عون يلعب ورقة «الإقليم المسيحي» .. وتمسك ماروني بالطائف
تحذير من حرب مخيمات جديدة: قتيلان في شاتيلا
أبعد من مطالبة النائب ميشال عون بتعديل دستوري يقضي بانتخاب رئيس من الشعب في مرحلة تأهيلية على مستوى مسيحي وفي مرحلة تقريرية على مستوى وطني، وتعديل قانون الانتخاب بحيث تنتخب كل طائفة نوابها لتحقيق المناصفة التي نص عليها الطائف، من وجهة نظر العماد عون، كان السؤال: ماذا يريد النائب عون من طرحه الجديد، وما هي الاحتمالات التي من المرجح أن يدفع إليها البلد في مرحلة بالغة التعقيد، ليس في لبنان وحسب، بل في المنطقة العربية، لا سيما الدول ذات التأثير على لبنان: سوريا والعراق وصولاً الى الأردن ودول الخليج؟
وبصرف النظر عن الردود الرافضة للمقترح العوني، بشقيه الرئاسي والنيابي، لا سيما على الصعيد المسيحي، حيث لم يخرج موقف واحد مؤيد من خارج التكتل الذي يرأسه، فضلاً عن بكركي التي تمر علاقة عون معها بأوضاع حرجة، فإن مرحلة من الغموض دخل فيها المسار الرئاسي، فضلاً عن العلاقة بين المؤسسات وبين الطوائف اللبنانية.
وعبّر قيادي بارز في قوى 8 آذار عن مفاجأته بتوقيت الطرح العوني، لا سيما وأن الأولوية معطاة اليوم للاستقرار السياسي في البلاد، وتوفير الغطاء للأجهزة الأمنية للقيام بمهامها الصعبة والمعقدة في ضوء معلومات تتزايد عن تحوّل البلد الى هدف للمجموعات المرتبطة بتنظيم «داعش»، خصوصاً بعد مبايعة «لواء أحرار السنّة» لأبو بكر البغدادي الذي أعلن «خليفة» قبل يومين.
وتفيد التقارير الأمنية أن المجموعات التي ما تزال تعمل في بعض المناطق في القلمون السورية وتتحرك بحرية بين لبنان وسوريا، تحضّر سيارات مفخخة، فضلاً عن انتحاريين تجاوز عددهم العشرين، مكلفين بتوجيه ضربات كبيرة في الضاحية الجنوبية والمقرات الرسمية للأجهزة الأمنية والسفارات والوزارات.
وكشفت أوساط إعلامية قريبة من 8 آذار أن الجيش السوري النظامي عثر على سيارتين مفخختين في القلمون تحملان لوحات لبنانية، فيما تداولت وسائل التواصل الاجتماعي معلومات عن تحذيرات أمنية عن سيارتين مفخختين تستهدفان الضاحية الجنوبية وأحد المقرات الأمنية في بيروت، بالإضافة الى قرى شيعية في البقاع.
وتابعت الأجهزة الأمنية بقلق تكرار الحوادث في عدد من المخيمات الفلسطينية، فبعد المداهمات في البداوي والاشتباك الذي حصل ليل أمس الأول في عين الحلوة، على خلفية رفع أحد العناصر علم «داعش» في المخيم، أدى إطلاق نار في محيط مخيم شاتيلا الى اشتباك سمع صداه في أرجاء العاصمة، وأدى الى مقتل عضو اللجنة الأمنية في المخيم وائل الشعار الملقب «بالطل»، كما قتل شخص آخر هو جميل العيساوي ـ1941).
وعزت مصادر فلسطينية مطلعة سبب الاشتباك الى إقدام شخص محسوب على مسؤول في «سرايا المقاومة» وهو بلال الزير على إطلاق النار على الشعار في محيط محطة الرحاب.
ووفقاً لهذه المصادر أن سرعة الاتصالات ادت، بعد وصول وحدات من الجيش اللبناني الى منطقة الاشتباك الى ضبط الأوضاع، وإفشال مخطط جديد كان يرمي الى تفجير الوضع في الحي الغربي الواقع بين مخيم شاتيلا والمدينة الرياضية، والتفجير كان يرمي الى إحداث فتنة تتعدى الخلاف السنّي – الشيعي، الى فتنة فلسطينية – شيعية.
وأكدت المصادر أنه تتواجد في المخيم عناصر من جنسيات عراقية وسورية وكردية وآسيوية، فضلاً عن اللبنانيين والفلسطينيين.
وجرت سلسلة لقاءات فلسطينية – لبنانية انتهت برفع الغطاء عن الزير ذي السوابق المعروفة في المخيم.
وأوضحت المصادر أنه أثناء اجتماع اللجنة الأمنية في المخيم، ألقيت قنبلة عند مدخل المخيم، وقد كلفت الجبهة الشعبية – القيادة العامة الاتصال بقيادتي حركة «أمل» و«حزب الله» لمتابعة الوضع ومنع تفاقمه.
يذكر أن شاكر البرجاوي نفى أن يكون الزير محسوباً عليه.
