هذه هي خلاصة الموقف اليوم: ان الفراغ على مستوى منصب رئاسة الجمهورية سيطول بسبب التعطيل المتمادي الذي يمارسه كل من الجنرال ميشال عون و”حزب الله”. الاول لانه يتوهم ان الفراغ والازمة التي ستنتج منه ستوصله رغما عن نصف اللبنانيين على الاقل الى الرئاسة، والثاني لانه يستفيد من تعرض منطق الدولة لمزيد من التجويف، ويستغل بفرح عارم “هوس” بعض القادة السياسيين الذين لا ينظرون الى ابعد من انوفهم!
وامعانا في اضعاف المسيحيين، ولاسيما الموارنة بتواطؤ من بعضهم، يشن “حزب الله” حليف “شارون العرب” في سوريا حملة على البطريرك بشارة الراعي بداعي توجهه الى الاراضي المقدسة، ولقائه اللبنانيين اللاجئين في اسرائيل بحجة انهم عملاء وخونة، فيما تعتبر اغلبية اللبنانيين انه جرى استنساخ شارون وبيغن وشامير في سوريا ولبنان ايضا. وفي لبنان واكثر منه في سوريا شعب كبير يسأل عن الفارق بين ارهابي اسرائيلي يدمر مخيم جنين على اهله، ورئيس عربي يدمر حمص وحلب وريف دمشق وادلب ودرعا ومئات المدن والبلدات بالبراميل المتفجرة؟ وما الفارق بين ارهابي اسرائيلي يبقر بطون الحوامل في دير ياسين ورئيس عربي يقتلع حناجر الناس ويغتصب نساءهم وبناتهم؟ وما الفارق بين اسرائيلي قتل من السوريين عشرات المرات اقل مما قتل رئيس وحلفاؤه من لبنان وايران؟
وما الفارق بين ديموقراطية اسرائيل ذات الفصل العنصري، وديموقراطية نظام وحلفائه قتلوا من السوريين اكثر من مئة وسبعين الفا، وتجمع سجون التعذيب اكثر من مئتي الف مواطن ومواطنة؟
رب قائل ان ما افتعله نظام بشار الاسد وحلفاؤه وفي مقدمهم “حزب الله” لن تبلغ اسرائيل مستواه ولو بعد مئة عام. ورب قائل ان الاسرائيلي او الصهيوني هو تحديدا قاتل شعبه، ومعه قتلة ابناء جلدتهم في سوريا ولبنان والعراق وغيرها. ورب قائل ان من طالبوا البطريرك بالاعتذار عن زيارته الاراضي المقدسة والكلام الذي ساقه امام اللبنانيين هم الشارونيون الحقيقيون في هذا الشرق العربي!
والآن، بين عهر المستكبر على اهله، وغباء المتهالك على السلطة الواهية والمتلاشية، يتفتت الكيان ومعه الدولة المهترئة، ويقف اللبنانيون امام استحقاق مصيري لا تقلل من اهميته وخطورته كل مظاهر “الالفة” الحكومية الطارئة الناتجة عن قرار بالتهدئة لا حل للازمة المستعصية الضاربة الجذور في لبنان. ويتضح يوما بعد يوم ان خلو منصب الرئاسة على النحو الحاصل سيزيد عمق الازمة اللبنانية، وقد فوت بعض المسيحيين فرصة اخرى لاستنقاذ ما تبقى من لبنان كانوا ذات يوم روحه وعمقه.
قصارى القول، انه بتهدئة او بدونها فإن ازمة لبنان العميقة يفاقمها تمدد الحالة الشاذة المتمثلة بـ”حزب الله” والتي تستمد جزءا لا يستهان به من قوتها من قصر نظر البعض وهوسهم بالمجد الباطل والمال…