اوحى كلام الرئيس السابق العماد ميشال سليمان عن الاصلاحات المرجوة في الدستور اللبناني، ان الغاية الاساسية منها اعطاء رئيس الجمهورية حق حل مجلس النواب في حال تكريس النزاع بينه وبين رئيس مجلس النواب، فضلا عن ان اي رئيس جمهورية لن يكون بوسعه الحكم الجدي الا بعد انسجامه مع مبادئ النظام الديموقراطي، وهو ما سبقت الاشارة اليه في مقترحات الرئيس سليمان لتعديل الدستور، وصولا الى سلة مطالب في مقدمها تجنب حصول نزاع سني – شيعي بحسب ما هو حاصل الان بين تيار المستقبل مدعوما بقسم من موارنة حزب القوات اللبنانية، والعكس صحيح بالنسبة الى الصراع الشيعي العائد الى تفاهم حزب الله مع التيار الوطني – وتكتل التغيير والاصلاح بزعامة ميشال عون الذي يتطلع الى سلة حكم متكاملة بين يديه، من النوع الذي يطالب به رئيس حزب القوات سمير جعجع!
وفي مقابل كل ما تقدم، «اعطاء رئيس الجمهورية الحق في اعادة الاستشارات النيابية تمهيدا لتأليف الحكومة في حال كانت نتائج الاستشارات النيابية تمهيدا لتأليف الحكومة في حال كانت نتائج الاستشارات الاولى غير مؤاتية» لمستشاررئيس الجمهورية ووجهة نظره في الحكم، حتى وان كان المقصود اعادة البحث مجددا في الدستور اللبناني ككل، انطلاقا من حق رئيس الجمهورية حيازة دور فاعل في السلطة التنفيذية وهذا من الصعب الوصول اليه قبل ان تتطور الامور بالاتجاه الذي يكفي لوضع قانون انتخابات نيابية تمهد لاجراء التعديل المرجو قبل البحث في حق سحب الثقة من الحكومة، وثمة من يجزم بأن لقاءات الرئيس سعد الحريري مع العماد عون توصلت الى تحديد جانب مما هو مرجو تمهيدا لوضع سلة متكاملة من المطالب التي اتى الرئيس سليمان على ذكرها، مستفيدا من تجربة السنوات الماضية، وهذا ما سبقت الاشارة اليه في مذكرة الرئيس سليمان الى الامانة العامة لمجلس الوزراء!
ومن ضمن ما هو مطلوب، بحسب مذكرة الرئيس ميشال سليمان، تحديد مهلة دستورية واضحة للسلة المطلبية من شأنها توقيع المراسيم الصادرة عن مجلس الوزراء، اسوة بالمهل الدستورية المطلوبة من رئيس الجمهورية في معرض ممارسة صلاحياته من ضمنها المادتان 56و 57 من الدستور، بما في ذلك تعديل الاكثرية الواجبة الاعتماد في مجلس الوزراء من خلال منح الرئيس صلاحية التركيز على ما يهدف اليه سندا الى المادة 56 من الدستور!
وفي عودة الى ما هو مرجو من اصلاح دستوري، جاء في مذكرة الرئيس سليمان ما يفهم منه انه سلة مطلبية متكاملة يستحيل العمل بنصفها قياسا على دور رئيس الجمهورية في مجال ما هو مطالب به، من غير حاجة الى القول ان البلد بصدد اعادة تأسيس دستوره وانظمته، بحيث تصبح الاكثرية النيابية الواجب اعتمادها ثلثي عدد النواب وليس الاكثرية المطلقة.
واذا كان ثمة من يرى في كل ما تقدم خطوة في مصلحة العماد ميشال عون، فان هناك خطوة اخرى من الصعب القول انها ليست في مصلحة الدكتور سمير جعجع، كونه مطالب بالاسهام في ما هو مرجو لمصلحة الرئاسة الاولى بنسبة ما هو مرجو من العماد عون، وصولا الى تحديد الحالات التي يفقد فيها كل من مجلس النواب ومجلس الوزراء شرعيته لمخالفته الفقرة «ي» من مقدمة الدستور، الى ما هنالك من تدابير دستورية لاعادة تكوين المؤسستين من ضمن ابراز التعديل المرجو من جانب معظم المسيحيين، من غير حاجة الى القول ان المسلمين لن يكونوا مطالبين بدور اساسي في تحقيق سلة المطالب الانفة الذكر (…)
من هنا بالذات، جاء تأخر العماد عون في اعلان ترشحه، لان المرحلة تتطلب منه ادراك اوسع سلة مطلبية من التفاهم مع حلفائه الشيعة وصولا الى تفاهم مماثل مع حلفاء جعجع، اي تيار المستقبل، الامر الذي جعل جعجع يتهيب الخوض في مؤتمر تأسيسي يمكن ان يجمع المسلمين حول عون، نظرا لاضطرار الجميع الى ما يسمح لهم الخروج من نفق الازمة، فضلا عن ان المخارج المرجوة تحتاج الى دور مطلبي واساسي من الجميع بمعزل عن التعقيد المتعارف عليه؟!
السؤال المطروح: هل بوسع البلد انتظار مؤتمر تأسيسي يخلص الى سلة تفاهم بحجم ما هو مرجو مثل الانتخابات النيابية وانتخاب رئيس جمهورية ومن ثم تشكيل حكومة تنشط على اساس اعادة بلورة ما هو مرجو لاحياء دستورية الدولة وقوانينها وانظمتها مرة واحدة ونهائية، وكي لا يتكرر الفراغ في هذه المؤسسة او تلك مثلما هو حاصل الان بالنسبة الى مجلس النواب الممدد له، وبالنسبة الى الرئاسة الاولى التي تعاني من فراغ دستوري لتعذر جمع مجلس النواب على مرشح رئاسي واحد.