Site icon IMLebanon

عون والحريري إلى «الصفقة».. وإلا فالفراغ؟

عسيري لـ«السفير»: لن نسمّي.. وأهل مكة أدرى بشعابها

عون والحريري إلى «الصفقة».. وإلا فالفراغ؟

كتب المحرر السياسي:

لا أحد مستعدٌ للمغامرة أو المقامرة. النزول إلى المجلس النيابي واجب، لكن الدخول إلى قاعة الهيئة العامة، دونه حسابات دقيقة جداً، فالنصاب يعني الانتخاب، والانتخاب يعني التسوية، والتسوية تعني تقديم تنازلات، والتنازلات تقود إلى الإتيان برئيس مقبول من المعسكرين الآذاريين.

في «بروفة» الدورة الأولى، عرض الكل عضلاتهم وأحجامهم. نال سمير جعجع أقصى الممكن (48 صوتاً)، ولو أن «جهازه» ما زال يبحث عن صوتين ضائعين. خصمه وحليفه أمين الجميل يستطيع أن ينال 55 صوتاً، إذا التأمت جلسة الأسبوع المقبل، بلا سعد الحريري وعقاب صقر. حسبها أهل «الصيفي» جيداً، وأدخلوا في دفاترهم ميشال المر ونائلة تويني، ولم يقفلوا رهانهم على استدراج الثلاثي الطرابلسي نجيب ميقاتي ومحمد الصفدي وأحمد كرامي، ولو أن هؤلاء يرددون أنهم سيصوتون لهنري حلو في ضوء عدم توفر نصاب التسويات الرئاسية.

صارت أصوات المعسكرين متعادلة: 57 لكل منهما والقدرة على الخرق من هنا أو هناك متعذرة.. وبقية الأصوات مجيرة للكتلة الوسطية التي أثبتت حضورها، وهي قادرة فقط بثمانية أصوات منها، على حسم النتيجة لمصلحة هذا أو ذاك من المتعادلين، لكن نصاب الثلثين الإلزامي للحضور، لا يمكن أن يحصل الا بتسوية كبرى، لم تنضج ظروفها حتى الآن.. إلا إذا كنا على عتبة موسم انقلابات سياسية لا يبدو أن أحداً، في الداخل أو الخارج، في واردها حتى الآن.

بهذا المعنى، أدى سمير جعجع خدمته ونال مراده، وها هو أمين الجميل يكاد يكون ممتلئاً ثقة بأنه لو تسنى له خوض الاختبار ذاته، لجمع أكثر من أصوات معراب، أما بقية مرشحي «14 آذار»، وأبرزهم بطرس حرب وروبير غانم، فلا بأس أن يقدما نفسيهما مرشحَي وفاق نظري لا يمكن صرفه في صناديق موسم العام 2014.

[ [ [

الحسابات مختلفة في الرابية. فالخيارات تضيق هناك، و«الجنرال» ميشال عون يتصرف وكأنه يخوض آخر معاركه. لا تعوّض الرئاسة الأولى لا زعامة مارونية ولا زعامة تيار ولا رئاسة كتلة ولا مغريات من نوع «صانع الرؤساء». بالنسبة اليه، صار مسك ختام السيرة والتجربة والرحلة أن يحمل لقب «صاحب الفخامة». الرجل «يعيشها» وثمة أيام قليلة ليظهر الخيط الأبيض من الأسود.

موسم الثلج الذي ما يزال يغمر «بيت الوسط»، يفترض أن ينتهي ظهر الأربعاء المقبل، وفق تقديرات مرصد الرابية. بعدها يذوب الثلج «ويبنى على الشيء مقتضاه». فاذا صدق الوعد الحريري، فإن ميشال عون سيرتدي البذلة البيضاء قبل الخامس والعشرين من أيار، وها هي أبرز عناوين خطاب القسم باتت جاهزة، ومن يرغب بالتهنئة، فأهلاً وسهلاً به في السادس والعشرين من ايار في قصر بعبدا.. ولا بأس أن يتولى قياديون في «التيار» مواقع استشارية في القصر، من إعلامية وديبلوماسية واقتصادية وقانونية. الملفات جاهزة على طاولة «الجنرال».. «والأولوية لدك حصون بعض مغارات الفساد التاريخية».

ووفق مرصد الرابية، فإن الحريري «صادق في تعهداته.. والرجل ينتظر موافقة المملكة (السعودية)، فإذا جاءه الجواب، فسيبلغ قراره لكل حلفائه».

إذا أخذنا هذا الكلام على محمل الجدّ، فإن سعد الحريري قاب قوسين أو أدنى من انعطافة سياسية استراتيجية، عنوانها الكبير تبني وصول ميشال عون إلى سدة رئاسة الجمهورية.

قبلها، كان الحريري معنياً بالوفاء بالتزامه مع جعجع في الدورة الأولى، وصولاً الى القول إن المعادلة القائمة حالياً هي الآتية: إما ميشال عون أو مرشح «14 آذار».. أو الفراغ.

فاذا كان «حزب الله» لاعتبارات متصلة بموازين القوى اللبنانية والسورية والإقليمية ليس مستعداً لأصل البحث في امكان وصول مرشح من «المعسكر الآخر»، سواء أكان اسمه سمير جعجع أم أمين الجميل أم غيرهما، يصبح السؤال: هل ثمة قوة دفع دولية وإقليمية في اتجاه الإتيان بميشال عون رئيساً للجمهورية تفادياً للفراغ.. وما هي الفاتورة التي سيدفعها «فخامة الجنرال» أولاً وحليفه «حزب الله» ثانياً وما هي المكاسب التي سيحققها هو وحليفه. وفي الوقت نفسه، أية فوائد سيجنيها سعد الحريري، على حساب تضحيته بـ«مرشحه».. لا بل بـ«قوى 14 آذار» مجتمعة؟ وهل يستحق خيار كهذا كل هذه التضحيات، وكيف يفسر لجمهوره أنه كان مستعداً قبل تسع سنوات لاعتزال السياسة وهجرة لبنان لو فرض عليه أن يضع يده بيد «الجنرال».. ولم يكن الأخير قد غادر بعد ساحة «14 آذار»؟

يقود ذلك الى نقاش من نوع آخر: أين الأميركيون تحديداً من هذه الخيارات؟ وهل الأمر متصل بما يجري من مفاوضات إقليمية قد تصل الى حد اجراء مقايضات في ساحات عدة، بينها لبنان؟

في واشنطن، وعلى ذمة مصادر واسعة الإطلاع، تكرر الادارة الأميركية موقفها التقليدي: «ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها الدستوري وتفادي الفراغ بأي ثمن لأن مردوده سيكون سلبياً على أوضاع عدة. كثيرون راهنوا على أن اللبنانيين أعجز من أن يستطيعوا تأليف حكومة جديدة وأعجز من التفاهم على بيان وزاري وإجراء أية تعيينات.. ولكن الحكومة تشكلت وصدر بيانها الوزاري وجرت خطوات سياسية وأمنية كان مردودها إيجابياً. بقي عنصر مهم جداً وهو انتخاب رئيس جديد للجمهورية. ننظر بإيجابية الى مسار الجلسة الأولى، ونعول على المضي في هذا المسار».

تضيف المصادر نفسها: «كل ما ينسبه بعض الاعلام اللبناني عن حماسة أميركية لهذا المرشح أو ذاك ليس صحيحاً.. حتى الآن ما زلنا على الحياد ونفضل أن يثبت اللبنانيون العكس لمن يراهنون على عجزهم عن انتخاب رئيس لهم».

وتتابع: «برغم وجود حكومة لبنانية فاعلة حالياً.. فإن انتخاب رئيس جديد للجمهورية، هو أمر داهم وعلينا أن نعمل سوية من أجل حماية مسار الاستحقاق الرئاسي. على هذا الأساس، من المفترض أن يقوم نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى لاري سيلفرمان بزيارة باريس قريباً لاستكمال البحث في الموضوع الرئاسي وكذلك في صفقة السلاح الفرنسي للجيش اللبناني، من دون إغفال حقيقة وجود قنوات مفتوحة بين الفرنسيين والإيرانيين، وكذلك بيننا وبين الإيرانيين».

ماذا يقول السعوديون، خصوصاً في ظل ما ينسبه البعض من معطيات عن انتظار «كلمة السر» السعودية في الشأن الرئاسي؟

يقول سفير السعودية في لبنان علي عواض عسيري الموجود حالياً في الرياض إن بلاده لم تسم في كل تاريخها رئيساً لأية دولة «وهناك مثل مشهور عندنا يقول إن أهل مكة أدرى بشعابها.. واللبنانيون وحدهم يعرفون من هي الشخصية التي يمكن أن تقود لبنان وسط التحديات الإقليمية الكبيرة حالياً، وبالتالي أي خيار يجب أن يكون خياراً لبنانياً صرفاً ومن صنع اللبنانيين وحدهم».

وحول ما يُشاع عن انتظار «كتلة المستقبل» من ستسمّيه المملكة رئيساً، يقول عسيري لـ«السفير»: «بكل وضوح، نحن لا نتدخل في الشأن الرئاسي اللبناني ولا في أي شأن لبناني آخر. «كتلة المستقبل» هي كتلة لبنانية وازنة ومن حقها أن تختار من تشاء. أما نحن في المملكة، فلا نتدخل لا مع «المستقبل» ولا مع أي من الكتل والقيادات اللبنانية الأخرى».

وحول بعض المرشحين الذين يرددون أنهم حصلوا على تزكية سعودية، يجيب عسيري: «لم ولن تنطق أفواهنا بأية تزكية اسمية لأي مرشح معين لرئاسة الجمهورية في لبنان.. وهذا موقف واضح ولا تبديل فيه نهائياً».