Site icon IMLebanon

عرسال تستكمل انتصار غزة

لن تعوزنا الدلائل حول انتصار أطفال غزة. فاستطلاع الرأي الذي أجرته إحدى أكبر الصحف الصهيونية يشير الى أن 87 في المئة من الرأي العام في الكيان الصهيوني مقتنع بأن الحملة العسكرية لم تعط ثمارها أو أنها فشلت. ويحاول رئيس وزراء العدو، وهو المجرم الأول الذي يجب أن تلاحقه محاكم العالم، أن يبرر ذلك فيقول انه من الصعب تحقيق كامل الأهداف.

ومرة جديدة يفشل رهان الزعماء العرب ورهان زعيمتهم الولايات المتحدة، فما بال آب يخذلهم كل مرة. في المرة الأولى، انتصرت إرادة الشعب ومعه الجيش والمقاومة في لبنان واليوم تنتصر إرادة الطفل المغامر في فلسطين فتخرج فلسطين أقوى وأكثر وحدة؟

وحتماً لن يكون ما جرى ويجري قليل الأثر على مصر، الجارة الأحب لأبناء غزة، تلك الصخرة التي ما تصورها أهل غزة الا نصيرهم ودرعهم. وها هي بشائر حراك مصري، يستعيد شعارات جماهير مصر التي شكلت فلسطين احد ابرز مضامينها. نعم إن الجماهير المصرية ستراجع حصيلة ومواقف هذه الأيام الصعبة التي وضع حكام مصر أنفسهم رهينة للحياد السلبي، وللرهان على الموقفين السعودي والأميركي.

وليس مصر فقط، بل العالم العربي الذي هو اليوم، أمام تحدي رفض القديم المتمثل بجيفة الجامعة العربية وبالتالي بناء حالة من التعاون بين القوى الشعبية العربية، كبديل للإطار الرسمي الذي ما كان الا إطاراً مكملاً لمخططات العدو الأميركي وأداته الكيان الصهيوني.

&&&

وها هي عرسال اللبنانية تستكمل انتصار غزة؟

نعم، لقد شكل احتضان أهل عرسال والبقاع الشمالي، للجيش عنوان سياسة لبنانية موحدة لمواجهة حرب التفتيت المذهبي، ولقد حاصر الاحتضان الشعبي للجيش الوطني في معركته، الموقف المتخاذل للكثير من القوى السياسية والموقف الضعيف للدولة، التي يفترض ان هذا الجيش هو أداة سلطتها.

نعم انتفضت عرسال أولا،ً وأثبتت ان احتضانها للآلاف من النازحين السوريين، لم يكن في إطار مخططات الفتنة، بل هو جزء من التزامها التاريخي بالعروبة ومع الفقراء.

وعندما، تبدى لعرسال أن قوى الإجرام والإرهاب، تحاول الاستفادة من ذلك لتمرير مؤامرتها على وحدة لبنان ووحدة مؤسسته العسكرية، التي يشكل أبناء عرسال، رافداً من روافدها، انتفضت، فهي لطالما كانت على مر التاريخ، منبعا للمقاومة الوطنية ضد العدو ومنبعا لتحركات الفقراء دفاعاً عن حقوقهم وعرقهم. بالنسبة اليها، فإن شبابها ليس فقط من ولدوا في عرسال وانتسبوا لها بالطبيعة، بل ان كل شباب قرى البقاع المحروم والفقير هم أبناء عرسال، فكما هي، كذلك اللبوة والعين وراس بعلبك والفاكهة والهرمل وكل قرى البقاع.

انتصر البقاع، لشهداء الجيش الوطني وجرحاه ومفقوديه، ليرد على اصوات الفتنة وعلى التقصير الرسمي.

وفي هذا الاطار، وبعيدا عن التكاذب المشترك لأهل نظام التكاذب، لا بد من تسجيل الملاحظات الآتية:

الأولى، برغم الايجابية في السقف العالي المحتضن والداعم للجيش في بياني الحكومة، فإن هذا الموقف لم يتعدَّ تضامن المواطن العادي مع جيشه وأبنائه، فالمطلوب من «حكومة تجمع رؤساء الجمهورية» شيء آخر: المطلوب اصدار قرار واضح وحازم بتكليف الجيش التصدي لقوى الإرهاب.

الثانية، عندما جاء الرئيس السابق للجمهورية، ببشارة القديس عبد الله، بتقديم مساعدة المليارات الثلاثة للجيش اللبناني، قلنا حينها ان هذه المساعدة هي نوع من أنواع تبييض الأموال، وهي في حقيقتها منحة سعودية لمساعدة فرنسا في حل أزمتها الاقتصادية، عبر ممر السلاح للجيش.

الثالثة، ضعف الرد على التصريحات النيابية وحتى الحكومية المسيئة لمعركة الجيش ولأهالي عرسال والمنطقة والمدافعة ضمناً وبعضها صراحة عن الإرهاب والإجرام الداعشي. فالرد الوحيد على تصريحات الثلاثي النيابي الشمالي المغطي للاعتداء الخارجي، يجب الاّ يكون أقل من نموذج التعامل مع اي مواطن على علاقة مع العدو. وهذا الموقف مطلوب من الحكومة والمجلس النيابي، وهنا، يحق لنا السؤال، هل لمثل هؤلاء النواب سيمدد؟

الرابعة، إن كان هذا المشروع قد تعرض لنكسة بفعل تضامن الشعب مع الجيش، فإن تكرار المحاولة في البقاع أو في مناطق أخرى من لبنان حقيقة ثابتة، تقتضي توحيد القوى الشعبية والوطنية المتصدية لهذه المؤامرة.

الخامسة، وقد يعتبرها البعض في غير أوانها، فهي التأكيد على قناعتنا بأن النظام الطائفي لا يمكنه التصدي لمحاولات التجزئة. هذه النماذج مكملة له، وبالتالي فإن عملية التغيير باتجاه نظام ديموقراطي علماني اصبحت أكثر من آنية، هكذا نواجه انعكاسات الموصل والأزمة السورية وليس بدولة طائفية مأزومة تشكل المستنقع الذي ينمو في مياهه الآسنة اي مشروع طائفي ومذهبي و«داعشي».

السادسة، ان التضامن مع الجيش، لا يكون بحرمان أبنائه، وأبناء شهدائه وجرحاه، من حق مكتسب لهم ولزملائهم في التعليم والوظيفة الرسمية. وهذا ما يطرح بإلحاح على كل من يذرف دموع التماسيح ان يذهب الى مجلس النواب لإقرار سلسلة الرتب والرواتب كما تطرحها «هيئة التنسيق النقابية»، التي لولا طبيعة الجيش ودوره، لكان يجب ان تضم بين صفوفها ممثلين للجنود والضباط كما ممثلون للمؤسسات الامنية كلها.

(&) الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني