على عتبة عيد المقاومة والتحرير.. يتربع المتربصون شرا بلبنان في احضان خلافاتنا وانقساماتنا…هدف هؤلاء الاول والاخير تمييع القضية الوطنية بامتياز والتقليل من حجم الانجاز الذي حققه المقاومون والشهداء بدحر العدو الصهيوني والحفاظ على لبنان «سيدا – حرا – مستقلا»…
في القاموس الوطني… ورغم كثرة الخلافات، تبقى المقاومة نهج حياة وخطا احمر لا يمكن تجاوزه… اختلاف البعض مع «حزب الله» او بالعكس في الموضوع السياسي حق مشروع اذا كان تحت سقف الممارسة الديمقراطية التي تكفل حرية التعبير، الا ان الذهاب بعيدا في تفسير مفهوم المقاومة بعد تحقيق النصر في «2000-2006» قد يدفع بالبلد من حيث يدري هؤلاء او لا يدرون الى المزيد من الانقسامات والتوتيرات المذهبية وسيؤدي حكما الى نمو خلايا ارهابية تقتات على هذا الاختلاف…
من وجهة نظر فريق من اللبنانيين، يبدو مشروعا المطالبة بحل المقاومة وتسليم سلاحها ودمجها بالدولة… من وجهة نظر فريق آخر، تختلف المقاربة تحت عنوان عدم التفريط بالمقاومة التي حررت بدم الشهداء وعذابات الجرحى الجنوب اللبناني وسطرت بطولات في وجه ما كان يسمى باقوى جيوش المنطقة..
ما لا يجوز في هاتين النظرتين الى المقاومة تحويلها الى مجرد وجهة نظر دون تعزيز اطر التقارب بين الفريقين المختلفين… حبذا لو كان الشهيد رفيق الحريري حيا في زمننا هذا.
قد يكون من الواجب تنبيه المقاومة الى ان التسليم برفض الاخر لمفاهيمها وممارساتها لا يمكن ان يؤمن لها الاستمرارية المطلوبة تحت جناحي الجيش والشعب.. فحفظ التوازنات الداخلية التي تراعي بالحد الادنى هواجس الاخر بعيدا عن مدى صحتها واحقيتها والخلفيات التي تاتي منها يبقى هو السلاح الاقوى الذي يمكن ان يعزز حضور المقاومة داخليا وخارجيا..
هنا تحديدا، قد يكون من حق المقاومة سؤال الاخرين اين اخطات حتى تتعرض لهذا الكم الهائل من المضايقات والتجريحات، وقد يكون من حق بيئتها الحاضنة استغراب كيفية رفض اي انسان وطني لهكذا مقاومة طالما ان شرائع الارض والسماء اجازت مقاومة الاحتلال ورفعت من شان هؤلاء في الدنيا والاخرة…
قد يكون ايضا من حق الفريق الاخر وبيئته التوجس من مقاومة تخطت قوتها محيطها اللبناني والاهم انها باتت للاسف تشكل راية لمذهب لبناني واحد بالاخص الا وهو الشيعة.
اذا اردنا الحفاظ على المقاومة وصونها.. تكون كل هذه التساؤلات مشروعة…
ويكون من واجبنا مطالبتها بمحاولة طمانة الاخرين قدر المستطاع من خلال وضع خطة مناسبة لجلب هؤلاء الى بيئتها وتحويلهم الى شركاء حقيقيين تحت سقف الوطن… والتاسيس على هذه الشراكة للدفع باتجاه اعادة بناء هيكل الدولة والادارة ومحاربة الفساد واعداد بنية سياسية وعسكرية لاستيعاب قوة المقاومة…
في عيد المقاومة والتحرير المطلوب لتعزيز هذا الانجاز الوطني وحفظ المقاومة اعادة مد جسور التواصل بين الجميع…
ولعل اكثر المقصودين بهذا الجميع هم «السنة والشيعة»… لقد اثبتت التجربة ان تكاتف الجناح المسلم تحديدا في لبنان هو البوصلة التي تضمن الاستقرار، والحكومة هي الدليل الحي على اهمية هذا التواصل والتكاتف للعبور بالوطن فوق الغام الفتنة والفرقة المذهبية والسياسية والطائفية…
وألف تحية لشهداء المقاومة.