إنتخابات الرئاسة تدخل في مرحلة من الجمود بإنتظار التطوّرات الإقليمية
طموح عون بالرئاسة الأولى يدعم موقف «حزب الله» بتعطيل الإستحقاق الرئاسي
إن اصطفاف النائب ميشال عون إلى جانب «حزب الله» على النحو الحاصل حالياً يُعطي الحزب مزيداً من التغطية المسيحية المطلوبة لتعطيل عملية الانتخابات الرئاسية
هل استسلمت القوى السياسية الأساسية لهيمنة سلاح «حزب الله» في تعطيل عملية انتخابات رئاسة الجمهورية، أم أن هناك أسباباً غير معلنة تفعل فعلها لتعطيل هذا الاستحقاق المهم في تركيبة السلطة السياسية ككل، بانتظار تطور ما أو تفاهم إقليمي أو دولي معيّن كما جرت العادة من قبل، لدفع هذه العملية قدماً الى الأمام وإخراجها من دائرة التعطيل الغارقة فيه حالياً؟
يعترف مصدر نيابي بارز بأن عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية تمر حالياً بمرحلة من الجمود، لا يعرف أحد الى متى ستستمر برغم تكهنات بعض السياسيين واستنتاجاته بأنها قد تطول لأشهر عديدة، ولكن هذا الواقع باعتقاده مرتبط بجملة أسباب ووقائع أبرزها تأثير إستعمال سلاح «حزب الله» تخويفاً وترهيباً بأساليب متعددة للاستئثار بالواقع السياسي والاستقواء على الخصوم السياسيين كما حصل في السابق إن كان في السابع من أيار المشؤوم أو لدى تأليف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي السابقة وغيرها من الاستحقاقات والأحداث السياسية.
وهناك سبب جوهري وموازٍ لهيمنة سلاح «حزب الله» يفعل فعله كذلك في عملية تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية أيضاً، هو تمترس رئيس «التيار العوني» النائب ميشال عون وراء هذا السلاح والسعي قدر الإمكان للاستفادة من تأثيره وترهيبه للآخرين لأجل الوصول الى سدة رئاسة الجمهورية ولو كلف الامر مزيداً من العرقلة والتعطيل ومهما طال امد الفراغ في منصب الرئاسة الاولى.
ولا يُسقط المصدر النيابي من حساباته اسباباً اخرى محلية واقليمية ودولية تؤثر في مجرى عملية انتخابات رئاسة الجمهورية، وهي معلومة للقاصي والداني معاً واهمها شبه التوازن في موازين القوى السياسية التي يتشكل منها تحالف قوى 14 و8 آذار، مما يجعل اي تحالف من التحالفين المذكورين غير قادر على حسم مسألة الانتخابات الرئاسية بمفرده، الامر الذي يتطلب في النهاية ارساء حدٍ ادنى من التفاهم على شخصية ما مقبولة من كلا التحالفين للترشح لمنصب الرئاسة الاولى، لأن كل المرشحين الآخرين المطروحين ممن يسمون انفسهم بالاقطاب او الزعماء الاقوياء وما شابه لا يستطيعون تأمين الحد الادنى من التوافق والقبول على اي اسم منهم من الاطراف المنافسة الاخرى، في حين يظهر جلياً ان «حزب الله» ومن يدور في فلكه من الاحزاب والتنظيمات والقوى الاخرى، ما تزال تنتظر حسم المعركة الدائرة بسوريا لصالح محور الاسد – طهران من جهة والانتهاء من محادثات «الملف النووي» بين ايران والغرب من جهة ثانية، كي يتم توظيف هذين الحدثين والاستقواء بتأثيرهما للاتيان برئيس جمهورية يدور في فلك هذا التحالف ويؤمن استمرار تفلت سلاح «حزب الله» من مرجعية الدولة وسلطتها الى ما شاء الله.
ويلاحظ المصدر النيابي البارز ان اصطفاف النائب ميشال عون الى جانب «حزب الله» على النحو الحاصل حالياً، يعطي الحزب مزيداً من التغطية المسيحية المطلوبة لتعطيل عملية الانتخابات الرئاسية والاستقواء بهذا الواقع في مواجهة القوى السياسية الاخرى، كما يحصل في الوقت الحاضر، وكما حصل في استحقاقات سياسية ومفصلية اخرى طوال السنوات التي اعقبت عودة عون من منفاه الباريسي منذ ربيع العام 2005 وحتى اليوم.
وفي اعتقاد المصدر المذكور أن موقف النائب عون الحالي هو الذي يؤثر سلباً في مجرى عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية ويعيق اجراءها، وهذا التصرف ليس بجديد على زعيم «التيار العوني» الذي يستهوي الفراغ في منصب الرئاسة الأولى أو حتى يعشقه استناداً إلى ممارساته منذ تسلمه رئاسة الحكومة المؤقتة نهاية ولاية الرئيس الأسبق امين الجميل نهاية ثمانينات القرن الماضي، حتى ولو أدى هذا الفراغ السائد إلى إلحاق أشدّ الضرر بالوطن بفعل التأثيرات السلبية لهذا الفراغ على واقع الدولة ككل.
ويخشى المصدر النيابي البارز أن يستمر التلاقي بين طموحات النائب عون في الوصول إلى سدة الرئاسة الأولى استناداً إلى مسيرة انفتاحه على «تيار المستقبل» وفحوى الحوار القائم بين الطرفين بخصوص العدد من القضايا والمسائل الحسّاسة المطروحة، وبين طموحات «حزب الله» لتوظيف نتائج المعركة العسكرية الدائرة بسوريا وتداعيات الاتفاق الأميركي الإيراني للاستقواء بمؤثراتهما في الداخل اللبناني، فهذا يعني بأن مرحلة تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية لن تكون قصيرة المدى، بل قد تطول اكثر مما هو متوقع، الا اذا تسارعت وتيرة الاتصالات والمساعي بين الدول المؤثرة لوضع الملف اللبناني من ضمن اولويات هذه الدول، وهذا لا يبدو متيسراً في الوقت الحاضر.