Site icon IMLebanon

عودة الحريري ضمانة لخيار الإعتدال .. والكرة في ملعب «حزب الله» والتيار العوني

عودة الحريري ضمانة لخيار الإعتدال .. والكرة في ملعب «حزب الله» والتيار العوني

الملك عبد الله يتصل بسلام داعماً .. وزعيم «المستقبل» يتبرع بـ15 مليون دولار لعرسال

تنفس لبنان السياسي والشعبي والاقتصادي الصعداء، مع عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت، بصورة نهائية، بعد مغادرة قسرية لاسباب امنية، استمرت ثلاث سنوات واربعة اشهر، هذه العودة التي وصفها رئيس تيار المستقبل بأنها «أهم مكافأة لي» ورأت فيها القيادات السياسية على اختلاف انتماءاتها بأنها فاتحة خير لمصلحة الاعتدال الاسلامي واللبناني، ولمصلحة الاستقرار وتكريس خيار الدولة القوية، العادلة، كملاذ لكل اللبنانيين.

وجاءت العودة بعد 24 ساعة من كشف الرئيس الحريري عن الهبة التي مقدارها مليار دولار اميركي، والتي وجّه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، بتقديمها كمساعدة للجيش اللبناني، بعد هبة 3 مليارات دولار لشراء الاسلحة من فرنسا، لتمكينه من مواجهة «الارهاب والتكفير» الوافد من الحرب السورية، وذلك بعد خمسة ايام من اندلاع الاشتباكات في عرسال البقاعية بين الجيش اللبناني والعناصر المسلحة التابعة «لجبهة النصرة» والفصائل السورية الاخرى، ومنها تنظيم «داعش».

وبالتزامن كان الجيش اللبناني نجح بالدخول الى عرسال بعد مغادرة المسلحين غداة وساطة قامت بها «هيئة العلماء المسلمين».

واحدثت عودة الحريري صدمة ايجابية في مختلف الاوساط، واشاعت اجواء من الارتياح والتفاؤل والتي جاءت لتكريس التهدئة وايجاد طرق الانفراج لمختلف الملفات العالقة، وتعزيزية لخط الاعتدال ومواجهة مناخات التطرف والارهاب.

الحريري: 15 مليون دولار لعرسال

 وعلمت «اللواء» من مصادر مقربة من الرئيس الحريري ان في جعبة تيار المستقبل خطة عمل من شأنها ان تؤدي الى انفراجات واسعة في الوضع السياسي المتأزم منذ فترة في حال لقي التجاوب المنشود من حزب الله والتيار العوني.

اما على صعيد الخطوات العملية، فقد ابلغ الرئيس الحريري رئيس الحكومة تمام سلام عن قراره بالتبرّع شخصياً بمبلغ وقدره 15 مليون دولار لاهالي عرسال لمعالجة ذيول وتداعيات المعركة الاخيرة واصلاح البيوت المتضررة، وتأمين المرافق الحيوية، والبنية التحتية لعرسال، التي تتحمل ضغوطاً كبيرة بسبب وجود 30 الف نازح سوري على اراضيها.

وفي اطار تأمين المساعدات العاجلة لعرسال طلب الرئيس سلام من هيئة الاغاثة تأمين شحنات من المازوت والمواد الاسعافية الاولية اللازمة التي طلبتها الفعاليات العرسالية، واعطائها الاولوية على المواد الغذائية المتوافرة في البلدة.

ولاحظت مصادر وزارية ان الرئيس الحريري اخذ على عاتقه مخاطر أمنية كبيرة بقرار العودة، حرصاً على تكاتف الجهود خلف المؤسسة العسكرية في حربها على الارهاب ورد اتهامات النظام السوري وبعض قوى 8 آذار الصاقها ببعض التيارات اسلامية.

العودة المفاجئة

 وصل الرئيس الحريري فجراً الى بيروت، ومن المطار الى ضريح والده الرئيس الشهيد في وسط بيروت، ثم الى السراي الكبير للاجتماع مع الرئيس سلام.

فمنذ الثامنة صباحاً بدأت هواتف الصحافيين المعتمدين في السراي الحكومي بالرنيني»ضيف مهم جداً في السراي يستدعي حضوركم» هذا ما أبلغنا به،لم يكن احد على علم بالشخصية التي ستلتقي رئيس الحكومة تمام سلام ولا حتى الأجهزة الأمنية ما خلا الجهاز المكلف تأمين وصوله إلى السراي الحكومي.

  خروج الرئيس الحريري من إحدى سيارات الموكب عند العاشرة والثلث وإستقباله من قبل أمين عام مجلس الوزراء الدكتور سهيل بوجي،إنعكس صدمة على وجوه الصحافيين من مصورين ومراسلين وشكّل مفاجأة للأمنيين من الحرس الحكومي والتشريفات.

بخطوات فيها الكثير من التأمل والثقة مشى الرئيس الحريري وعلى وجهه إبتسامته المعهودة،توقف أمام فرقة المراسم وردّ التحية بتحية ومصافحة، ثم صافح المراسلين والعاملين في السراي فرداً فرداً قبل الدخول للإجتماع بالرئيس تمام سلام.

