محاولات توظيف نتائج صراعات المنطقة بالإستحقاق الرئاسي تزيد من صعوبته وتعقيداته
فشل خيارات مرشّحي الصف الأول تحتّم البحث عن مرشّح مقبول من غيرهم
ترشّح قيادات الصف الأول من الزعماء الموارنة الأربعة الأساسيين يواجَه برفض واعتراض كل طرف لمرشّح الطرف المعارض له
تستبعد مصادر نيابية بارزة إنتخاب رئيس جديد للجمهورية فيما تبقى من المهلة الدستورية المحددة والتي تنتهي بعد أيام معدودة في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، برغم الحراك السياسي من هنا وهناك، وتصاعد وتيرة المواقف التي يطلقها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وغيره بهذا الخصوص، بسبب محاولة «حزب الله» وحلفائه وفي مقدمتهم زعيم التيار الوطني الحر النائب ميشال عون قطع الطريق على أي مرشح لمنصب الرئاسة الأولى لا يدور في فلك هذا التحالف أو لا يتآلف مع مسيرته وممارساته الشاذة التي تتعارض بمعظمها مع مصالح لبنان كدولة مستقلة ذات سيادة، أو يمكن أن يستكمل مسيرة رئيس الجمهورية الحالي ميشال سليمان الذي حرص على إنهاء ولايته بالإشارة الى الممارسات الخاطئة والإرتكابات التي يقوم بها «حزب الله» في الداخل اللبناني ضد مواطنيه وفي الخارج من خلال مشاركته بالقتال الى جانب نظام الرئيس بشار الأسد القاتل لشعبه.
وتشير هذه المصادر الى أن إنقضاء الأيام المتبقية على هذا المنوال من دون تحقيق أي تقدّم ولو كان بسيطاً باتجاه خرق الجمود الحالي، يؤشر الى دخول لبنان في مرحلة من الفراغ الرئاسي المحتوم قياساً على التحركات الجارية والمواقف المعلنة والمكتومة من كل الأطراف من دون استثناء، لأنه يبدو من خلال ما يحصل أن هناك إصراراً على الزج بمسألة الاستحقاق الرئاسي في لبنان ضمن الصراع الدائر في المنطقة العربية عموماً والسعي الحثيث من قبل أطراف التحالف الإيراني – السوري على أن يكون رئيس الجمهورية المقبل من صفوفه علناً كالنائب ميشال عون مثلاً الذي يتلطى حالياً تحت شعارات جديدة مستحدثة لم يعرفها قاموسه السياسي ابداً، كشعار المرشح «التوافقي» او «الانفتاحي» وما شابه تجاه خصومه وتحديداً «تيار المستقبل» لتبييض صفحته السوداوية والوصول الى سدة الرئاسة، او لتمهيد الطريق لوصول شخصية تؤيد هذا التحالف بالواسطة ومن تحت لتحت وبعض اسماء هؤلاء اصبحت مطروحة كخيار ثانٍ في حال فشل خيار ايصال عون لمنصب الرئاسة لاعتبارات ووقائع قد لا يمكن تخطيها.
وتلفت المصادر النيابية الى ان اشارات عديدة التقطت تؤكد ما يطرح من محاولات كي يكون لبنان من ضمن معادلة الصراع الدائر في المنطقة العربية ومساعي السيطرة على مواقع السلطة فيها من اطراف المحور المذكور، من بينها ما يقال علناً على لسان النائب سليمان فرنجية اكثر من مرة في الايام الاخيرة، او ما تردد من معلومات على لسان زعيم التيار العوني في لقاءات عقدها مع بعض المعنيين بالاستحقاق الرئاسي واشارته مراراً الى انه لا يمكن فصل مسألة الانتخابات الرئاسية بلبنان بمعزل عما يجري في المنطقة، وبالتالي ولا يمكن لاي مرشح آخر ان يجسد واقع هذا الصراع ومؤثراته غير النائب ميشال عون شخصياً لان باستطاعته كما قال لمقربين التأثير على اطراف التحالف الايراني السوري اكثر من غيره وتوظيف هذا التأثير في مصلحة لبنان ككل انطلاقاً من العلاقات الجيدة التي نسجها مع «حزب الله» ونظام الاسد على حدٍ سواء.
وفي اعتقاد المصادر المذكورة فإن هذه المواقف المعلنة والمتزامنة مع التعطيل المتعمد لجلسات انتخاب رئيس جديد للجمهورية، كلها تؤشر الى مسار صعب ومعقد للانتخابات الرئاسية قد تتخطى اطالة مسألة انجاز الانتخابات لاسابيع او اشهر، بل لتحويل هذا التعطيل الى فراغ دائم لا يمكن التكهن بنهايته وما قد ينتج عنه من تداعيات سلبية ان كان في ادارة السلطة او في اضعاف ما تبقي من مؤسسات الدولة وادارتها العاملة وتقليص هيبتها والخشية ان ينسحب هذا الواقع في النهاية اهتزازاً بالاوضاع الامنية التي باتت هاجساً يقلق المواطنين على اختلافهم ويؤثر سلباً على الأوضاع كافة بما فيها الاقتصادية والسياحية والمالية على حدّ سواء.
ولا تسقط المصادر النيابية من حساباتها أن تستكمل مسيرة تعطيل جلسات الانتخابات الرئاسية أو اي مساع لإنجاز الاستحقاق الرئاسي في ما بعد، بانتظار حصول الانتخابات الرئاسية في سوريا الشهر المقبل بالرغم من معرفة نتائجها المعلبة منذ الآن، وبعدها يمكن معرفة كيف ستتحرك الانتخابات الرئاسية وفي أي اتجاه بعدما تكون كل الاطراف قد استنفدت كل مساعيها وأصبحت خيارات اختيار المرشحين مفتوحة على مصراعيها بسبب تعذر اختيار أي من المرشحين المعلنين حالياً او المكتومين كالنائب ميشال عون مثلاً.
وتعتبر المصادر النيابية المذكورة أن ترشح قيادات الصف الأوّل من الزعماء الموارنة الأربعة الأساسيين تواجه برفض واعتراض كل طرف لمرشح الطرف المعارض له، الأمر الذي أدى إلى وضع مسألة الاستحقاق الرئاسي امام حائط مسدود وساهم بالإضافة إلى تداعيات الأزمة السورية وتطورات الصراع في المنطقة إلى زيادة الصعوبات والعقد القائمة في طريق الانتخابات الرئاسية أيضاً، ولذلك، وازاء هذا الوضع المعقد، فان انقضاء المهلة الدستورية المخصصة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية من دون انجاز هذا الاستحقاق المهم في مسيرة الدولة ككل، يجب ان تشكل حافزاً ضاغطاً لكل القيادات السياسيين والمسؤولين للانكباب بسرعة للبحث عن مخارج حلول بأقصى سرعة ممكنة تفضي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية لان الاستكانة مع الوضع القائم دون انتخاب رئيس للجمهورية قد تتحول الى تعايش قسري مع حالة الفراغ المضرة، ليس لفئة دون الاخرى، بل لجميع الفئات من دون استثناء وللبنان الوطن في النهاية، ولا بد من القيام بكل الجهود والمساعي اللازمة لتجنب الدخول في هذه المحنة المؤلمة.