لا يكفي القول ان كلاما سياسيا من هذا الجانب وتصريحا سياسيا من الجانب الاخر لمعرفة ما يجري في منطقة عرسال لاسيما ان بيانات الجيش فيها من الوضوح الميداني الذي يشير الى مواجهة تدور رحاها هناك بمختلف انواع الاسلحة الحربية مع العلم ان مجموعة المقاتلين في عرسال ومحيطها تقدر بثلاثة الاف مسلح في مواجهة مباشرة مع الجيش، فيما لا تنف معلومات اخرى ان مسلحي حزب الله في محيط عرسال استخدموا اسلحتهم الثقيلة في بداية المواجهات قبل ان يدخل الجيش غمار المعارك الدائرة هناك على مدار الساعة (…)
وما يقال عن «حرب عرسال» لا بد وان يقال عن عودة التوتر الى بعض مناطق طرابلس، حيث جرت مناوشات مع الجيش بالتزامن مع بداية مناوشات عرسال، الى ان تبين نتيجة بيان اللقاء الاسلامي ان احداث طرابلس مترابطة باحداث عرسال الى حد افهام من لم يفهم من بيان «هيئة العلماء المسلمين» الذي رأى ان ما يجري في عرسال هو نتيجة طبيعية لسلسلة ايرانية تحمل بصمات ولاية الفقيه، كما حذر البيان من اي قرار يحول الجيش الى «جيش المالكي» في اشارة الى ما يقوم به الجيش العراقي ضد السنة وضد الشعب العراقي، مع ما يعنيه ذلك من وضع ميليشيا ولاية الفقيه في مواجهة السنة في عرسال وغيرها من المناطق اللبنانية، بما في ذلك افشال كل الحلقات التي تريد تعطيل حال التفاهم في لبنان وفي ذلك الى ان «الهيئة» تقف في مواجهة حزب الله الذي يقف في صف الساعين الى ضرب السنة في لبنان.
كذلك اشار بيان الهيئة الى رفض القول ان عماد احمد جمعة هو امير «جماعة النصرة» في لبنان، بما في ذلك القول ان ما يحصل في عرسال هو جريمة بحق عرسال وابنائها السنة من قبل داعش واصحاب النظرة السوداء التي تسير اعمال حزب الله وولاية الفقيه في لبنان.
الخلاصة الاولية الى ان ما حصل، ادى الى استشهاد عشرة عسكريين بينهم ضابط وجرح ثلاثين عسكريا فيما لم تتوقف التصريحات والبيانات الداعية الى التحذير من استمرار التخبط السياسي والعسكري في عرسال ومحيطها لاسيما ان كل سياسي دعا الى التحذير من السير قدما في الترف الذي يبعد الدولة عن ان تكون دولة، الى حد اعتبار البلد مقسوما بين وجهتي نظر: الاولى شيعية واضحة والثانية سنية واضحة، مع الاخذ في الاعتبار ان بلدة عرسال كانت تضم في الاساس 30 الفا بينما تضم الان 140 الفا جاؤوها من مناطق النزوح بحسب ما تردد في اوساط معينة عن تدفق الاف النازحين على البلدة (معلومات حزبية) فيما لا يتعدى عدد عناصر الجيش ممن دخلوا المعركة الالفين بين جندي وضابط.
كما تردد ايضا في الحملات الاعلامية حصول انشقاقات سنية في صفوف الجيش تبين لاحقا كذب هذا الادعاء فيما نشطت الاتصالات على ارض الواقع لتجنب وصول الاشتباكات الى عمق البقاع الشمالي حيث قيل ان عمليات خطف واحتجاز قد حصلت قبل ان يتبين كذبها كما نفاها الجيش من خلال بيانات عسكرية تزامنت مع ما قيل عن دك مسجد عرسال على رؤوس المصلين واولئك الذين لجأوا اليه هربا من القصف وخوفا على ارواحهم.
وقد دلت الاجتماعات العسكرية – الامنية التي رافقت ما حصل ويحصل في البقاع والشمال وجود نية لتكبير حجم التطورات الميدانية، كما صدرت مواقف سياية حضت على تنفيذ اعلان بعبدا وتأكيد حياد لبنان، من ضمن الانسحاب من اي عمل حربي في سوريا، والمقصود بذلك هو حزب الله، لاسيما ان الجميع في لبنان هم في خطر ومن واجبهم التفاهم على حد سياسي ادنى قبل ان تتطور الامور الى ما فيه اسوأ فيما يحصل، خصوصا عند الحديث عن «اسلام الاعتدال» الذي ينشط من خلال الرئيس سعد الحريري وفريق تيار المستقبل، اضافة الى احياء مؤسسات الدولة التي فقدت رئيس الجمهورية حيث يستحيل القول ان مجلس النواب هو من يمثل الدولة او مجلس الوزراء هو من يمثل الدولة، وهذا ما على الجميع معرفته والتصرف على اساسه قبل اضاعة المزيد من الوقت!
وثمة من يعول على قرار يتخذه مجلس الوزراء في جلسته الاستثنائية اليوم يزيد من معدل الوضوح في النظرة الى ملء الشغور في رئاسة الجمهورية بعكس كل ما حصل في السابق من كلام في العموميات السياسية التي تعني كل فريق ما يحتاج اليه من نظرة توضيحية في مجال ما هو مرغوب لعدم البقاء في الفراغ بحسب ما كرر رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط قوله في مختلف المواقف التي صدرت وتصدر عنه؟!