اللقاء الذي دام قرابة الساعة بحث خلاله الرئيسان الأوضاع العامة في البلاد والتطورات الأمنية الأخيرة في عرسال ومحيطها.

وتلقى الرئيس سلام اتصالاً هاتفياً من الملك عبد الله، جدّد خلاله دعمه لموقف الحكومة اللبنانية من مواجهة الارهاب وتدعيم استقرار لبنان.

اجتماع السراي

 وشارك الرئيس الحريري في اجتماع امني عقد مساء في السراي الكبير برئاسة الرئيس سلام، شارك فيه قادة الاجهزة الامنية، والامين العام للمجلس الاعلى للدفاع اللواء محمد خير.

وابلغ الرئيس الحريري المجتمعين غير مرة ان الملك عبد الله بن عبد العزيز يبدي دعماً كاملاً للجيش اللبناني في حفظ امن لبنان واستقراره وانه لطالما كان الداعم الاكبر له في كل الظروف.

وذكرت مصادر مطلعة ان الاسراع في اعداد كشوف باحتياجات قيادة الجيش من اسلحة وذخائر وطائرات حربية مجهزة لمكافحة الارهاب في امكانه ان يساهم بشكل مباشر في كيفية انفاق الهبة السعودية التي سلمها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الى الرئيس سعد الحريري، مؤكدة ان التوجه داخل مجلس الوزراء كان ميالاً الى الايجابية في التعاطي مع هذه الهبة التي يفترض بها ان تسلك الاصول على ان تتم المواكبة من المجلس ووفق الاصول القانونية.

كتلة المستقبل

 وعند السادسة مساءً ترأس الحريري في بيت الوسط اجتماعاً موسعاً حضره الرئيس فؤاد السنيورة واعضاء كتلة المستقبل النيابية والمكتب السياسي لتيار المستقبل والمجلس التنفيذي في التيار واعلن المكتب الاعلامي للرئيس الحريري انه اكد خلال الاجتماع ان دور تيار المستقبل هو حماية الاعتدال ومنع التطرف من التمدد والانتشار، وما يهمني التركيز عليه هو دور تيار المستقبل ومنع كل محاولة لإشعال الفتنة لا سيما وان تأجيج التعصب لا يؤدي الى اي نتيجة. واضاف: ليس لدينا خيار لتشكيل ميليشيا، أو حمل السلاح بوجه سلاح أحد. خيارنا هو دعم الدولة ومساعدة الجيش والقوى الأمنية بمعزل عن بعض الاخطاء التي ارتُكبت من هنا او من هناك. فإذا كان حزب الله يرتكب اخطاء بحق لبنان فهذا لا يعني ان نرد عليه بأخطاء مماثلة، أو أن نلجأ إلى كسر شوكة الدولة وهيبتها.

١٤ آذار

 وعقدت قوى «14 آذار» اجتماعا استثنائيا موسعا لها مساء امس في «بيت الوسط» لمناسبة عودة الرئيس الحريري حضره الرؤساء أمين الجميل، فؤاد السنيورة ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع وعدد من الوزراء والنواب وشخصيات وجميع مكونات 14 آذار.

واعتبرت قوى 14 آذار أن عودة الرئيس الحريري شهادة إضافية على التزام هذا البيت بوحدة لبنان واستقلال كيانه، وهذه العودة تمثل لدى كل اللبنانيين المخلصين فسحة أمل في المستقبل لنا ولأولادنا، مؤكدة تمسكها الكامل بالدولة، وشكرت خادم الحرمين على التفاتته الكريمة دعماً للجيش والقوى الامنية في معركته الشرسة ضد الارهاب.

وكشفت مصادر المجتمعين أن الحريري أبلغ أركان 14 آذار أن عودته الى لبنان نهائية، وهي تأتي في إطار دعم خط الاعتدال، ومواجهة الارهاب الذي يجتاح لبنان، وهذه المواجهة لا تتم إلا من خلال دعم الدولة اللبنانية وإقفال الحدود، والخروج من الأتون السوري، موضحاً أنه يتبنى الخطة التي أقرتها مؤخراً قوى 14 آذار، والتي تلتزم خط الاعتدال ودعم الدولة والنهوض بها، لأن لا بديل عن الدولة العادلة والقوية والقادرة.

وأضاف: الخطة السعودية تعبير عن دعم المملكة العربية السعودية لبنان والدولة اللبنانية، وإعطاء هذه الدولة دفعاً معنوياً ومادياً لتقويتها من أجل إشهار الاعتدال الإسلامي لمواجهة الارهاب والتكفيريين ودعم الدولة.

وكان الرئيس الحريري تلقى اتصالاً من الرئيس نبيه بري هنأه بسلامة العودة، كما رحبت مختلف القيادات بهذه الخطوة، وزاره لهذه الغاية السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري، والسفير الأميركي ديفيد هيل.

ووصف النائب وليد جنبلاط عودة الحريري «بالإيجابية للغاية» وقال «وجوده مهم جداً في مواجهة المتشددين».

