Site icon IMLebanon

«ضوء أخضر» حكومي للجيش: الأمرُ لك

دعم إعلامي مطلق للمؤسسة العسكرية ورفض «الإرهاب الواحد من الموصل إلى عرسال»

«ضوء أخضر» حكومي للجيش: الأمرُ لك

 

ميدانياً، أنباء عسكرية متواترة من ساحة المعركة المفتوحة في عرسال على الإرهاب وجماعاته العابرة للحدود تؤكد استعادة الجيش زمام المبادرة في مطاردة المجموعات المسلحة بعد تعزيز مواقعه العسكرية الأمامية بالتوازي مع نجاح المساعي الانسانية في تحقيق وقف إطلاق نار مساء أمس تمهيداً لتحرير الأسرى واندحار المسلحين وإسعاف الجرحى سرعان ما انقلب تراجيدياً مع إصابة عضو هيئة علماء المسلمين الشيخ سالم الرافعي وشخصين آخرين بإطلاق نار على سيارتهم عند مشارف عرسال. أما سياسياً، فـ«ضوء أخضر» ساطع منحته الحكومة للمؤسسة العسكرية بعد تموضع كافة مكوناتها خلف لواء «الأمر لك» تأكيداً على دور الجيش في صد الإرهاب وصكّ الأبواب في وجه رياحه العاتية الآتية من خلف الحدود، وسط تأكيد مصادر وزارية لـ«المستقبل» أنّ جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية أمس خلصت «بالإجماع إلى تبني كل ما يطلبه الجيش وتأمين دعم مفتوح له في تصديه للإرهاب وإعادة الأمن إلى عرسال وتحرير أسرى القوى العسكرية والأمنية». في وقت نجح اجتماع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة أمس في مبنى تلفزيون «المستقبل» في تأكيد الالتفاف الإعلامي المطلق حول المؤسسة العسكرية والقوى الأمنية في المواجهة الجارية مع الإرهاب، مع التشديد على كون هذه المواجهة «واحدة من الموصل إلى عرسال».

إذاً، ما لبثت المساعي الانسانية أمس أن تمكّنت من إدخال مبادرة وقف إطلاق النار حيز التنفيذ ابتداءً من الساعة التاسعة مساء، حتى سارعت المجموعات المسلحة إلى إطلاق النار على سيارة الشيخ الرافعي ما أدى إلى إصابته وإصابة كل من جلال كلش ونبيل الحلبي إصابات طفيفة نُقلوا على اثرها إلى المستشفى الميداني في عرسال للمعالجة.

وأوضحت مصادر مواكبة لـ«المستقبل» أنّ وفد هيئة علماء المسلمين كان قد دخل عرسال قرابة الحادية عشرة ليلاً لبحث آلية تطبيق مقتضيات هذه الهدنة الانسانية على أن تشمل بدايةً تحرير قسم من العسكريين الأسرى يليها انسحاب تدريجي للمسلحين من البلدة وجوارها، وصولاً إلى تأمين نقل الجرحى وإسعافهم إلى المستشفيات.

وكانت حصيلة ضحايا الجيش قد بلغت حتى الأمس «14 شهيداً و86 جريحاً و22 مفقوداً» وفق آخر ما أعلنه في بياناته المتلاحقة حول مسار المواجهات العسكرية مع المسلحين في عرسال وجوارها، في مقابل تأكيده تكبيد المجموعات الإرهابية «عشرات القتلى والجرحى» لا سيما خلال تصديه لمحاولات استيلائها على موقع مهنية عرسال.

مجلس الوزراء

بالعودة إلى جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية التي عقدت ظهر أمس في السرايا الحكومية برئاسة الرئيس تمام سلام، فقد خرج سلام بعد الجلسة ليعلن محاطاً بأعضاء الحكومة «استنفار كل المؤسسات والأجهزة الرسمية للدفاع عن بلدنا والحؤول دون تحويله ساحة لاستيراد صراعات خارجية»، مؤكداً في هذا السياق أنّ «الجيش يحظى بدعم كامل من الحكومة بجميع مكوناتها التي تقف صفاً واحداً وراءه في مهمته المقدسة».

وفي معرض إعلانه إجراء اتصالات دولية بغية تزويد الجيش كل ما يحتاجه للدفاع عن لبنان، أوضح سلام أنه طلب من السلطات الفرنسية تسريع عملية تسليم المؤسسة العسكرية الأسلحة المتفق عليها في إطار الصفقة المموّلة من المملكة العربية السعودية، مع التشديد على «عدم التساهل مع الإرهابيين القتلة» وتوجيه «تحية خاصة إلى أبناء عرسال» الذين أكد لهم أنّ الدولة «لن تتركهم فريسة الفوضى والإرهاب».

وأوضحت مصادر وزارية لـ«المستقبل» أنّ «كل أفرقاء الحكومة حرصوا خلال الجلسة على تجنّب الخوض في أية مسائل خلافية وحصروا النقاش في كل ما من شأنه تظهير الإجماع الوزاري على دعم الجيش»، مشيرةً في هذا الإطار إلى أنّ «الرئيس سلام كان قد تمنى في مستهلّ الجلسة أن يكون هناك توافق وإجماع على الوقوف صفاً واحداً خلف المؤسسة العسكرية لكي تستطيع تنفيذ المهام الملقاة على عاتقها دفاعاً عن السيادة والمواطنين».

