Site icon IMLebanon

عندما تتزامن صواريخ الجولان وجنوب لبنان

 

ما بين جولات القصف الصاروخي الثلاث من جنوب لبنان، انطلق صاروخان من الجولان في اتجاه إسرائيل، ولولا النّسخة السورية لبقيت المخاوف محدودة باعتبار أنّ ما حصل هو مجرَّد رد فعل نفّذته مجموعة من الهواة لا أكثر ولا أقل. لكنّ التزامن رفع منسوب التوتر والقلق لدى المراجع الأمنية المحلية والديبلوماسية الغربية. لماذا؟

قبل أيام على انطلاق موجات القصف الصاروخي المتقطّع من جنوب لبنان، كانت قيادة القوات الدولية ومعها بعض شركائها من اللبنانيين يترقّبون عمليات مماثلة. فالمنطقة الجنوبية بكاملها مرشحة لتكون مسرحاً لها على يد مجموعات فلسطينية ولبنانية يمكن أن تتسلّل الى إحدى وديان المنطقة، لاعتقادها أنّها تنتصر لغزة بهذه الطريقة، وتلفت النظر الى ما يحدث هناك من مجازر في حقّ الفلسطينيين الأبرياء.

أيّاً تكن الأسباب التي دفعت الى تنفيذ العمليات انطلاقاً من جنوب لبنان، فقد بقيت المراجع الأمنية اللبنانية والدولية مطمئنة الى أنّ الوضع ممسوك ولا يمكن أن تتجاوز هذه العمليات سقوفاً سابقة انتظَمت تحتها، فتمّ حصرها وخنقها بتعاون ثلاثي بنَته قوات «اليونيفيل» في تجارب سابقة مشابهة، لكنّ رقعة المخاوف توسّعت مع احتمال أن يكون إطلاق الصواريخ عمليات منتظمة تقف وراءها أطراف اكثر حرفية ممّا سبق، بعدما انضمّت مجموعات مماثلة الى عمليات شبيهة من الجولان السوري في اتجاه الأراضي الفلسطينية والسورية المحتلة.

ففي المعلومات الواردة من معظم العواصم الأوروبية، لم تكن هناك أيّ إشارة الى احتمال توسّع رقعة التوتر من غزة ومحيطها الى الحدود الشمالية والشرقية لإسرائيل، لا في اتجاه جنوب لبنان ولا على محاور الجولان السوري المحتل.

وتعترف مراجع ديبلوماسية غربية بأنّ التوسّع الفلسطيني في قصف المدن الإسرائيلية والمراكز العسكرية وصولاً الى مدن حيفا وتل أبيب والقدس ومحيط مفاعل ديمونا عدا عن المطارات الإسرائيلية المدنية والعسكرية منها، إكتسحَت مساحات الإهتمام الدولية في الأيام الأولى لعملية «الجرف الصامد» بعدما اعتُبرت هذه العلميات مفاجآت لم تكن منتظرة، فباتت تطوراً بالغ الخطورة في هذه الظروف بالذات، ورفعت من مستوى الإهتمام السياسي والديبلوماسي الدولي الذي تجاوز ردات الفعل العربية العاجزة عن تغيير أيّ من التطورات المتوقعة في المنطقة في اتجاه تهدئة الوضع وحصر مساحات التوتر بأسرع وقت ممكن.

ولكنّ المراجع الديبلوماسية نفسها تضيف أنّ قيادة القوات الدولية تبلغت ضرورة ممارسة اقصى الضغوط على الجانبين الإسرائيلي واللبناني لضبط الوضع، فيما فقدت الاتصال القائم مع الجانب العسكري السوري منذ العام 1973، وقد أوقف قبل 17 شهراً تقريباً، كل أشكال التعاون مع قوات المراقبة الدولية المنتشرة في الجولان «الأوندوف» على كل المحاور، بعدما باتت معظمها في أيدي المعارضة السورية امتداداً الى عمق ريف دمشق الجنوبي ومنه الى الحدود الأردنية – السورية.

وكشفت المراجع الديبلوماسية أنّ جديد المعالجات للوضع في غزة تحوَّل بسحر ساحر الى عواصم جديدة لم تكن على لائحة الإهتمامات المباشرة سابقاً بالملف الفلسطيني، فباتت طهران وأنقرة في قلب المعادلة الجديدة في ردٍّ غير مباشر على ما حصل في شمال العراق وسوريا بعد «الطحشة الداعشية»، تزامناً مع «الانتفاصة الكردية» وما تركتها من مخاوف لم تكن لا في حسابات ايران الشيعية ولا تركيا الكردية، ولذلك تتّجه الأنظار الى المفاوضات الجارية مع وفي العاصمتين الإيرانية والتركية لضبط الوضع، لعلّهما يملكان مفتاح إقفال الصواريخ الجديدة، وقد تكشف الساعات المقبلة مزيداً من التفاصيل.