Site icon IMLebanon

ضماننا… الخوف وحده!

على رغم المخاطرة التي يتحملها مراهن على جوانب ايجابية تراكمت في الأشهر الأخيرة جراء اقتناعات وتجارب أمنية صرفة تعرض لها اللبنانيون ولا يزالون عرضة دائمة لفصولها المتعاقبة، ترانا لا نملك ان نحبس هذا الرهان على قاعدة “الكحل أحلى من العمى”. هو رهان بكل صراحة على الخوف بل والذعر الذي رأينا ماذا فعل ببيروت الجمعة الماضي على وقع هاجس “العرقنة”و”السورنة” وذاك الشيطاني اللعين الذي يجتاح الشرق الاوسط. ليس قليلاً ان نفتش في عتمة المنطقة عن امر مضيء ونجده في لبنان على رغم كل الابتلاء بأزمات الانهيار السياسي وفراغ لبنان من “إبطال” مبادرين قادرين على الامساك بقرون الريح لتطويعها. لم يترك لنا زمن السقوط في “الداعشية السياسية” المتعددة الاتجاه كما سمّاها بتعبير موفق جداً الرئيس ميشال سليمان سوى التفتيش عن الابرة في جبل القش اي القنوط من اللعنة الى حد اكتساب المناعة تجاهها.

شيء من هذا البعد يمثل عند مطالع تجربة لعينة إضافية تحركت معها مجددا ظواهر عودة ارهابية من شأنها هذه المرة ان تشكل الفارق القاتل بين ما سبق وما يلحق في حقبة الفراغ الرئاسي. رب قائل اي تأثير للفراغ بين الموجتين ما دامت عوامل التحريك الارهابي واحدةً؟

واقع الحال ان احداً لا يمكنه التغافل عن ملامح “لبننة” تحمل خصوصية بالحد الادنى المرعية دولياً لا تزال تنأى بهذا البلد عن السقوط القاتل في الدومينو المذهبي الدموي. ليس أمراً نافلاً ان تتكشف مرة أخرى عقب حلول الفراغ الرئاسي حقيقة المعادلة التي تحكم لبنان التي أرست خطوطاً حمرا للنأي به عن السقوط في فتنة مذهبية. سقطت القوى اللبنانية في امتحان النظام فكان الفراغ لكنها لا تزال تحاذر السقوط في محظور اطاحة الاستقرار. حتى ان المفارقة الساخرة التي يمكن الرئيس سليمان ان يعتد بها هي ان جوهر “اعلان بعبدا” صار أكثر من اي وقت مضى حاجة سياسية علنية وضمنية للقوى المؤيدة له وبالأخص للقوى التي ناهضته العداء. ثم ان الكشف المتكرر عن “معونات” استخباراتية غربية للأجهزة الامنية اللبنانية في اللحظات الحاسمة والتي مكّنت حتى الآن من كشف رؤوس ارهابية كبيرة وخطط للاستهدافات الدموية، بات يشكل ما يتجاوز السند القوي في مواجهة الارهاب الى بعد استراتيجي خصوصاً وسط صمت من درجوا على شيطنة كل معونة مماثلة.

نقول تكراراً انه رهان من لا يملك الرهان على صحوة سياسية، ولا يمكن سياسياً في هذا البلد ان يقنع اللبنانيين بانه بغير الخوف تصنع الآن ملامح هذه العباءة لبقايا استقرار ينازع محاولات الزعزعة منهجياً، حتى إشعار آخر.