المصادر أكدت أنّ «الحكومة منحت الجيش ضوءاً أخضر لاتخاذ ما يراه مناسباً من إجراءات في سبيل إعادة الأمن لعرسال وتحرير الأسرى وجبه المسلحين، بحيث جرى التشديد خلال الاجتماع على ضرورة توفير دعم مفتوح للمؤسسة العسكرية وتأمين كل احتياجاتها سواء تلك التي طُرحت في الاجتماع الأمني الأخير أو أية مستلزمات مستجدة يطلبها الجيش».

وفي سياق سردها لبعض المواقف التي أثيرت في الجلسة، نقلت المصادر الوزارية أنه «حين طلب وزراء حزب «الكتائب» توسيع نطاق القرار الدولي 1701 كي يشمل حدود لبنان البقاعية، اعترض الوزير محمد فنيش باسم «حزب الله» على هذا الطرح معتبراً أنه لا يحل المشكلة مفضّلاً تجنب هكذا مسألة خلافية لمصلحة تأمين الدعم اللازم للجيش. في حين لفت وزير التنمية الإدارية نبيل دو فريج إلى أنّ القرار 1701 يقوم في فحواه على مؤازرة الجيش اللبناني، فإذا طلب الجيش هذا الأمر في البقاع عندها لا بد من تأييد طلبه وليتحمل من يرفض المسؤولية».

وفي السياق عينه، أشارت المصادر الوزارية إلى أنّ «وزير العدل أشرف ريفي أيّد اقتراح توسيع نطاق الـ1701، كما أيّد مطالعة وزير الإعلام رمزي جريج حول كيفية اعتماد سياسة النأي بالنفس»، كما نقلت عن ريفي أنه «قدّم خلال الجلسة مقارنة بين مجريات الأحداث إبان مواجهة تنظيم «فتح الإسلام» في مخيم نهر البارد والمواجهات الجارية اليوم في عرسال، وقال: نحن تعلّمنا في المعاهد العسكرية أنّ الخيار العسكري في الأزمات هو أول شيء يتم إعداده وآخر شيء يتم تنفيذه».

إلى ذلك، وبينما أشارت المصادر إلى أنّ وزراء من تيار «المستقبل» شددوا خلال الجلسة على كون «المواقف التي يتخذها الرئيس سعد الحريري هي التي تعبّر عن موقف تيار «المستقبل» وطالبوا بالوقوف صفاً واحداً في البلد خلف الجيش وتأمين الدعم المطلق له، لفتت إلى أنّ وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس أثار ملف النازحين السوريين في ضوء أحداث عرسال فشدد على أنّ الدولة تحصد اليوم سياسة الحكومة السابقة حيال هذا الملف، مؤكداً أنّ سياسة الإنكار لا تنفع وبات من الواجب فتح ملف النازحين بصورة جدية».

مجلس الأمن

وليلاً، أصدر مجلس الأمن الدولي بياناً صحافياً دان فيه الهجمات التي تشنها الجماعات المتطرفة ضد الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في عرسال، وأعرب أعضاء المجلس عن تأييدهم جهود القوى العسكرية والأمنية الشرعية في مكافحتها الإرهاب ومنع محاولات تقويض استقرار لبنان، مع تجديدهم تأكيد الحاجة إلى تعزيز الجهود الرامية إلى بناء قدرات هذه القوى وإبداء الدعم الكامل للحكومة اللبنانية في أداء مهامها خلال الفترة الانتقالية وفقاً للدستور حتى انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية.

كذلك وجه أعضاء المجلس نداءً إلى جميع الأطراف اللبنانية للحفاظ على الوحدة الوطنية في مواجهة محاولات زعزعة الاستقرار في البلاد بما يتفق مع التزامها «إعلان بعبدا»، مشددين في هذا السياق على أهمية احترام سياسة النأي بالنفس والامتناع عن أي تورط في الأزمة السورية، مع التأكيد أنّ التنفيذ الفعال للقرار 1701 وجميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة لا يزال حاسماً لضمان الاستقرار في لبنان والاحترام الكامل لسيادته وسلامته الإقليمية ووحدته السياسية.

مبادرة «المستقبل» الإعلامية

تزامناً، عقدت وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة اجتماعاً لممثليها في مبنى تلفزيون «المستقبل» بموجب دعوته لبحث سبل التضامن الإعلامي مع مسيحيي الموصل، غير أنّ الأحداث الجارية في عرسال فرضت نفسها أولوية على جدول مباحثات المجتمعين باعتبار أنّ «المواجهة واحدة مع الإرهاب من الموصل إلى عرسال»، مع تأكيد كونها «أولوية مصيرية إنقاذاً للوجود اللبناني ونسيجه الحضاري الفريد».

وخلص الاجتماع إلى إعلان بيان مشترك أكد «دعم الجيش والقوى الأمنية في مواجهة الإرهاب والإرهابيين دعماً مطلقاً، والامتناع عن بث أي معلومات مسيئة لهيبة الجيش ووحدته، والالتزام بتهميش كل الأصوات المسيئة أو المشككة بالمؤسسة العسكرية».

وإذ جرى تشكيل لجان من كافة الوسائل الإعلامية للاتفاق على الوسائل الكفيلة بدعم الجيش، ستتولى هذه اللجان خلال اجتماعاتها اللاحقة بحث عدة اقتراحات جرى وسيجري طرحها في سبيل تحقيق الغاية التي قامت على أساسها المبادرة التي أطلقها إعلام «المستقبل» بإيعاز من الرئيس سعد الحريري والمتمحورة أساساً حول ضرورة تظهير صورة إعلامية موحّدة في إبداء الدعم لمسيحيي الموصل ونبذ الإرهاب والتصدي لكافة أشكاله وأنواعه من مجريات الأحداث في العراق إلى مستجداتها في عرسال.