالية لها في كييف على أيدي الناشطين الموالين للغرب، ورأى آخرون أن تراجع واشنطن عن توجيه ضربات الى سوريا الصيف الماضي فتح طريق بوتين الى القرم. ولكن أيا تكن الاسباب وراء هذه المغامرة، فان الرد الغربي المربك عليها، عزز اقتناعه بنجاح استراتيجيته. صار ممسكاً أكثر بخيوط اللعبة. وبات يفكر في قيمة تفكيك أوصال مزيد من المناطق الاوكرانية.
في المنطق الظاهر لبوتين، لا يمكن العقوبات، أيا تكن، أن تغدو بحجم النكسة التي قد تحل بروسيا اذا خسرت أوكرانيا. يعتقد أن واشنطن اذلت بلاده بعد الحرب الباردة، بالتدخل في يوغوسلافيا والدول التي كانت تدور في فلك النفوذ السوفياتي. لم ينس أن “الثورات الملونة” المدعومة من الغرب أطاحت حكاماً كانوا موالين لموسكو وأبدلهتم بآخرين معادين لها. وفي كل مرة كانت تعترض، كان يطلب منها أن تنسى الخريطة السياسية للقرن التاسع عشر وتفكر بذهنية القرن الحادي والعشرين.
في أوكرانيا، يتصرف بوتين كأنها فرصته للثأر من كل تلك الاهانات. فيها يتحرك كأنها حصنه الاخير لاقامة الدولة القوية، لا برخاء شعبها، وإنما بحجمها وحجم كميات النفط والغاز التي تستخرجها، وبعدد الدول التي تخضعها لسيطرتها وعدد الصواريخ التي تملكها، وبمستوى النفوذ السياسي الذي تمارسه حول العالم.
لن يكون سهلاً على الغرب تغيير حسابات بوتين. واشنطن التي تملك أكبر قوة عسكرية حول العالم تتفاوض مع موسكو في موضوع سوريا بيدين مكبلتين منذ ثلاث سنوات. ولا يبدو أنها ستذهب الى أبعد من استعراضات القوة حول أوكرانيا. وأوروبا القلقة على انتعاشها الاقتصادي الهش لا تسقط من حساباتها أيضا ليالي الشتاء القاسية من دون الغاز الروسي. ثمة من يرى أن سوريا هي المكان المناسب لتغيير حسابات الرئيس الروسي. وعند مديرة سياسة التخطيط السابقة في البيت الابيض أن – ماري سلوتر أن ضربة أميركية لسوريا ستغير الدينامية كلها في أوكرانيا كما في سوريا. في رأيها أن ضربة كهذه سترغم النظام السوري على العودة الى طاولة المفاوضات مع نية حقيقية للتوصل الى تسوية، وسيكون لها صدى واسع في موسكو. وإذ تقر بأن ضرب سوريا قد لا ينهي الحرب الاهلية، ترجح أن تحول خطوة كهذه دون نشوب حرب جديدة في أوكرانيا!