موقف 8 آذار

 وفي غياب أي موقف لحزب الله من عودة الحريري، اعتبرت أوساط تكتل التغيير والاصلاح في موقف لـ «اللواء» أن معطيات جديدة على الصعيد السياسي يفترض بها أن تتكشف في الأيام المقبلة في أعقاب عودة الرئيس سعد الحريري من الخارج، مؤكدة أن التواصل معه سيصبح أكثر سهولة وذي فعالية.

وإذ أكدت أن ضيق الوقت أمس لم يسمح بحصول تواصل مباشر بينه وبين رئيس التكتل العماد ميشال عون، كما أن نشاطات الحريري ووفرة لقاءاته حالت دون ذلك مع العلم أنه ربما يكون قد رصد اتصال بينهما في وقت متأخر، وقد تردد أن الوزير جبران باسيل زار الحريري أمس في قريطم، ودعت الى انتظار ما يمكن أن تفضي إليه الساعات الثماني والأربعين المقبلة لتكوين رؤية معينة، معربة عن اعتقادها أنها عودة «مجيدة» تفيد البلد.

وأشارت الى أن التيار الوطني الحر ليس مستاء من هذه العودة لا بل على العكس يرحب بها قائلة أن هناك قوى سياسية معينة اعتادت على غيابه وربما يكون هناك بعض الأشخاص المستائين من العودة، وتوقعت حصول تحولات تؤثر على مسار انتخاب رئيس جديد للبلاد.

وتوقعت مصادر متابعة أن يعلن الرئيس الحريري مواقف غداً خلال استقباله وفوداً شعبية، تتعلق بالاعتدال والدولة والاستحقاق الرئاسي.

كما سيشارك الرئيس الحريري بانتخاب مفتٍ جديد للجمهورية غداً.

جنبلاط في بنشعي

 على صعيد الزيارات التي يقوم بها رئيس اللقاء الديمقراطي على القيادات اللبنانية والمسيحية على وجه الخصوص، يزور جنبلاط غداً النائب سليمان فرنجية في بنشعي للتباحث معه في سائر التطورات، بعد عودة الحريري، والجهود التي تبذل لمواجهة الارهاب، وإجراء الانتخابات الرئاسية.

صفقة تبادل؟

 على صعيد الجنود الأسرى لدى «النصرة»، نسبت وكالة رويترز الى مصدر حكومي نفيه أن تكون الحكومة اللبنانية تلقت أي طلب من خاطفي الجنود للتبادل.

وكانت الوكالة المذكورة ذكرت أن قائدين عسكريين من «الجماعات المسلحة» أبلغاها في مكالمة هاتفية أن المطالب أرسلت الى الحكومة اللبنانية والجيش وفيها أنهم يحتجزون 19 جندياً ويطالبون بالإفراج عن «سجناء إسلاميين» بينهم السوري عماد جمعة (الذي تسبب باندلاع المعركة الأخيرة) لإطلاق سراح الجنود.

وقال أحد المسلحين لرويترز: «الأمر بسيط، جنودهم مقابل الرهائن الإسلاميين».

وقال مسلح آخر تليفونياً «هذا الأمر استغرق وقتاً طويلاً والحكومة غير مستعدة على ما يبدو للإنصات والفهم، ربما يستمعون ويفهمون هذه المرة». وتابع قائلاً «ليس لدينا ما نخسره، الآن فقدنا أناساً وشعبنا لاجئ ومرة أخرى لم يعد لدينا ما نخسره».

الوضع في عرسال

 ميدانياً، قال مصدر عسكري أن الجيش بدأ بالدخول الى عرسال، وأقام أول حاجز في غرب البلدة «ونحن نتقدم تدريجياً داخلها».

وقال شاهد عيان أن الجنود دخلوا البلدة ولم تحصل مواجهات أو إطلاق نار، ولم يشاهد أي مسلح.

وفي بعلبك كتب مراسل «اللواء» محمود إسبر: «عرسال الجريحة فتحت ذراعيها لاحتضان الآلاف من أبنائها الذين هجرتهم الحرب التي فرضها المسلحون والإرهابيون عليها، تتهيأ لاستعادة الحياة الطبيعية إلى ربوعها الجبلية، بعد أن كفكفت الدموع على الشهداء من أبنائها إلى جانب شهداء الجيش اللبناني وكل القوى الأمنية الشرعية التي لا رهان لأهالي البلدة على سواها، تفقد الناس ممتلكاتهم، وقد هالهم ما شاهدوه لا سيما في محلة رأس السرج التي تقع لجهة المدخل الغربي لعرسال حيث كان الميدان الأساس للمعارك، فالدمار كبير والخسائر طاولت المباني والسيارات ووسائل النقل والحرائق أتت على أكثر من موقع، ولم تسلم حتى فصيلة الدرك في الناحية التي منها كانت الشرارة الأولى للشر الذي حلّ بالبلدة بتدبير من الغرباء عنها، والذين لم يسلم من ممارساتهم الشاذة وإجرامهم أبناء البلدة الحزينة. (راجع صفحة 4)