تداعيات الاقتراح العوني
الأبرز على صعيد رفض المقترح العوني، جاء من القيادات المسيحية والمارونية، ولا سيما من حزبي الكتائب و«القوات اللبنانية»، فضلاً عن الوزير بطرس حرب والنائب مخايل الضاهر، والنائب السابق انطوان اندراوس الذين اعربوا عن أن اقتراح عون يأتي في خارج سياقه، لا من الناحية السياسية ولا من الناحية الدستورية، ويهدد اتفاق الطائف والمناصفة ويخضع النظام للكتلة العددية، ويطيح بانتخابات الرئاسة أقله في هذه المرحلة.
وأبلغ قطب ماروني «اللواء» أن مبادرة عون مرفوضة ولا تعدو كونها مناورة لإشغال اللبنانيين بملف عقيم طرح أكثر من مرّة، وتم رفضه من القيادات المسيحية، وكأن المطلوب هو ملء الفراغ الرئاسي بمناورات سخيفة من هذا النوع.
اما اسلامياً، فعدا عن وصف الرئيس نجيب ميقاتي طرح عون بأنه «انقلاب فعلي على الدستور»، شدّد عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري لـ «اللواء» بأن الاقتراح يضرب اتفاق الطائف والدستور، ويعيدنا إلى العددية التي اوقفناها في الطائف، ويحوّل النظام البرلماني إلى نظام رئاسي، لافتاً النظر الى اننا حالياً في دور انعقاد استثنائي، ولا يجوز تعديل الدستور الا في دورة انعقاد عادية تبدأ في أوّل ثلاثاء يلي 15 تشرين الاول المقبل، وبالتالي لا امكانية دستورية للسير به.
وإذ فند اقتراح عون عبر سلسلة مقابلات تلفزيونية واذاعية، أبدى حوري اعتقاده بأن اقتراح عون نوع من هجوم معاكس، يُشكّل خطراً على لبنان.
واعتبرت مصادر وزارية في قوى 14 آذار أن مبادرة عون جاءت نتيجة بلوغه مرحلة اليأس من توافر حظوظ وصوله إلى قصر بعبدا، ما حمله على طرح المبادرة – المخرج بالنسبة إلى وضعه الراهن، خصوصاً انه لم يحصل على اجابات لطالما انتظرها من تيّار المستقبل وإشارات خارجية لم تصل قرّر في ضوئها تقديم جديد قد يشكل مخرجاً للوضع القائم أو يتبناه الرئيس المستقبلي.
وأوضحت أن طرحه غير قابل للحياة في الظرف الراهن، ما دامت معظم القوى السياسية وخصوصاً فريق 14 آذار، مصرة على اجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية، على رغم المعلومات المتداولة عن إمكان التمديد سنة أو سنتين للمجلس الحالي الممدد له.
في غضون ذلك، وزّعت الأمانة العامة لمجلس الوزراء جدول اعمال جلسة الخميس على الوزراء والذي تضمن 119 بنداً غالبيتهم نقل اعتمادات، والسماح لعدد من الجامعات باستحداث كليات وفروع لها، وكذلك التجديد لتراخيص عدد كبير من المحطات التلفزيونية.
وأكدت مصادر وزارية أن ملف التفرغ في الجامعة اللبنانية ما زال في إطار التجاذب، وأن سلسلة الرتب والرواتب لا تزال في الحلقة المفرغة حيث لا معطيات تؤشر إلى إمكانية التوافق عليها في وقت قريب.
وكشف وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب لـ «اللواء» انه سيعيد طرح ملف الجامعة اللبنانية خلال الجلسة التي سيعقدها مجلس الوزراء بعد غد الخميس، وقال: «على الرافضين لبت هذا الملف ان يبرروا موقفهم، معلناً أن ما من شيء جديد حوله».
واضاف: «لقد طرحت ما توافق عليه الجميع، بمن فيهم من سجل اعتراضه، وهناك موافقة خطية على ذلك، والعرقلة أتت من تيّار «المستقبل» الذي كان لديه مطلب معين، فتقدمت بطرح بهدف تلبية رغباته الا انه بدّل رأيه، مبرراً ذلك أن الطرح لم يأت كما يريد.
وأعرب بو صعب عن اسفه للحال الذي وصل إليه هذا الموضوع ولما يجري اليوم في الجامعة اللبنانية.
وجاء هذا الموقف في وقت بدأ فيه أساتذة الجامعة اضراباً تحذيرياً يستمر حتى نهاية الأسبوع، في حين ردّ تيّار «المستقبل» على الوزير، مشيراً إلى أن اعتراضه على الملف لأن الصيغة التي طرحها بو صعب لا تؤمن التوازن بين الأطراف وتصيب حق طرف أساسي من الأطراف اللبنانية بالغبن، مؤكداً تمسكه بتلازم إقرار ملف التفرغ مع اقرار ملف تعيين العمداء، مبدياً انفتاحه على النقاش مع المعنيين لإقرار الملفين المتلازمين على قاعدة تأمين التوازن.