Site icon IMLebanon

فخامة الحكومة

يتعيّن على اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين أن يعتادوا العيش بعد اليوم بدون فخامة الرئيس، بعدما حلّت الحكومة محلّه، واستولت بقوة الدستور على كل صلاحياته لإدارة شؤون البلاد والعباد، وبات من حقها أن تنادى بفخامة الحكومة بكل ما تعنيه هذه العبارة بالنسبة الى اللبنانيين عامة، وإلى المسيحيين والموارنة تحديداً بصورة خاصة.

لأن الثابت حتى الآن وبالاستناد الى كل المعطيات المحلية والدولية، ولا سيما بعد صدور بيان مجلس الأمن الدولي أنه لا يوجد في الأفق المنظور ما يشي ولو بخجل بإمكانية تذليل كل العقبات القائمة وإنتاج رئيس جديد للجمهورية يستعيد صلاحيات الرئاسة من يد الحكومة ويطمئن المسيحيين الى أن الخطر على الرئاسة الأولى قد زال وأن الأمور عادت الى وضعها الطبيعي أي الى اتفاق الطائف الذي كرّس الرئاسة الأولى للمسيحيين والرئاسة الثانية للطائفة الشيعية والرئاسة الثالثة للطائفة السنّية من دون أن تتعدى إحداها على الثانية أو الثالثة بل يحترم الجميع الى جانب التوازن في السلطات الثلاث والتعاون الذي يحفظ الدولة، ويحافظ على ميثاق العيش المشترك.

فالإتفاق على انتخاب رئيس جديد ممنوع لبنانياً، وبات مقبولا دولياً أن تحل محله الحكومة الحالية التي تضم جميع المكوّنات والاتجاهات اللبنانية، وأثبتت خلال الفترة القصيرة قدرتها على ضبط الأمن، والنأي بلبنان عن الخضات الأمنية التي يخشى عليه منها المجتمع الدولي، وقد عبّرت كل الدول عن حرصها على الاستقرار الأمني ولو لم يتوصل اللبنانيون للاتفاق على انتخاب رئيس لهم ضمن المهلة الدستورية، أو بعد مدة قد تطول أو تقصر حسب موازين القوى الداخلية التي حالت حتى الآن دون التوصل الى انتخاب الرئيس أو الى إنتاج رئيس يجمع الصفوف المنقسمة عامودياً ويعيد الاعتبار للدولة وللنظام الديمقراطي الآخذ بالتلاشي والانحسار تحت وطأة اللهاث وراء رئاسة الجمهورية بأي ظرف وبأي ثمن.

وعلى الذين يؤمنون بالمعجزات ويراهنون على تكرار المعجزة التي أنتجت حكومة المصلحة الوطنية، بعد مرور احد عشر شهراً من شد الحبال أن لا يتفاءلوا كثيراً بإمكان حصول معجزة تنتج رئيساً جديداً للجمهورية لأن زمن المعجزات قد ولّى الى غير رجعة ولأن الظروف الداخلية والإقليمية والدولية التي تحكم اليوم وغداً وبعد غد مسار الاستحقاق الرئاسي ليست هي نفسها الظروف التي أنتجت حكومة المصلحة الوطنية وهيّأت لها كل ظروف النجاح سواء على الصعيد الأمني أو على صعيد التعيينات أو على غيرها من الصعد، والتي تجعل منها أفضل حكومة مرّت على لبنان في العقود الثلاثة الماضية لولا أزمة النازحين السوريين التي هي أكبر منها وتحتاج الى دعم المجتمع الدولي لكي تتفادى هذا القطوع الخطير على المجتمع والأخطر على الوضع الأمني والاستقرار الاجتماعي.

ولأن لا رهان بعد الأن على المعجزات فإن كل التقديرات تؤشّر الى أن فخامة الحكومة باقية بموافقة إقليمية ودولية مدة قد تطول الى آخر السنة وربما الى أبعد من ذلك بكثير.