Site icon IMLebanon

عون رئيساً في 23 نيسان لو أراده «الحزب»

وهكذا تقترب المسرحيَّة من خواتيمها. ربما بدأ النائب ميشال عون يقتنع بأنه «مجرّد ورقة للحرق» لدى حلفائه، وأنه لن يحظى بترشيح خصومه «خلافاً للطبيعة». وقد يكون إقتنع، لكنه لا يريد أن يصدِّق. إما لأنه لا يريد الإستيقاظ من أحلام اليقظة… وإما لأنّ مصلحته تقتضي أن يصدِّق حليفه «ظالماً كان أم مظلوماً». فإذا خرج عون من «حزب الله» إلى أين سيذهب؟

عندما قيل، قبل أسابيع، إنّ لا إنتخابات رئاسية قبل 25 أيار، وإنّ وصول عون إلى بعبدا مستحيل، وكذلك عودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان، إرتفعت الأصوات التي تجزم، وبناءً على مصادر ديبلوماسية، بأنّ إيران والسعودية توافقتا، بغطاءٍ أميركي ـ فرنسي، على «طبخةٍ ثلاثية» الأضلاع:

– الفراغ ممنوع.

– عون رئيساً للجمهورية.

– الحريري رئيساً لحكومة العهد الأولى، وربما لكل الحكومات العونيّة!

ومع الوقت، تبيَّن أنّ هذا السيناريو هو خليط من ثلاثة مصادر:

1- التقارب الفعلي، ولكن الهامشي، بين العونيين والحريريين، وإستطراداً السعوديين. وهذا التقارب، المحصور في ملفات معينة، إستفاد منه كلّ من الطرفين لغاياته ومصالحه الآنية. لكنّ عون لا يملك الثمن الذي يدفعه إلى الحريري لكي يتخلّى عن مسيحيي 14 آذار… إذا كان في الأساس مستعداً للتخلّي عنهم. وربما بدأ عون يكتشف أنه عبثاً كبَّد نفسه عناء اللقاء السرّي مع الحريري في فرنسا.

2- التسريبات العونية بأنّ الحريري وعون باتا على وشك التوافق الحتمي على «الطبخة»، بمباركة إقليمية ودولية. والهدف من هذه التسريبات تفجير العلاقة بين الحريري وحلفائه.

3- التحليلات التي غالباً ما تسود الوسط السياسي التقليدي في لبنان، ومفادها أنّ لبنان تديره «الدُوَل»، ولا سيما منها الولايات المتحدة. وأنّ «الدُوَل» تصرُّ على الإنتخابات قبل 25 أيار، وعلى أنّ عون هو الأفضل.

ولكن، يتبيَّن منذ 2005 أنّ كثيراً من الأحداث والتطورات في لبنان جرت خلافاً لرغبات المجتمع الدولي، وأنّ الولايات المتحدة، خصوصاً مع باراك أوباما، لا تُمسك بكثير من تفاصيل اللعبة في الشرق الأوسط ودُوَلِه، ومنها لبنان.

لذلك، الفراغ يقترب على حصان أبيض. وتبيّن أنّ «كلمة السر» التي ستنفَّذ هي تلك التي يقولها المحور الإيراني ـ السوري، لا التحالف الأميركي ـ الفرنسي، وهي تتلخّص بثابتتين أساسيتين:

1- لا رئيس للبنان قبل الإنتهاء من تجديد ولاية الرئيس بشّار الأسد في سوريا، وربما إستحقاقات إقليمية أخرى. فالمطلوب عدم الإستعجال وإبقاء ورقة الفراغ الرئاسي اللبناني في يد المحور الإيراني ـ السوري يستخدمها على المستوى الإقليمي الشامل. وبعد الفراغ، سيرتفع سعرُ هذه الورقة.

2- الرئيس المطلوب لن يكون قوياً، بالمعنى الميثاقي الذي تفهمه بكركي. ويُفهَم من بعض المصادر أنّ «حزب الله» يريد رئيساً وفق المعادلة الآتية:

– «الحزب» هو الذي يختار الإسم.

– تيار «المستقبل» يوافق عليه.

– المسيحيون لا يعترضون عليه، ولا سيما البطريركية المارونية، لأنه ليس معادياً لها… وهو أفضل من إستمرار الفراغ.

لذلك، ترك «الحزب» لحليفه المسيحي أن يفتح الخطوط مع الحريري، فيَغرق في المكان غير المناسب، ثم يحترق، فيما «الحزب» يرتاح من «النقّ»، ومن التهمة التي تلاحقه منذ «الدوحة» بأنه تخلّى عن عون لمصلحة «التوافقي» ميشال سليمان. والمهارة تكمن في إقناع عون بعدم الترشُّح في وجه الدكتور سمير جعجع، وإنتظار الظروف ليتم التوافق عليه. وهذا يعني الإنتظار إلى ما لا نهاية.

كذلك تكمن المهارة في إقناع عون بأنّ لا قدرة لـ»الحزب» في جلب الرئيس نجيب ميقاتي والنائب وليد جنبلاط ووسطيين آخرين ليؤمِّنوا نصاب الـ86 نائباً ويقترعوا لعون بالـ65 صوتاً، مع العلم أنّ هؤلاء لا يتموضعون خارج إرادة «الحزب» عندما يُفهِمُهم بأنّ الأمر يتعلّق بـ»مصالحه الحيوية».

وفوق كلّ شيء، تكمن المهارة في إستمرار الإحتفاظ بولاء عون في السرّاء والضرّاء.

ويترسَّخ الإقتناع بأنّ «حزب الله»، لو أراد أن يكون عون رئيساً للجمهورية لكان اليوم كذلك. فإنتخابه كان متوافراً في الدورة الثانية من الجلسة الأولى، في 23 نيسان. فبعض أصوات الوسطيين كانت كافية لتأمين وصول «الجنرال» الحالم بالقصر. لكنّ تهريب النصاب كان شديد التعبير له وللذين يحبون أن يفهموا.