Site icon IMLebanon

عرسال مدخلاً

جنود الجيش اللبناني وضباطه، وجنود سائر الأجهزة الأمنية وضباطها موظفون في الدولة اللبنانية، الدولة التي سقطت شرعية مؤسساتها السياسية واحدة تلو الأخرى، فبات الحرص على تماسك الإدارة، ومنها القوى العسكرية، هماً مستحكماً. وقد أدخل هؤلاء الجنود والضباط اليوم في معركة قاسية دامية من دون استعداد كافٍ، بنتيجة تكاذب مما زال البعض يستسيغ تسميتهم مسؤولين:

^ ممنوع حرمانهم من القدرات التقنية والقتالية والاستخبارية واستجداء السلاح المشروط.

^ ممنوعة المتاجرة بأحزان أسرهم وقلقها.

^ ممنوع عدم إنصافهم في حقوقهم بسلسلة رواتبهم.

^ ممنوع استجداء «غطاء سياسي» لهم من تجار الطائفية والعمالة.

لأن الجيش، إن كان واجبه أن يشكّل أكثر عناصر الدولة قدرة على مواجهة العنف، فهو أكثرها وهناً في مواجهة تفتيت القرار الوطني. فالجندي، متى فقد شعوره أنه مواطن في دولة، واعتبر أن ملاذه طائفة من الطوائف، لا يعود له نفع. تستطيع أن تكون تاجراً وطائفياً، تستطيع أن تكون سياسياً وطائفياً، لكنك لا تكون جندياً إن لم تكن علمانياً. لهذا السبب لم تُقم الدولة الطائفية جيشاً وتنازلت عن سيادتها وعن مسؤولية حماية أرضها وشعبها للأقربين وللأبعدين.

من دون حاجة للبت في المواقف المتباينة من الطموحات والمخططات المتصلة بالمشاريع الإقليمية والدولية والمتفرعة عنها، علينا أولاً أن نرتقي إلى مستوى مسؤولية رجال دولة، بدءاً:

^ بتأمين الحماية الكاملة لسكان عرسال اللبنانيين أولاً وللنازحين المدنيين السوريين أيضاً.

^ برسم أهداف محددة للمواجهة مع المعتدين على الدولة والمواطنين، ومحاسبة المسؤولين عن أي تقصير تخطيطي أو ميداني.

^ بضبط كل المعابر الحدودية، سواء سميت شرعية أو غير شرعية، دخولاً وخروجاً، وتطبيق القوانين على عابريها من دون استثناء.

^ بفرض ضريبة استثنائية على الأغنياء من مصارف وكبار مودعين وتجار عقارات لتسليح الجيش وتجهيزه بالقدرات التقنية والقتالية والاستخبارية.

^ بالتعامل قضائياً مع كل كلام أو موقف ينتقصان من شرعية الدولة ومن وحدة الشعب اللبناني، ويخاطبان أمة من هنا وطائفة من هناك، ويستجديان أو يستدعيان شارعاً أو شريعة أو شرعية من هنالك.

^ بمحاكمة كل الموقوفين من دون إلصاق أي نعت مسبق بهم.

^ بإنجاز تعداد شامل للمقيمين على الأراضي اللبنانية من لبنانيين وأجانب والتطبيق الدقيق لشروط الإقامة ولنتائجها.

^ بتأمين الرعاية الاجتماعية لجميع اللبنانيين وفق قوانين محددة تثبت لهم حقوقاً وتغلق أمامهم أبواب نتش المكاسب مقابل بيع الولاءات.

لا نأي بالنفس عن قلق مجتمع بكامله. ولا أفق للعصبيات العرقية والدينية في منطقة تتشلع وتتفجر، لأن هذه العصبيات، بقدر ما قد توفر من منعة ولحمة وقدرة موضعية لجماعة معينة، فهي تعزل «جماعتها» وتطوّقها وتسقط حتى الإنجازات التي قد تحققها في أتون التناحر وفي قيود الاستتباع. ممالأة أنظمة فاسدة وواهنة ومستبدة للأيديولوجيات الدينية سعياً للاحتفاظ بالسلطة انقلبت عليها، وشرعت الأبواب أمام التدخلات الخارجية، فباتت الشعوب ميتّمة، مخيّرة بين عصابات تقتل بحجة الدين وعسكر يقمع بحجة الأمن.

لبنان بحاجة لدولة عن جد، يستحقها ويقدر على بنائها، أو أقله بات يتحمّل مسؤولية خاصة لكونه، على ضعفه، أكثر قدرة من سائر دول هذه المنطقة المنكوبة على بنائها.

هذا هو التحدي.

(&) وزير سابق